بالاستفهام خطاب المرجعية يتساءل ويؤنب

آخر تحديث 2019-08-23 00:00:00 - المصدر: نون

بقلم: حسين النعمة
يخرج اسلوب الاستفهام الى دلالةٍ مجازية بلاغية عديدة تناولها خطاب المرجعية الدينية العليا في خطبة الجمعة المقامة في السابع من شهر ذي الحجة لسنة 1440هـ، الموافقة 8/8/2019م، بأنه جعلَ من الاستفهام وسيلة لمحاسبة المعنيين أمام كم المعاناة والاجحاف بالحقوق والتقصير إزاء الوطن والشعب والفرد العراقي وتأنيبهم على ذلك.
وبهذا الاسلوب البلاغي ذات الدلالات المجازية كان الخطاب بدعوة لمحاسبة انفسِهم أي: (اصحاب القرار)، وليس للتساؤل فقط!، لذا كانت الصور البلاغية لأسلوب الاستفهام مجملها حاضر، وبشكل تدريجي، حيث كانت تساؤلات سماحة السيد احمد الصافي صريحة وحادة على أصحاب القرار والحكومة العراقية وقد وضعتهم في زاوية صعبة، أمام محور تساؤلات مركزي، هو ان المواطن يشعر بالحيف ويطمح ويطمع بان تجاب، وبدأت تلك التساؤلات بالاستفهام عن راحة الشعب؟ وفيه اشارة عن البطء في الحركة والتوجه الى تحقيق هذه الموجبة على اصحاب القرار فهو استفهام استبطائي تعجبي لقوله: "أما آن الاوان ان نرتاح!!"، "هل هناك سقفٌ زمنيّ حتّى تُحلّ مشاكلُنا؟"، ثم انتقل الى الاستفهام الانكاري، فيتساءل عن المشكلة: "هل هي قلّة خيرات؟ هل هي قلّة عقول؟ هل هي لضيقٍ في المساحة؟"، ويستمر متدرجا الى مجاز استفهامي اخر هو التوبيخ، فيسأل عن "أموال البلد أين ذهبت؟!!"، بعدها يسأل عن الحل؟ بأسلوب مجازي يقال عنه في علم البديع الإتيان بلفظ البشارة في وضع الوعيد او موضع الاستهزاء، ثم يشير سماحته من خلال الإشارة مستفهما عن دراسة الشباب، وتفوقهم بالتذكير والتنويه عن سنوات تعلمهم وكدهم، وبالتالي الأحلام الطبيعيّة مفقودة في البلد؟!، ويتحول الى مجاز استفهام تحقيري عن نتيجة ما يسأله الشباب المتخرجين في مسيرتهم التعليمية وتنقلهم من معاناة الى معاناة بشكل يحقرهم ويقلل من عزيمتهم، وهم يعيشون حالة الفراغ المدمّرة، ثم يتساءل عن هوية المحافظات مستفهما بأسلوب التحضيض، لماذا لم يحافظ على الهوية؟.
وتساؤلات عن محاربة الفساد المستشري في مؤسّسات الدولة؛ المجازية باستفهامٍ تكذيبي، فهو يستفسر عن كذبة يعيشها العراقيون موجزة في عنوان (محاربة الفساد)، وكانت ختام التساؤلات في "متى ينتهي التعب؟.. هل من مجيب؟!" وهو استفهام تقريري، يريد من أصحاب القرار (الاقرار) بكل ما سببوه لهذا البلد وكل ما اُفسِدَ، وكل ما تسبب به من عيشةٍ ضنكة وألم ومعاناة لكل فرد عراقي.. وهنا يقفز هذا التساؤل هل سيقرون؟.
وبعد هذا الخطاب الموجه الذي تَنَقَل فيه من المحاسبة الى التأنيب ثم الازدراء بناءً على التدرج الاستفهامي الى اللوم والتأنيب عن الفشل الحاصل والتقصير المتمدد في المؤسسات، لم يبقى إلا ان نمني أنفسنا متسائلين: (هل من خلال؟ وهل من مناص أو ملاذ او معاد؟).