مركز الامام الشيرازي يناقش إمكانية الديمقراطية الإسلامية

آخر تحديث 2019-08-24 00:00:00 - المصدر: النبأ

ناقش مركز الامام الشيرازي للدراسات والبحوث، ضمن ملتقى النبأ الاسبوعي الذي تستضيفه مؤسسة النبأ للثقافة والاعلام، الورقة البحثية التي قدمها الباحث في المركز محمد علاء الصافي تحت عنوان "في إمكانية الديمقراطية الاسلامية"، بحضور عدد من الباحثين والمهتمين.

وقال الصافي لوكالة النبأ للأخبار، ان "النخب السياسية في العالم الإسلامي لم تعطِ اهتماماً لأهمية الحوار والعمل المؤسسي، بل اعتمدت السلطة والقرارات المركزية وسيلة لفرض رؤاها، ونقل التجربة الغربية الى العالم الإسلامي. واستطاعت الدولة الحديثة في البلدان الإسلامية الهيمنة الكاملة على المجتمع المدني، حتى بدأت تداعيات الاسراف في استخدام السلطة لتحقيق الأهداف التنموية بالبروز الى السطح".

واضاف "مع غياب مؤسسات المجتمع المدني المستقلة، وحرمان الافراد من أي حق بالمشاركة في البناء والتنمية خارج الأطر الرسمية، استشرى الفساد الإداري في معظم البلدان الإسلامية، على إثر ذلك ارتبط المبدأ العلماني في وعي الفرد المسلم بالدولة المستبدة، وبالفساد الإداري ومحاربة الدين والترويج للنزعات الإباحية".

واشار الصافي الى انه "لقد أدى الموقف المتصلب للدولة العلمانية العروبية، والطبيعة الشمولية لبنيتها السلطوية وسياساتها العامة، واستعدادها لاستخدام القوة والقهر لإسكات النقاد والخصوم، الى ظهور حركات إسلامية تبيح لنفسها استخدام العنف كالسلفية الجهادية والاخوان المسلمين".

وتابع إن "الدارس لتطور الأنساق الثقافية في التاريخ الإسلامي يلحظ وجود حركة مد وجزر بين نسقين أساسيين، يرتبط الأول بنوازع التعصب القبلي المؤكدة على أولوية التضامن القبلي والعرقي والمحلي، بينما يتعلق الآخر بالعالمية الإسلامية الساعية إلى بناء نموذج مجتمع مدني يقوم على تساوي البشر في الكرامة الإنسانية، وحقهم في اختيار قيمهم ومعتقداتهم ضمن إطار قيمي عام حددته "صحيفة المدينة" التي صاغها النبي الكريم صلى الله عليه واله وسلم في يثرب. إذ أعلن هذا العقد المدني عددا من الحقوق السياسية شملت كل أفراد المجتمع السياسي المسلمين منهم وغير المسلمين، مثل حماية المظلوم في المجتمع، وحرية الاعتقاد التي ترد في نص الصحيفة "لليهود دينهم وللمسلمين دينهم".

وبين "لذلك فإن ميثاق المدينة أنشأ مجتمعا مدنيا قائما على الولاء التعاقدي بين أفراده وجماعاته، من خلال الالتزام بمجموعة من المبادئ الأخلاقية الكلية التي أخضعت الولاء العضوي للجماعات السكانية المختلفة (من مسلمين ويهود ومشركين) للولاء التعاقدي وهو ما نسميه اليوم بالعقد الاجتماعي".

مشيرا الى أن "النزعة القبلية ما لبثت أن عادت بلبوس جديد في خضم الفوضى التي أعقبت وفاة الرسول (ص) ومن ثم مقتل عثمان بن عفان. وهكذا تحول التمزق القبلي لمجتمع الجزيرة العربي إلى تمزق عقدي في المجتمع الإسلامي الفتي، وأدى ذلك إلى انقسام المسلمين إلى فرق ومذاهب".

واوضح ان "السقوط المدوي للدولة العثمانية ونظام الخلافة الإسلامية كان من الأسباب المباشرة في إثارة المسألة السياسية على مستوى الفكر العربي والإسلامي في مطلع القرن العشرين، وإذا كانت دولة الخلافة منذ أن تحولت الى امبراطورية ملكية على ايدي الامويين إستندت الى شرعية إلهية واهية كانت تخفي وراءها منطق القوة والقهر، فأن إعادة تأسيس الدولة انطلق هذه المرة من ضرورة إعطاء الامة حقها في أن تقرر بنفسها طريقة حكمها ومبادئه ومقوماته. ولا يعني ذلك غياب المحاولات قبل هذه الفترة في طرح مسائل كانت تتطلب الكثير من الجرأة كالحريات والحقوق والنهضة والإصلاح".