إخلاص داود
تعد أزمة السكن من الأزمات المتأصلة وأكثرها تأثيرا بالمجتمع العراقي، وهي ليست وليدة الحاضر وأنما مشكلة متواجدة منذ نشأة الدولة وحكوماتها المتعاقبة على الرغم من إن الدستور العراقي يكفل في المادة (30 -أولا) العيش الكريم وتوفير السكن الملائم لجميع المواطنين، وبات حلم البيت الملك حلم بعيد المنال لدى الكثير من العراقيين وبالأخص من هم في مقتبل الحياة الزوجية، ليكون أمام خيارين أما بيت أيجار تقصم ظهر رب الأسرة أو في المناطق العشوائيات (تجاوز).
طرحت حلول الازمة في برلمان العراقي، وكشف النائب علاء الربيعي في تصريح صحفي، أن "مجلس النواب ناقش واحد من اهم المواضيع التي عاني منها المواطن والدولة العراقية، وهو موضوع أزمة السكن التي لم تحل منذ أكثر من عشرين سنة ولم تبحث بصورة حقيقية، ولا توجد رؤية للدولة العراقية".
مضيفا أن "البرلمان ناقش الأزمة التي أنتجت 3 آلاف منطقة عشوائية في العراق، منها 1022 في بغداد، و700 في البصرة، و300 في كركوك، وكذلك في بقية المحافظة، وتمت مناقشة الأزمة في البرلمان لبحث آليات موضوعية ونتائج قريبة للحل من ضمنها تشكيل لجنة السكن، ومطالبة الحكومة بتشكيل هيئة مستقلة للسكن".
وقال معاون مدير عام دائرة الإسكان التابعة لوزارة الاعمار والإسكان زهير كاظم عودة، ان "الإحصائيات تشير الى ان الحاجة لبناء الوحدات السكنية تتراوح بين2 – 3 ملايين وحدة، ولان حجم الحاجة السنوية على وفق الزيادة السكانية تكون مليونا وبضع المليون نسمة، ما يعني اننا بحاجة من 100 الى 150 الف وحدة سكنية سنويا لمواكبة التزايد السكاني، في حين اشار إلى أن نسبة العشوائيات بلغت أكثر من 7%".
وأضاف، أن "الدائرة لها دراسة بشأن الأراضي إذ جرى تحديد المبالغ المالية التي نحتاجها وحجم الأراضي المطلوبة لحل المشكلة، أما ما نحتاجه من التخصيصات المالية حسب الكلف المعتمدة في دائرتنا او في الوزارة (تمويل حكومي) يبلغ 100 ترليون دينار وهذا صعب تحصيله، لذلك يجب علينا ان نبحث عن الحلول المبتكرة".
عضو لجنة الخدمات والإعمار النيابية حسن سالم، أوضح أن "عدد السكان يتزايد بسرعة كبيرة، وأن الأزمة تتفاقم للافتقار للتخطيط السليم، مما يحرم المواطنين من سكن لائق، خاصة بعدما تحولت كثير من المدن إلى عشوائيات ومن المفروض أن تقوم الحكومة بتوزيع الأراضي على الفقراء والمعوزين الذين لجأ كثير منهم للاستيلاء على أراضي الدولة والمساحات الزراعية والفارغة، مما حولها إلى سكن عشوائي أو تجاوز كما تعرف محليا".
وعن الحل، يوضح سالم أنها تتمثل بتفعيل القانون الذي شرعه البرلمان بأن تباع الأرضي التي تسكن عشوائيا أو تؤجر لقاطنيها، شرط أن تتحول إلى أحياء نظامية، بالإضافة إلى جرد الأراضي التابعة للدولة وتوزيعها على المواطنين المحتاجين إلى سكن، وعلى الدولة منح قروض للمعوزين بغرض البناء، وأن تتجه للبناء العمودي الذي يمكن أن يوفر السكن لأعداد كبيرة من العراقيين.
مشيرا، إلى أن المشاريع الإسكانية المحلية خضعت للاستثمار، وأغلب العوائل الفقيرة لا تملك القدرة على شراء الشقق، فيفترض أن تقوم الدولة ببناء وحدات سكنية وبيعها بالتقسيط، خاصة وأن أغلب العوائل انشطرت إلى ثلاثة أو أربعة أجزاء، بحسب تعبيره.
ويؤكد الخبير الاقتصادي همام الشماع أنه "لا توجد خطط حكومية لمعالجة هذه الأزمة المتفاقمة، رغم وجود قانون استثمار كان يمكن الاستفادة منه للحل لكنه غير مفعل، إضافة لوجود الكثير من المعوقات وعلى رأسها عدم وجود ضمانات لاستقرار أمني يمكن أن يطمئن المستثمرين إلى أنهم سيحصلون على حقوقهم وتسديد قيمة مشاريعهم".
كما أن المشاريع السكنية لم تحل الأزمة أيضا، فهناك جدل وإشكالات كبيرة حول مشروع "بسماية" الذي يعد الأكبر في العراق، الذي قامت به الدولة ولم تتول إنجازه الشركات الاستثمارية، ولم يكتمل حتى الآن، وحتى إن اكتمل فإنه لن يستطيع تغطية احتياجات بلد مثل العراق تبلغ نسبة الزيادة السكانية السنوية فيه نحو 3%.
ويرى الشماع أن على الحكومة أن تتجه لتحقيق الاستقرار الأمني والسياسي بحيث تستطيع الشركات الاستثمارية العمل في أجواء آمنة ومستقرة، وأن يتم اعتماد قانون للتمويل وهو ما يفتقر إليه العراق اليوم.
ويرى مراقبون عن عدد محاولات الحكومات العراقية المتعاقبة لحل أزمة السكن، ثلاث محاولات، منذ عام 2003 وحتى الآن، وكلها لم تسفر عن أي حلول، وتفاوتت هذه المحاولات بين فتح قروض مالية للمواطنين تُعرف باسم قروض السكن، وتوفير مواد بناء بأسعار مدعومة، وتوزيع أرض سكنية بمساحة تتراوح بين 200 و250 متراً على شرائح مختلفة من المواطنين.