د.باهرة الشيخلي
الانفجارات التي تصر الحكومة العراقية على وصفها بالغامضة، تعطي انطباعا بأن الحكومة العراقية إما أنها لا تريد التورط مع أي جهة دولية، وإما أنها لا تعلم شيئاً مما يدور حولها وأن سيادتها ناقصة.
ألمح رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، في تصريح صحفي نقله عنه موقع “تايمز أوف إسرائيل” أنه “ليس لإيران حصانة في أي مكان”، مضيفاً أن أيدي إسرائيل طويلة وستتحرك ضدها أينما تستدعي الحاجة، مشيراً إلى مسؤولية إسرائيل عما يُعتقدُ أنها غارات جوية على معسكرات الحشد الشعبي بالعراق.
ورغم هذا الوضوح، ورغم التصريحات الإسرائيلية بهذا الصدد، تنكر الحكومة العراقية ذلك وتصر على أن الأمر لا يعدو عن كونه تماسا كهربائيا مرة، وسوء خزن للصواريخ مرة أخرى، وحوادث غامضة أخرى، حتى أن أحد الناشطين الحقوقيين كتب على صفحته في فيسبوك تغريدة ساخرة تقول “للمرّة 17 تماس كهربائي يحيل معسكراً لميليشيا الحشد الشعبي إلى أثرٍ بعد عين! والمغرضون يقولون إنّ الكهرباء ليست قويّة في العراق”.
ورغم الإقرار الإسرائيلي بمسؤولية تل أبيب عن هذه الانفجارات، إلا أن جمال جعفر آل إبراهيم (أبومهدي المهندس) نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي تحاشى توجيه أي اتهام مباشر إلى إسرائيل، في بيان أصدره وتبرأت منه هيئة الحشد الشعبي، وهدد الولايات المتحدة بتحميلها المسؤولية “فليس لدينا أي خيار سوى الدفاع عن النفس وعن مقراتنا بأسلحتنا الموجودة حالياً واستخدام أسلحة أكثر تطورا، وقد انتظرنا طول هذه المدة لحين إكمال جميع تحقيقاتنا بدقة حول الموضوع، هذا وقد أبلغنا قيادة العمليات المشتركة بأننا سنعتبر أي طيران أجنبي سيحلق فوق مقراتنا دون علم الحكومة العراقية طيرانا معاديا، وسنتعامل معه وفق هذا المنطلق وسنستخدم كل أساليب الردع للحيلولة دون الاعتداء على مقراتنا”.
بيان المهندس أظهر أن الخلاف بات عميقا بين قيادات الحشد الشعبي من خلال البيان، الذي أصدره رئيس هيئة الحشد الشعبي فالح الفياض، والذي يقول “تؤكد رئاسة هيئة الحشد الشعبي أن ما نسب إلى نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي- بغض النظر عن صحة صدوره عنه- لا يمثل الموقف الرسمي للحشد الشعبي وأن القائد العام للقوات المسلحة أو من يخوله هو المعبّر عن الموقف الرسمي للحكومة العراقية وقواتها المسلحة”.
والأنكى أن الرئاسات الثلاث في العراق رفضت البيانين، و”دعت” الحشد الشعبي إلى ضبط النفس.
هذا التناقض في التصريحات، والرعب الذي أصاب الميليشيات الإيرانية وهروبها من مواقع القصف، بعث الأمل في نفوس العراقيين بقرب تخلصهم من هذه الميليشيات، التي عاثت بأمن العراق وأفسدت وقتلت وفعلت الأعاجيب بهم، مما لم يشهدوه في تاريخهم كله.
بهاء الأعرجي نائب رئيس الوزراء العراقي الأسبق كان أكثر شجاعة من المهندس حين قال إنه “من خلال طبيعة نيران حريق مخازن العتاد في معسكر الصقر جنوب بغداد، يظهر أن الأسلحة التي انفجرت غير عادية ولا تستعملها القوات العراقية ولا حتى الحشد الشعبي”، مضيفاً “نعتقد أنها عبارة عن أمانة لدينا من دولة جارة، وقد استهدفت هذه الأمانة من دولة استعمارية ظالمة بناء على وشاية عراقية خائنة”، في إشارة إلى إسرائيل.
إن تفجير مخازن الصواريخ الإيرانية في العراق سيستمر حتى آخر صاروخ، لكن الخطورة في الأمر أن الميليشيات الإيرانية تحتفظ بهذه الصواريخ الباليستية، التي لا يحتاجها العراق ولا يحتاجها الحشد الشعبي، وسط المناطق الآهلة بالسكان، مما يصيب السكان المدنيين الأبرياء بالأذى ويعرض أطفالهم للرعب والخوف ويدمر منازلهم، التي تعوضهم عنها الحكومة، كما جاء في بعض التقارير الصحافية، بمبلغ 25 ألف دينار عراقي، وهو ما يساوي نحو 21 دولارا وهو ما يمثل استهانة واضحة بآلام العراقيين.