اعتقال نشطاء ومتظاهرين في بغداد بعد ليلة من التصعيد المفاجئ

آخر تحديث 2019-11-05 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

أعادت السلطات العراقية تشغيل خدمة الإنترنت صباح الثلاثاء، بعدما أوقفتها عدة ساعات بعد انتصاف ليلة الاثنين، بسبب تصعيد مفاجئ في تحركات المحتجين وسط بغداد، تسبب في اضطرابات واسعة.

وعادت خدمات الإنترنت بشكل تدريجي إلى بغداد والمحافظات الوسطى والجنوبية، بعد ليلة طويلة شهدت أحداثاً أمنية عدة.

العبور إلى الكرخ

بدأت التطورات المفاجئة ظهر الاثنين، عندما أغلق محتجون جسر الأحرار الرابط بين شارع الرشيد في قلب المدينة القديمة من العاصمة العراقية من جهة الرصافة بمنطقة الصالحية، حيث يقع مبنى التلفزيون الرسمي في جانب الكرخ.

كانت هذه هي المرة الأولى، في موجة الاحتجاجات الحالية، التي يتمكن فيها متظاهرون من عبور أحد الجسور في جانب الرصافة إلى الكرخ.

سيطر المتظاهرون على جسر الأحرار لساعات، قبل أن تتدخل قوات الأمن لتفريقهم مستخدمة الرصاص الحي وقنابل الغاز المسيل للدموع، ما تسبب في مقتل أربعة محتجين ورجل أمن وجرح العشرات.

مكتب عبد المهدي

عاد المتظاهرون إلى التجمع مجدداً في شارع الرشيد من جهة الرصافة ومنطقة العلاوي من جهة الكرخ، وتقدموا نحو حواجز القوات الأمنية، التي انحازت إلى الوراء، تاركة مبنى التلفزيون الرسمي في مرمى المتظاهرين.

لكن المفاجأة كانت أن المتظاهرين تجاوزوا مبنى التلفزيون الرسمي وتوجهوا إلى مكتب رئيس الوزراء عادل عبد المهدي في منطقة العلاوي، حيث اشتبكوا بالحجارة مع عناصر الأمن، الذين ردوا بقنابل الغاز والرصاص المطاطي.

استمرت سيطرة المتظاهرين على المداخل المؤدية إلى مكتب عبد المهدي ومحيط مبنى التلفزيون الرسمي وجسر الأحرار لساعات، قبل أن تشن قوات مكافحة الشغب هجوماً كاسحاً انتهى إلى تفريق المتظاهرين.

عندما حل منتصف الليل، كان المحتجون وقوات مكافحة الشغب في مواقع متقابلة، وسط توقعات باندفاع جديد للمتظاهرين، ولكن قطع الإنترنت في بغداد تسبب في تشتيت المتظاهرين، الذين يعتمدون على شبكات التواصل الاجتماعي في تنسيق تحركاتهم.

عندما عادت خدمات الإنترنت صباح الثلاثاء، كانت قوات الأمن قد انتهت للتو من حملة اعتقالات واسعة طاولت عشرات المتظاهرين في جانب الكرخ.

حملة اعتقالات واسعة

قال المرصد العراقي لحقوق الإنسان، وهو منظمة غير حكومية، إن "السلطات العراقية نفذت حملة اعتقالات كبيرة ليلة أمس في منطقتي العلاوي والصالحية"، مضيفاً أن "شهود عيان أبلغونا بأن ملثمين بسيارات حكومية اعتقلوا متظاهرين كانوا في طريقهم إلى ساحة التحرير"، وهي المركز الأهم لتجمع المحتجين في بغداد.

ولم يتوقف التصعيد من جانب المحتجين صباح الثلاثاء. إذ خرج المتظاهرون إلى إغلاق العديد من الطرق الرئيسية شرق وجنوب وشمال غربي العاصمة العراقية، وسط دعوات لتنفيذ العصيان المدني.

ونقل عن شهود عيان تأكيدهم أن العديد من الشوارع الرئيسية في مركز العاصمة العراقية شهد حركة محدودة للمارة والعجلات صباح الثلاثاء، فيما سجلت الدوائر الحكومية والمدارس والجامعات تغيباً كبيراً عن الحضور.

وقالت مفوضية حقوق الإنسان في العراق، إنها "تؤكد كفالة حرية الرأي والتعبير والتظاهر والتجمع السلمي وتوحيد المطالب المشروعة بما يعزز حقوق الإنسان"، داعية جميع الأطراف إلى "حقن الدماء والبدء بحوار وطني برعاية الأمم المتحدة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

كما دعت المفوضية "المتظاهرين إلى إدامة زخم التظاهرات في أماكن لا تؤثر في سير المرافق العامة وعدم تعطيلها بما يعزز تقديم الخدمات للمواطنين وكفالة حقوقهم التي كانت أحد مطالب المتظاهرين الأساسية ومراقبة مدى استجابة الحكومة لهذه المطالب والتعاون البناء بين القوات الأمنية والمتظاهرين لحماية الممتلكات العامة والخاصة".

في غضون ذلك، أبلغت مصادر أمنية عن حملات ملاحقة طالت مدونين في بغداد صباح الثلاثاء، نشروا في وسائل التواصل الاجتماعي دعوات إلى تجديد التظاهرات والإضراب العام في عموم مناطق العاصمة.

وقالت المصادر إن مسلحين يعتقد أنهم ينتمون إلى ميليشيات، اقتحموا منازل في جانب الكرخ الثلاثاء، واقتادوا مدونين إلى جهة مجهولة.

الفتح يستنكر العصيان

سياسياً، استنكر تحالف الفتح، الداعم لرئيس الوزراء عادل عبد المهدي، "عمليات غلق الطرق العامة والجسور وتعطيل المصالح الوطنية والمدارس والمعاهد وتخريب الاقتصاد الوطني بإيقاف العمل في الموانئ والمنافذ الحدودية".

قال التحالف في بيان، إن بعض المتظاهرين يقوم بـ "خرق النظام العام والتعدي على ممتلكات الأمة باسم الاعتراض والعصيان والحقوق الاجتماعية". وأضاف "إننا في الوقت الذي نتقدم فيه بالشكر للمتظاهرين السلميين فإننا نطالبهم برفض هذا المسلسل المنظم لتخريب المصالح الوطنية ومرافقها الحيوية وعدم السماح بالفوضى التي تشوه تظاهراتهم المطلبية"، مطالباً "القائد العام للقوات المسلحة والأجهزة الأمنية اتخاذ كافة الإجراءات لحفظ الأمن ومحاسبة الخارجين على القانون وعدم السماح بما يجري من فوضى لا تضر إلا بمصالح الشعب العراقي ومستقبل أبنائه".

عبد المهدي يجتمع بكبار المسؤولين

ولتدارس تطورات يوم الاثنين، عقد عبد المهدي اجتماعاً بحضور رئيس مجلس القضاء الأعلى فائق زيدان ورئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي، ووزيري الدفاع والداخلية وعدد من القادة الأمنيين.

قال مكتب رئيس الوزراء العراقي إن الاجتماع عقد "لبحث تطورات الأوضاع والإجراءات اللازمة لحفظ الأمن والنظام"، مشيراً إلى أن المجتمعين أكدوا "دعم السلطتين القضائية والتشريعية لجهود الحكومة والأجهزة الأمنية بفرض الأمن والاستقرار في عموم البلاد وحماية المتظاهرين والممتلكات الخاصة والعامة والمنشآت الاقتصادية وضمان انتظام العمل والدوام وانسيابية حركة المواطنين".

وقال مراقبون إن الحكومة تواصل عبر بياناتها تجاهل مطالب المحتجين الأساسية، المتمثلة بإسقاط النظام السياسي ومحاسبة كبار الفاسدين وطرد الساسة الموالين لإيران.