جدّد ناشطون ومحتجون عراقيون مطالبتهم باستقالة حكومة عادل عبد المهدي وحل البرلمان والتحضير لانتخابات مبكرة، في تظاهرات يوم الجمعة، التي أطلقوا عليها اسم "جمعة الصمود".
وقال الباحث والأكاديمي ستار عواد إن "التظاهرات بدأت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) بجملة مطالب إصلاحية وخدماتية وضرورة محاسبة الفاسدين، لكنها سرعان ما تحولت إلى إقالة الحكومة وحل البرلمان، بعدما فتحت القوات الحكومية النار على المتظاهرين وأوقعت عشرات القتلى".
وأضاف، في حديث لـ"اندبندنت عربية"، "ما تطرحه الحكومة من قرارات تراها مقدّمة للإصلاح، لن تؤثر في مطالب المحتجين الرئيسة، إذ بات المطلب الأساس استقالة الحكومة"، مشيراً إلى أنّ "المتظاهرين يرون الآن أن هذه الطبقة السياسية لا يمكن أن تُصلح نفسها".
وفي سياق الحديث عن خطبة المرجعية الشيعية في البلاد علي السيستاني، قال عواد إن "هناك تحولاً كبيراً في خطاب المرجعية اليوم، إذ عبّرت للمرة الأولى بوضوح عن عدم شرعية هذه الحكومة ومساندتها للتظاهرات. ولا أعتقد أن هذه التصريحات ستسهم في تغيير مواقف الأحزاب الداعمة للحكومة، لأنها ترى أنها منازلة كبرى بين إرادة الشعب وإصرارها على البقاء".
وتابع "بقاء التظاهرات واستمراريتها سيسهم في إنتاج حركة سياسية وتغيير مواقف محلية ودولية، بما في ذلك التخلي عن دعم الحكومة".
لا عودة قبل تحقيق المطالب
يرى ناشطون ومعتصمون أن السلطة مسلوبة من قبل ميليشيات تستحوذ على مراكز القرار السياسي.
ويقول غيث محمد، وهو ناشط، إن "المطلب الرئيس هو إقالة حكومة القناصين برئاسة عادل عبد المهدي ومحاسبة قتلة المتظاهرين وإحالتهم إلى القضاء، قبل الشروع بأي تفاوض مع أي جهة"، مضيفاً "المطالب الرئيسة تتلخّص بتغيير القانون الانتخابي، بما لا يخدم الأحزاب المتنفّذة وحلّ البرلمان وإجراء انتخابات مبكرة".
ولفت إلى أن "موقف المرجعية داعم للتظاهرات الحالية، لكن الكتل السياسية ومؤسساتها الإعلامية تتلاعب به وتوظّفه لصالحها".
أمّا علي الجاف، وهو ناشط وصحافي، فقال إنّ "خطبة المرجعية تمثّل سنداً جديداً وظهيراً آخر للمعتصمين في ساحة التحرير والمحافظات الأخرى، بعدما كانت السلطة تستعمل المرجعية كدرع لها ضد المطالبة بإسقاطها".
وأوضح في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "الاحتجاج من حيث المبدأ، لن ينتهي شكلاً وموضوعاً إن لم تستقل هذه الحكومة المُدانة بقتل المتظاهرين وبالتستّر على الجهات والميليشيات التي قتلت وخطفت وغيّبت العشرات منهم حتى الآن". وأشار إلى أن "التظاهرات أكدت أنها تملك وعياً جماعياً، لذلك فالكثير من الشعارات لا تقترب من إسقاط النظام الديمقراطي، لكنها تبيّن الحاجة إلى شكل سياسي آخر داخل هذا النظام، وليس إسقاطه بالكامل".
وعن تعاطي المحتجين مع تصريحات وزير الدفاع العراقي نجاح الشمري، لفت الجاف إلى أن "تلك هي الفضيحة الجديدة، وهي تعبير واضح على أن هذه الحكومة فقدت السيطرة. فمن يدير عمليات القتل والقمع، جهات أخرى غير الأجهزة الأمنية".
وحدة المطالب في المحافظات
يكاد المشهد أن يتشابه بين غالبية المدن والمحافظات العراقية، والمطالب باتت تقترب من أن تكون موحدة.
وقال علي صبيح، وهو ناشط من محافظة ذي قار، إن "أبرز المطالب في محافظة ذي قار هي ذاتها في المحافظات الأخرى، وتبدأ بإقالة الحكومة وتغيير قانون الانتخابات".
وعن عمليات خطف المتظاهرين وقتلهم، أشار صبيح في حديث لـ"اندبندنت عربية" إلى أن "العراقيين يرون بأنفسهم أن عبد المهدي وحكومته لا يستطيعان حمايتهم من الخطف والاغتيال، بل تعجز حكومته تماماً عن ملاحقة المتسببين بما يجري. وهذا ما ظهر تماماً في أحداث أكتوبر، وقيام القنّاصين بقتل المحتجين السلميين، إضافةً إلى اختطاف ناشطين وتصفية بعضهم، في محافظات أخرى".
ولفت إلى أن "حكومة عبد المهدي تلقي اللوم على المتظاهرين وتتهمهم بأبشع التهم، بينما تعجز عن ملاحقة أو محاسبة أي ملثم يقتل المتظاهرين. وهذا وحده كاف لرفض هذه الحكومة العاجزة عن حمايتنا".
وتابع "القضية الرئيسة التي تحرّك المحتجين هي محاولة خلق قيادات وطنية وعدم تدخل الأطراف الخارجية بالقرار العراقي".
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ومن محافظة البصرة، قال نقيب اللعيبي، وهو ناشط، إن "ساحات التظاهر في البصرة شهدت تزايداً كبيراً في الأعداد اليوم، مقارنة بالأيام السابقة".
وأضاف في حديث لـ"اندبندنت عربية" أن "المطالب توحّدت بين جميع المحافظات العراقية، ولا تراجع عن الاعتصامات حتى تحقيق الأهداف".
وأشار إلى أن "فوز المنتخب العراقي على إيران، أعطى زخماً كبيراً ودفعة معنوية للمتظاهرين".
ساسة "مندسون"
لم يتغير موقف تحالف الفتح المساند الرئيس لعبد المهدي، حتى بعد خطاب السيستاني الأخير، الذي يرى خبراء أنه يدعم مطالب المحتجين، فيما وصف التحالف السياسيين المطالبين بإقالة الحكومة وإجراء انتخابات مبكرة بأنهم ساسة "مندسون".
وقال النائب عن كتلة الفتح عامر الفايز، في تصريحات تابعتها "اندبندنت عربية" إن "اجتماعات الكتل والأحزاب السياسية لم تتوصل إلى نتيجة بشأن إقالة الحكومة وحل البرلمان، والأمر باق على حاله".
في غضون ذلك، تستمر الاشتباكات في ساحة الخلاني القريبة من ساحة التحرير، بين محتجين غاضبين وقوات الأمن الحكومية. وأفادت مصادر صحافية اليوم الجمعة بأنّ محتجين اثنين قُتلا وجُرح حوالى 25 شخصاً.
وقالت مصادر أمنية عراقية، في ساعة متأخرة من ليل اليوم الجمعة، إن عبوة ناسفة بدائية الصنع انفجرت في ساحة الطيران في بغداد، مما أدى إلى مقتل شخصين وإصابة 12 آخرين.