أعاد إضراب المدارس في أجزاء عدة من بغداد وبعض المدن في وسط وجنوب البلاد، الأحد 17 أكتوبر (تشرين الثاني) 2019، الحياة إلى حركة الاحتجاج العراقية، التي كادت تتلاشى بعد مرور 47 يوماً على انطلاقها، للمطالبة بالوظائف والخدمات أولاً، لكن القمع الحكومي المفرط الذي قوبلت به، حول شعارها إلى إسقاط النظام السياسي.
يوم السبت، أيد مقتدى الصدر، وهو زعيم شيعي لديه الملايين من الأتباع، الدعوة إلى إضراب عام الأحد، بعدما انطلقت من نقابات مهنية، في مقدمها المعلمين.
إضراب شيعي
أغلقت المدارس في معظم مناطق جانب الرصافة من بغداد، فيما سجلت الدعوة إلى الإضراب في الجانب الآخر من العاصمة استجابة ضعيفة.
يعود هذا إلى أن غالبية سكان الرصافة هم من الشيعة، بينما معظم سكان الكرخ من السنّة، الذين يقولون إن مشاركتهم في التظاهرات ستسمح للحكومة باستخدام تهمة الإرهاب ضد المحتجين، وهو ما لا يمكن حدوثه حالياً.
يقول نشطاء شيعة إنهم يتفهمون المخاوف السنية، من أن يؤدي خروج أبناء هذه الطائفة إلى الشارع إلى تكرار تجربة تنظيم "داعش" عام 2013، لكنهم لا يفهمون سبب عدم المشاركة في الإضراب الذي لا يحتاج إلى الخروج من المنزل.
وامتد الإضراب العام إلى معظم المدن التي تسكنها غالبية شيعية في وسط وجنوب العراق، بدءاً من واسط وانتهاءً بالبصرة، التي قطع المحتجون طرقها الرئيسة بالإطارات المشتعلة.
تحول موقف السيستاني
سجل المتظاهرون تحولاً لافتاً في موقف المرجع الأعلى للشيعة في العراق والعالم علي السيستاني، الذي قال يوم الجمعة إن الطبقة السياسية الموجودة الآن، لا يمكن لها أن تستمر في حكم البلاد، مستشهداً بالاحتجاجات الشعبية.
أُعتبر حديث السيستاني مؤشراً على إمكانية التصعيد ضد الحكومة، وهو ما دخل حيز التنفيذ من فوره. إذ أصدر المتظاهرون في ساحة التحرير نداءً طالبوا فيه العراقيين بالانضمام إليهم في ساحات الاحتجاج.
وقال محللون إن السيستاني ربما قرر الانحياز إلى جانب المتظاهرين، بعدما تأكد أنهم سيرابطون في ساحات الاحتجاج، ويبتكرون أساليب تديم ضغطهم على الحكومة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونقلت وسائل إعلام محلية يوم السبت، أن السيستاني حذر الحكومة من الاستمرار في قمع المتظاهرين، فيما تحدث مراقبون عن إمكانية صدور فتوى ضد السلطة التنفيذية، على غرار تلك التي صدرت عام 2014 بعد غزو "داعش" لأجزاء من البلاد، وتسببت في خروج الآلاف من الشبان الشيعة للتصدي له.
وقالت مصادر أمنية، إن هذه التطورات قادت إلى إصدار أوامر بسحب قوات الأمن من ساحة الخلاني المجاورة للتحرير يوم السبت، حيث كانت الاشتباكات اليومية بين مكافحة الشغب والمحتجين تؤدي إلى سقوط قتلى وجرحى.
سخرية من سليماني
في ساحة التحرير وسط بغداد، كان المتظاهرون يحتفلون بأمرين، الأول هو انسحاب قوات مكافحة الشغب من ساحة الخلاني المجاورة، والثاني هو اندلاع احتجاجات واسعة في إيران، المتهمة بالمشاركة في قمع الاحتجاجات العراقية.
يقول نشطاء إن العراق "هو الذي صدر الثورة إلى إيران"، فيما قارن آخرون بين "سلمية" الاحتجاجات العراقية، و"العنف" الذي طبع الاحتجاجات الإيرانية.
سخر مدونون من قاسم سليماني، قائد فيلق القدس في الحرس الثوري الإيراني، الذي يقال إنه المشرف الرئيس على عمليات قمع المتظاهرين العراقيين. إذ كتبوا أن على الجنرال الإيراني أن يعود إلى بلاده الآن لإيجاد حل لمشكلة التظاهرات فيها.
وتداول مدونون على نطاق واسع صوراً وفيديوات لمتظاهرين إيرانيين يحرقون صور المرشد الإيراني علي خامنئي.
وعندما ظهرت مذيعة التلفزيون الإيراني لتقول إن الثلوج وليست التظاهرات هي من عطل الحركة شمال طهران يوم السبت، استذكر مدونون ساخرون تصريحات الجنرال عبد الكريم خلف، وهو المتحدث باسم القائد العام للقوات المسلحة عادل عبد المهدي، عن المتظاهرين العراقيين الذين يقتلون رجال الأمن، ومعلوماته عن تصنيع المتفجرات في ساحة التحرير.