كلكامش برس / بغداد
قام نائب الرئيس الأمريكي مايك بنس السبت بزيارة مفاجئة للعراق تفقد خلالها القوات الأمريكية وتباحث مع مسؤولي إقليم كردستان من دون الالتقاء بالمسؤولين العراقيين في بغداد. فيما تتواصل الاحتجاجات الشعبية في العراق قتل فيها نحو 350 شخصا منذ اندلاعها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول.
في زيارة مفاجئة للعراق السبت، تفقد مايك بنس نائب الرئيس الأمريكي قوات بلاده في العراق والتقى بالأكراد من مسؤولي إقليم كردستان مستثنيا مسؤولي السلطة المركزية في بغداد. فيما تتواصل الاحتجاجات الشعبية ضد الطبقة السياسية، والتي طالت أيضا إيران صاحبة النفوذ في بلاد الرافدين، والتزمت واشنطن الصمت حيالها بشكل كبير.
وقتل أكثر من 350 شخصا في المظاهرات المتواصلة في بغداد ومناطق عدة في جنوب العراق منذ اندلاعها في الأول من أكتوبر/تشرين الأول. وسقط آخر هؤلاء السبت في مواجهات مع قوات الأمن في بغداد، ما يرفع عدد الذين قضوا في العاصمة منذ ليل الأربعاء الخميس إلى تسعة.
وفي زيارته الأولى للعراق، حط بنس على متن طائرة عسكرية في قاعدة عين الأسد في محافظة الأنبار بغرب البلاد قرابة الظهر بالتوقيت المحلي.
إثر ذلك، أجرى نائب الرئيس الأمريكي اتصالا هاتفيا برئيس الوزراء العراقي عادل عبد المهدي، قبل الانتقال إلى مدينة أربيل مركز إقليم كردستان الشمالي، حيث التقى رئيس الإقليم نيجيرفان بارزاني.
وبنس هو أعلى مسؤول أمريكي يزور بلاد الرافدين منذ زيارة الرئيس دونالد ترامب في أواخر ديسمبر/كانون الأول 2018، والتي اقتصرت على تمضية ساعات قليلة مع القوات الأمريكية في قاعدة عين الأسد.
وأثارت زيارة ترامب جدلا كونها لم تشمل لقاء أي مسؤول عراقي.
ونشر بنس عبر تويتر صورا له برفقة زوجته كارن وجنود خلال الزيارة التي تأتي قبيل احتفال الأمريكيين بعيد الشكر الأسبوع المقبل.
وبحث بنس في اتصاله مع عبد المهدي “تعزيز العلاقات بين البلدين وآفاق التعاون المشترك، إلى جانب بحث التطورات التي يشهدها العراق وجهود الحكومة وإجراءاتها الاصلاحية استجابة لمطالب المتظاهرين”، بحسب مكتب رئيس الوزراء العراقي.
وأوضح المصدر نفسه أن الزيارة كانت بعلم عبد المهدي، ومثلها قرار بنس زيارة أربيل. في المقابل، أكد مكتب الرئيس العراقي برهم صالح، وهو كردي، لوكالة الأنباء الفرنسية أنه لم يكن على إطلاع مسبق على الزيارة.
وانتقل بنس من القاعدة العسكرية في الأنبار إلى أربيل حيث عقد اجتماعا مع رئيس الإقليم ورئيس وزرائه مسرور بارزاني.
“غير مرحب به في أرض العراق”
والتزمت إدارة الرئيس ترامب الصمت إلى حد كبير حيال الاحتجاجات غير المسبوقة ضد نظام ساهمت في إرسائه بعد إطاحة حكم صدام حسين في 2003. وقامت الولايات المتحدة بعد الغزو بحل غالبية أجهزة الدولة وإعادة بنائها، بحيث وصلت إلى الحكم طبقة جديدة من النخب السياسية التي أقامت معها صلات شخصية وثيقة.
كما شرعت في بناء جيش جديد ونشر أكثر من 170 ألف جندي في العراق في ذروة وجودها العسكري قبل الانسحاب في عام 2011.
ومنذ ذلك الحين، أدت القوات الأمريكية دورا حاسما في هزيمة تنظيم “داعش” الذي سيطر على مساحات واسعة من البلاد في العام 2014، قبل إعلان “النصر” النهائي عليه في أواخر العام 2017.
ولا يزال 5200 عنصر منها موجودين في قواعد في العراق، في إطار التحالف الدولي ضد تنظيم “داعش” الذي تقوده واشنطن. كما يعمل هؤلاء في مجال التدريب وتقديم الاستشارة للقوات العراقية.
وقال مسؤول عراقي بارز طلب عدم كشف هويته في تصريحات سابقة لوكالة الأنباء الفرنسية، إن “الفجوة بين العراق وأمريكا لم تكن كبيرة على الإطلاق مثلما وصلت إليه الآن، ولا تزال تزداد حجما”.
كما تأتي زيارة بنس بعد تسريب مئات التقارير الاستخباراتية الإيرانية التي تظهر عمق نفوذ طهران في العراق.
وسبق للولايات المتحدة أن أعلنت، عبر بنس، فرض عقوبات على قياديين في فصائل عراقية مسلحة مقربة من إيران، بينهم ريان الكلداني الأمين العام لكتائب “بابليون”.
وعلق الأخير على الزيارة بالقول عبر “تويتر”، “لنائب الرئيس الأمريكي الذي وصل خلسة إلى العراق (…) شعبنا الذي طرد احتلالكم بدمه، لا يريد مستقبلا يرسمه من قتل وشرّد وسرق. #غير مرحب بك في أرض العراق”.