بعد مرور شهر تقريباً على انطلاق حملة "مقاطعة البضائع الإيرانية"، بدأ ناشطون في ساحات التظاهر حملةً جديدة لتشجيع المنتجات الوطنية، للتعبير عن استيائهم من التدخلات الإيرانية في البلاد التي أثرت سلباً في الاقتصادي العراقي.
وشهد الشهر الماضي بداية حملة لمقاطعة كل البضائع الإيرانية المستوردة إلى العراق، من تنظيم شباب ساحات الاحتجاج في محافظات الوسط والجنوب الذين أطلقوا وسم (هاشتاغ) #خليها_تخيس، لحضّ المستهلك على ترك تلك البضائع وعدم شرائها والتوجه نحو شراء البضائع المحلية.
ورأى مراقبون أن الحملة بدأت تؤتي ثمارها حيث أصبحت البضائع الإيرانية تتكدس في المخازن العراقية بسبب امتناع التجار عن شرائها ورفض المواطنين اقتناءها من الأسواق.
حملة جديدة
ولاستكمال مهمة مقاطعة البضائع الإيرانية، بدأت قبل أيام حملة واسعة لتشجيع المنتج الوطني تحت عنوان #صنع_في_العراق، وبحسب الناشط المدني، سيف كاظم، وهو أحد منظمي الحملة فإن "هاشتاغ تشجيع المنتج الوطني اكتسح مواقع التواصل الاجتماعي خلال الأيام القليلة الماضية، وهناك إقبال حقيقي على البضائع العراقية التي أُهملت بسبب كثافة الصادرات الإيرانية إلى العراق".
ويرى كاظم أن "التظاهرات وحدها لا تكفي لمقاومة النفوذ الإيراني في العراق الذي كان السبب في تراجع الاقتصاد العراقي، ولا بد من وجود حملة لتوعية المواطن وكشف الدور الإيراني في تعطيل المصانع العراقية وتأثير ذلك في المزارع من خلال قطع الأنهر والروافد المغذية لنهر دجلة وحرق المحاصيل العراقية لإجبار التجار على استيراد المحاصيل الإيرانية".
وقال سامح عبد الفتاح، صاحب محل لبيع المنتجات الغذائية في بغداد، إن "الأسابيع الماضية شهدت تراجعاً في الطلب على المنتجات الإيرانية باستثناء بعض المنتجات التي لا يوجد بديل محلي أو أجنبي لها". وأضاف أن "البضائع الإيرانية رخيصة الثمن ومتوافرة بكثرة في الأسواق العراقية، وربما تكون المقاطعة مؤقتة بسبب التظاهرات الجارية منذ نحو شهرين، خصوصاً أن السلطات العراقية لا توفر البدائل ولا تحمي المنتجات المحلية".
وتعكس تلك الحملات حجم النقمة الشعبية التي أججتها الاحتجاجات التي انطلقت في محافظات الوسط والجنوب العراقي في بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، تجاه السياسيات الإيرانية في العراق، والتي يرى المحتجون أنها وراء الأوضاع الأمنية والاقتصادية والسياسية المتردية منذ عام 2003 وحتى الآن. لكن بعض الجهات السياسية العراقية ترفض تحميل الجانب الإيراني المسؤولية الكاملة لما يحصل في العراق وترى أن مقاطعة البضائع الإيرانية غير مجدية، وصرح النائب عن ائتلاف "دولة القانون" علي المرشدي أن "الأسواق العراقية مليئة بالضائع الأجنبية والعربية إلى جانب البضائع الإيرانية، ومقاطعة الأخيرة فقط من أجل تشجيع المنتج المحلي هو محاولة لاستثمار الأحداث لتحقيق أهداف اقتصادية".
ويشدد المرشدي على أن "دعم المنتجات المحلية يكون من خلال تشريع قوانين تحمي المصانع وتحمي المستثمر والتاجر العراقي".
دور البرلمان
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
من جهة أخرى، رأى الخبير الاقتصادي ماجد المشهداني أن "الحملة التي انطلقت من ساحة التحرير لدعم المنتج الوطني، هي جزء من إعادة إحياء الصناعة العراقية لكنها تحتاج إلى دعم السلطة التشريعية، من خلال فرض بعض القيود على البضائع المستوردة الرديئة والتي تنافس المنتج المحلي".
وتابع "بالفعل هناك طلب كبير حالياً على المنتجات الوطنية في السوق العراقية، وبدأت تبرز البضاعة المصنوعة عراقياً، وإن هذا الطلب سيعمل على تقوية السوق وتوفير فرص عمل وتشغيل المعامل العراقية المتوقفة بسبب تكاليف الإنتاج". وأشار المشهداني إلى أنه "على الرغم من حملة المقاطعة للبضائع الإيرانية، إلا أن المنتجات غير الصالحة أو التالفة ما زالت تصل من طهران بسبب غياب الرقابة في المنافذ الحدودية وضعف إدارة العلاقات الاقتصادية الخارجية".
حجم التبادل التجاري
ويبلغ حجم التبادل التجاري بين العراق وإيران 13 مليار دولار سنوياً، فيما أعلن وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف أثناء زيارته بغداد في يناير (كانون الثاني) الماضي عزم بلاده رفع حجم التبادل إلى 20 مليار سنوياً. لكن رئيس منظمة التنمية التجارية الإيراني حميد زادبوم أعلن في تصريح إلى وكالة أنباء "فارس" السبت، أن السلع الإيرانية تستحوذ على 25 في المئة من واردات السوق العراقية، مضيفاً أنه "يجب على المصدرين بذل جهود، لزيادة حصة إيران من هذه السوق. وتمّ لهذه الغاية تعيين ملحق تجاري لأول مرة، في جنوب العراق وتحديداً في محافظة البصرة".
وأوضح زادبوم أن "حصة السلع الإيرانية تبلغ 10 مليارات دولار من حجم السوق العراقية البالغة 40 مليار دولار". وأضاف أن "الحظر الأميركي يركّز على التجارة الخارجية الإيرانية، حيث صعّب بدوره الظروف التجارية، وعلى الرغم من ذلك نشهد تدفق الصادرات إلى العراق".