موجة اغتيالات وخطف تستهدف الناشطين المدنيين في العراق. وفي أسبوعين فقط قتل خمسة منهم في التظاهرات التي تهز البلاد وتقلق الطبقة الحاكمة.
الفاعل مجهول كما تقول السلطات، لكن المتظاهرين يؤكدون أن المليشيات التي تدعمها إيران هي الجاني، وأن رصاص عناصرها يلاحق هؤلاء لإخماد الثورة.
عدد محاولات التصفية والاغتيال للناشطين أكبر من عدد الضحايا، فقد نجا بعضهم من الموت، فيما أصيب البعض الآخر بجروح.
وهؤلا هم أبرز الناشطين الذين تم اغتيالهم مؤخرا:
حقي إسماعيل عباس العزاوي
العزاوي هو الأحدث في سلسلة الاغتيالات المستمرة لإرهاب النشطاء، حيث قتل مجهولون الناشط المدني والإعلامي حقي إسماعيل عباس العزاوي، صباح الأحد.
وتظهر صور لعزاوي وهو داخل سيارته حيث كان يقودها وقد أطلق عليه الرصاص في منطقة الشعب وهي ذات المنطقة التي اغتيل فيها الناشط العراقي علي اللامي الأسبوع الماضي.
ويقول نشطاء إن العزاوي اغتيل بسلاح كلاشنكوف من مسلحين كانوا يستقلون دراجة نارية في منقطة الشعب بالعاصمة بغداد.
وبحسب نشطاء فإن إطلاق الرصاص كان في موقع يبعد 20 مترا فقط عن مركز للشرطة.
وكان العزاوي، وهو صاحب شركة سياحة بحسب نشطاء، أحد التابعين للتيار الصدري ومتظاهر دائم في ساحة التحرير بالعاصمة بغداد مطالبا بتغيير الطبقة الفاسدة.
محمد جاسم الدجيلي
وقبل العزاوي بساعات، أطلق مجهولون النار على سيارة الناشط محمد جاسم الدجيلي في شارع فلسطين في بغداد.
وأصيب الدجيلي بطلقة في الظهر، نقل على أثرها إلى المستشفى حيث فارق الحياة صباح الأحد.
كان الدجيلي مع اثنين من النشطاء الأصدقاء، قبل أن يتم نصب كمين لهم، وإطلاق الرصاص عليهم.
توفي الدجيلي فيما أصيب آخر بإصابات بالغة، وهو يرقد حاليا في المستشفى فيما فقدت آثار الشخص الثالث.
وكان الدجيلي بحسب النشطاء، يعمل على تقديم الدعم الغذائي للمتظاهرين بمساعدة آخرين.
وأشار أقرباء الدجيلي إلى أنه واظب منذ انطلاق التظاهرات المنددة بالفساد والمطالبة بتغيير نظام الحكم في البلاد.
وجرت مراسيم تشييع مهيبة للدجيلي في مدينة الصدر حيث منزله في شرق بغداد.
والأحد أيضا، أفاد نشطاء بأنه كانت هناك محاولة اغتيال لاثنين من النشطاء في محافظة الديوانية بعبوة ناسفة استهدفت السيارة التي كانت تقلهما على طريق المعهد التقني.
وأفادت التقارير الصحفية أن الناشطين ثائر كريم الطيب وعلي المدني أصيبا وتم نقلهما للمستشفى.
علي اللامي.. "لن نعود إلا في تابوت"
وفي نفس المنطقة التي اغتيل فيها العزاوي صباح الأحد، عثر على الناشط علي اللامي جثة هامدة الأربعاء الماضي وفي جسده ثلاث رصاصات في الرأس أطلقت عليه من الخلف أثناء سيره في الشارع في منطقة الشعب بالعاصمة العراقية بغداد حيث كان متوجها إلى بيت شقيقته بعد مغادرته ساحة التحرير، المقر الرئيسي لاعتصام المحتجين.
كان اللامي، وهو أب لخمسة أطفال، يسكن في منزل شقيقته لبضعة أيام للمشاركة في تظاهرات ساحة التحرير.
كان اللامي قد كتب على صفحته قبل اغتياله بساعات إنه لن يعود من التظاهرات إلى بيته إلا في تابوت.
وقال أحد أصدقاءه إن اللامي، وهو من مدينة الكوت جنوب بغداد: "غادر ساحة التحرير عند الواحدة بعد الظهر متوجها إلى منزل شقيقته لكنه اختفى ثم عثرنا على جثته عند العاشرة مساء مقتولا برصاص في الرأس أطلق من الخلف، في شارع في منطقة الشعب".
زهراء علي (19 عاما).. خطف وتعذيب وتمثيل بالجثة
اختطفت الناشطة الطالبة بكلية الآداب، زهراء علي، ثم وجدت مقتولة بطريقة بشعة بعد يومين حيث ألقى خاطفوها جثتها أمام منزل عائلتها في صباح التاسع من ديسمبر الجاري.
كانت زهراء توزع الطعام والشراب على المتظاهرين في ساحة التحرير في بغداد.
قبل مقتلها تعرضت زهراء للتهديد، حتى والدها، لكن ذلك لم يثنيهما عن مواصلة التظاهر وخدمة المحتجين.
وقال علي سلمان والد الناشطة زهراء "بعض الناس التقطوا صورا لنا". وحول مقتل زهراء قال: "أثبت تقرير الطبيب أنها تعرضت لصعقات كهربائية".
فاهم الطائي.. اغتيال أمام المنزل
اغتيل الناشط فاهم الطائي في وقت متأخر من مساء يوم الثامن من ديسمبر الجاري برصاص مجهولين في مدينة كربلاء بينما كان في طريق العودة إلى منزله من التظاهرات المناهضة للحكومة.
كان الطائي من المنتقدين علنا للحكومة، ويشارك منذ الأسابيع الأولى في الاحتجاجات.
ليل الثامن من ديسمبر الجاري، وصل الطائي إلى مدخل منزله على دراجة نارية هو وصديقاه، وفق جاره الذي أكد أن "المنطقة قريبة من المقامات الدينية، ومركز الشرطة، ومجلس المحافظة، وتعتبر آمنة جدا".
بعد أن ترجل الطائي عن الدراجة النارية التي واصلت المسير، توقفت دراجة نارية أخرى كانت تتبعه ويستقلها شخصان. وفي فيديو وثق عملية الاغتيال، أطلق ملثم النار على الطائي مرتين على الأقل بمسدس عليه كاتم للصوت، قبل أن يبدأ السائق بإطلاق النار أيضا ليسقط الطائي أرضا.
واتضح فيما بعد، أن المسلحين وسيارة بيضاء برفقتهما، طاردا الناشطين الآخرين اللذين أقلا الطائي، بحسب ما أفاد أحد أقربائه. وأصيب أحدهما برصاصة في ظهره، لكنه لا يزال على قيد الحياة.
وكان الطائي، وهو متزوج ولديه أطفال، من المنتقدين علنا للتهديدات التي يتعرض لها الناشطون.
وكتب عبر صفحته على فيسبوك قبل أقل من 24 ساعة من اغتياله "سننتصر ويعود الوطن لنا رغما على أنوفكم.. رغم الوجع بداخلنا، إلا أننا نبتسم بغضا بكم وبأحزابكم العفنة".
عدنان رستم
في 16 نوفمبر الماضي، أطلق مسلحون مجهولون النار على الناشط المدني والداعم للتظاهرات عدنان رستم في منطقة الحرية بالعاصمة بغداد.
وجاء في منشور كتبه ابنه: "قتلوا أبي وتركوا المجرمين الذين فتكوا بدماء الشهداء والمجاهدين ضد الدواعش. قتلوا أبي البسيط وصافحوا الدواعش والمجرمين. ستبقى روح أبي تلاحقكم يا جبناء يا أذلاء ياغادرين".
أمجد الدهامات.. أسلحة كاتمة للصوت
في ساعة متأخرة من ليل السادس من نوفمبر الماضي، وبعد أن غادر ساحة الاعتصام في مركز محافظة ميسان، أطلق مسلحون مجهولون النار على أمجد بأسلحة كاتمة للصوت قرب منزله.
وكان أمجد الدهامات يعد أحد أبرز قادة التظاهرات الشعبية في محافظة ميسان جنوبي العراق.
وفي بداية الشهر الماضي، قتل الناشط ورسام الكاريكاتير العراقي حسين عادل وزوجته سارة على يد مسلحين اقتحموا منزلهما في مدينة البصرة جنوبي العراق.
وتتصاعد حملات التخويف والإرهاب للنشطاء ولعموم العراقيين من خلال عمليات الاغتيال والخطف وقتل المتظاهرين في البلاد التي تشهد منذ الأول من أكتوبر موجة احتجاجات تطالب بتغيير الطبقة السياسية التي تحتكر الحكم في العراق منذ 16 عاما، ويتهمها الشارع بالفساد والمحسوبية والتبعية لإيران.
وأسفرت الاحتجاجات عن مقتل ما يقارب 460 شخصا وإصابة أكثر من 20 ألفا بجروح حتى اليوم، سواء برصاص قوات الأمن أو مجهولين.
وكلما اغتيل ناشط في العراق، أعلنت القوات الأمنية والسلطات العراقية عن التحقيق في "الحادث" لكن تمر الأيام بدون الإعلان عن الجهة التي تقف وراء عمليات الخطف أو القتل تلك، لكن المتظاهرين يصرون على أن مليشيات الحشد الشعبي المدعومة من إيران هي القاتل الذي يتربص بهم.