تحدث رئيس البرلمان العراقي الأسبق، أسامة النجيفي، في لقاء مع "الحرة"، عن سبب غياب زخم المظاهرات في المحافظات العراقية ذات الأغلبية السنية، مؤكدا، في الوقت مشاركة واسعة للمنتمين إلى هذه الطائفة بالاحتجاجات في العاصمة، بغداد.
وتشهد معظم المناطق العراقية، منذ أكتوبر الماضي مظاهرات حاشدة منددة بفساد الطبقة الحاكمة ونفوذ إيران، واجهتها السلطات والميليشيات المرتبطة بطهران بحملة قمع عنيف أسفرت عن مقتل المئات وإصابة الآلاف بجروح.
وردا على سؤال بشأن سبب غياب التظاهرات عن المحافظات السنية، قال النجيفي إن هذا الأمر مطلوب "لأنه بالنسبة المحافظات التي حررت من داعش مرت بهذه التجربة ولازالت تعاني من القبضة الأمنية الشديدة والاتهامات الباطلة وتغول المليشيات في الكثير مفاصلها واعتقالات وإرهاب من قبل فصائل محسوبة على الدولة العراقية..".
وأضاف أن انطلاق مظاهرات "في هذه المناطق سيؤدي إلى نوع من تسمية طائفية للمظاهرات"، في خطوة من شأنها أيضا أن تنعكس سلبا على "المظاهرات في الوسط والجنوب"، في إشارة إلى المحافظات ذات الأغلبية الشيعية.
وأوضح النجيفي أن هناك تخوف من أن اندلاع المظاهرات في المحافظات السنية ستستغله السلطات لتسويق الأمر على أن "هناك مؤامرة من قبل السنة على الحكم..".
وأردف رئيس البرلمان العراقي الأسبق قائلا "أبناء الوسط والجنوب قد انتفضوا" وأبناء المحافظات السنية يقدمون لهم الدعم إن عبر "الاعتصامات والمساعدات..".
كما أكد أن "المحافظات المختلطة تشهد مشاركة واسعة، مثل بغداد، من الكثير من أبناء السنة"، الذين يؤدون واجبهم الوطني جنبا إلى جنب مع المتظاهرين.
ونفى النجيفي صحة المعلومات التي تزعم بأن القيادات وشيوخ العشائر وقوى الأمن وجهت أهالي المحافظات السنية بضرورة عدم الخروج في المظاهرات دعما للمحافظات الجنوبية.
المشاورات السياسية
وبالتزامن مع استمرار المظاهرات، تواصلت المشاورات السياسية في بغداد للاتفاق هذا الأسبوع على مرشح لرئاسة الحكومة خلفا لعادل عبد المهدي الذي استقال على خلفية الحركة الاحتجاجية.
وعن هذه التطورات، أشار النجيفي إلى وجود "طلب موقع من 150 نائبا لاختيار شخصية مستقلة لرئاسة الوزراء"، مؤكدا على أهمية هذه الخطوة على صعيد حشد "تأييد برلماني وشعبي واسع لشخصية مستقلة تستطيع أنت تدير مرحلة انتقالية".
وأصدر الرئيس العراقي، برهم صالح، كتابا، ليل الأحد، دعا فيه البرلمان إلى الإعلان عن الكتلة النيابية التي حصلت على أكبر عدد من المقاعد في انتخابات العام الماضي "لغرض تكليف مرشح جديد" لرئاسة الوزراء.
وردا على سؤال بشأن رد فعل الشارع العراقي في حال تولى رئيس البلاد الصلاحيات التنفيذية في حال عدم التوافق على رئيس للوزراء ضمن المهلة الدستورية، أكد النجيفي أن "الشارع يريد إصلاحات وحكومة جديدة وانتخابات ومكافحة فساد..".
وأضاف قائلا "ولكن هي مرحلة انتقالية، رئيس الجمهورية ملزم باستلام السلطة التنفيذية مباشرة حسب المادة 81 واختيار شخصية مستقلة خلال 15 يوما"، مشددا على رفض "ترك الأمور للبرلمان بشأن اختيار شخصية رئيس الوزراء..".
اغتيالات الناشطين
قال النجيفي إن مسؤولية كشف قتلة الناشطين "تقع على عاتق الحكومة وبالتأكيد الصورة واضحة هناك بعض العصابات والمليشيات والمافيات لا تريد للبلاد الاستقرار..".
وتقف هذه الجماعات ضد "مكافحة الفساد واستقلال وسيادة العراق"، وعليه "تحاول أن تحبط هذه الثورة الشعبية وتهدد وتقتل الناشطين وتغتالهم بشكل جماعي مثل ما حدث في السنك"، وفق رئيس البرلمان العراقي الأسبق.
وأعرب عن اعتقاد بأن "الحكومة تعرف هذه الجهات لكنها لا تستطيع أن تتصدى لها وتكشفها لأن قسم منها تشاكر في العملية السياسية والحكومة ولديها فصائل مسلحة"، مطالبا "القضاء العراقي بأن يبادر بكشف هؤلاء ومعاقبتهم".
رفض قاطع للنفوذ الإيراني
وعن المشهد في الجنوب العراقي الرافض للهيمنة الإيرانية، قال النجيفي إن "كل العراق لا يقبل بالنفوذ الإيراني وقد انقلب على هذا التغول الكبير وكان ذلك واضحا في المحافظات المحررة منذ سنوات..".
وأضاف "في الوسط والجنوب أيضا اعتقد المشروع الإيراني لم يبقى له حاضنة شعبية وتأييد شعبي، ولكن هو متمثل ببعض زعماء المليشيات وبعض المتنفذين اللذين لهم مصلحة في استمرار هذا النفوذ..".
الهجمات الصاروخية
وقال إن الجماعات المقربة من إيران مسؤولة عن الهجمات التي استهدفت في الأسابيع الماضية قواعد عسكرية تستضيف قوات أميركية، وذلك في محاولة لـ"خلط الأوراق".
وأضاف النجيفي أن هذه الجماعات، وبناء على أوامر إيرانية، تسعى لنشر الفوضى، مشيرا إلى أنها مرتبطة ببعض القيادات المعروفة التي تصر على الإضرار بالمصلحة العراقية.
وناشد لقيادة العامة للقوات المسلحة والعمليات المشتركة "ضبط هذا الموضوع لأن ليس فيه من مصلحة وممكن أن يفجر الأوضاع الأمنية إضافة الى الوضع السياسي السيء".
وختم النجيفي قائلا إن "العراق على مفترق طريق خطير"، مشددا على ضرورة الاستجابة لـ"قرار الشعب"، وإلا سينهار الهيكل "على رؤوس الجميع..".