بالتزامن مع إعلان الولايات المتحدة الأميركية إجلاء بعض موظفيها في عدد من المدن العراقية بسبب الأوضاع الأمنية التي تشهدها البلاد، اتهمت أطراف عراقية واشنطن بمحاولة إعادة "الإرهاب" إلى البلاد.
ودخلت السفارة الأميركية منذ أيام في حالة إنذار مستمرة، وقامت بإجلاء عدد من موظفيها غير الضروريين في بغداد وأربيل إلى خارج العراق، واختبرت أمس الأربعاء صافرات الإنذار، بحسب شهود عيان داخل المنطقة الخضراء الشديدة التحصين وسط العاصمة.
ونشرت مجموعة جديدة من الحواجز الإسمنتية في الطرقات المؤدية إلى السفارة، في مؤشر إلى وجود مخاوف كبيرة ومعلومات عن عمليات لاستهداف البعثات الدبلوماسية في العراق أو توقع بتدهور الأوضاع الأمنية، على خلفية الأحداث والاحتجاجات الشعبية المستمرة منذ بداية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.
وأرسلت وزارة الخارجية الأميركية إلى الكونغرس، في ديسمبر (كانون الأول) الحالي، خططاً مفصلة لتقليص عدد الدبلوماسيين الأميركيين في العراق بشكل كبير ودائم. ووفقاً لوثائق منشورة، ستقوم البعثة الأميركية بتقليل عدد الموظفين في سفارتها، ومركز الدعم الدبلوماسي، والقنصلية في أربيل، شمال العراق، من 486 إلى 349، أي بانخفاض قدره 28 في المئة، بحلول نهاية مايو (أيار) 2020.
عودة "داعش"
وعلى الرغم من استمرار العمليات العسكرية الأميركية على الشريط الحدودي بين العراق وسوريا لملاحقة عناصر تنظيم "داعش"، إلا أن بعض الجهات السياسية والأمنية العراقية، ومن بينها فصائل في "الحشد الشعبي"، حذرت من "محاولات أميركية" لإعادة التنظيم إلى العراق، خصوصاً بعد انسحاب الجيش الأميركي من سوريا باتجاه الأراضي العراقية، إضافة إلى نقل مئات من أسرى وعائلات "داعش".
وتزايدت هذه الاتهامات بعدما أكدت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا)، الأربعاء، قيام القوات الأميركية في سوريا بنقل 200 عائلة من "داعش"، من مخيم الهول في ريف الحسكة إلى العراق.
وأشارت إلى أن القوات الأميركية في سوريا أنشأت ثلاث نقاط عسكرية في ريف سري كاني (رأس العين). الأولى في المنطقة الممتدة بين قرية علوك وسري كاني، وقاعدتان في قرية الأحوس والداودية، بريف أبو راسين وجهزتهما بمهبط حوامات.
وتعد مشكلة أسرى "داعش" وعائلاته من أكبر المشكلات داخل العراق، حيث ترفض الكثير من الأطراف السياسية والأوساط الشعبية موافقة الحكومة العراقية على الاستمرار بتسلم دفعات من هؤلاء، خصوصاً إذا تطلب ذلك توفير المستلزمات الأمنية واللوجستية المكلفة، وخشية من تكرار سيناريو هروبهم وتحولهم إلى مرحلة مقاتلة القوات العراقية، كما حصل في عام 2013.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكشفت وسائل إعلام عراقية، الخميس، عن قيام القوات الأميركية باستطلاع مناطق مختلفة بالقرب من بحيرة الرزازة، باتجاه المناطق الغربية من دون معرفة الأسباب، مشيرة إلى أن هذه القوات أجرت عملية استطلاع لهذه المناطق بدعم من الطيران الأميركي.
لكن بعض المصادر أكدت أن قوات أميركية خاصة نفذت عملية إنزال جوي استهدفت ناحية البغدادي في قضاء هيت، وقامت باعتقال القيادي في "حشد الأنبار" نصير العبيدي من دون معرفة الأسباب.
ولم تجر القوات الأميركية منذ فترة طويلة أي عمليات استطلاع بواسطة قواتها البرية، وكانت تستعين بعمليات استطلاع جوية ضمن الإجراءات الاحترازية التي تتخذها في المدن المتوترة أمنياً.
مراقبة إيران
وأفاد تقرير نشره موقع "نيوز ماكس" الأميركي، الخميس، بأن الحكومة العراقية لا تعتمد حالياً على القوات الأميركية، مشيراً إلى أن تلك القوات هي لمراقبة إيران وتهديدها.
وذكر التقرير أن "الولايات المتحدة خسرت 4575 جندياً، وأصيب 32327 آخرين. ولكن، كما هو الحال في أفغانستان، انخفض عدد الإصابات سنوياً من 904 خلال عام 2007 إلى ما بين 15 إلى 20 شخصاً على مدار السنوات الخمس الماضية. والعدد الحالي للقوات الأميركية المتمركزة في العراق حوالى 5000 عسكري، فيما بلغت التكلفة المالية الإجمالية للعملية العسكرية في العراق حوالى 822 مليار دولار".
وأضاف "من الواضح أن السبب الرئيسي وراء دخول الولايات المتحدة إلى العراق لم يتحقق، لأنه لم يكن هناك برنامج لأسلحة الدمار الشامل. لكن يبدو أن الولايات المتحدة حققت أهدافاً أخرى، ويبدو أن العراق قد طور حكومة فعالة وشبه ديمقراطية على عكس نظيرتها الأفغانية. وهي لا تعتمد كلية على القوات الأميركية، بل إن توافر القوات الأميركية في العراق هو لمراقبة إيران وتهديدها".
وتابع التقرير أن "العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان والعراق وسوريا، تنطوي على مصالح وطنية كبرى للولايات المتحدة"، مبيناً أن "الولايات المتحدة حققت معظم أولوياتها في العراق".