"خليها تخيس"... حملة عراقية لمقاطعة المنتجات الإيرانية

آخر تحديث 2019-12-23 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

لمواجهة تمدّد النفوذ الإيراني، في السياسة كما في التجارة، يلجأ العراقيون إلى سلاح مقاطعة واردات البلد الجار وبضائعه في أسواقهم، رافعين شعار "خليها تخيس".

يعتمد العراق، الذي يشكّل النفط المصدر الوحيد لميزانيته، بشكل شبه كلي على طهران في مشتقات الطاقة وغيرها من المواد الأساسية. وتحتل طهران المرتبة الثانية بعد أنقرة، من حيث التبادلات التجارية مع بغداد، إذ تبلغ قيمتها اليوم نحو تسعة مليارات دولار، أقل بـ10 في المئة من قيمة صادرات بغداد إلى طهران، وفق أرقام رسمية.

لذا يرى المتظاهرون العراقيون، الذين يحتلون الشوارع منذ الأول من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، أن العودة إلى "صُنع في العراق" هو ضربة كبيرة لإيران. ويقول حاتم كريم، طالب ماجستير في جامعة بغداد يبلغ من العمر 24 عاماً، إن "ما نقوم به هو ثورة ضدّ كل الخطأ الذي تربّينا عليه... كنا نعتقد أن المنتج الإيراني ذو سعر رخيص وأعلى جودة. لكن الثورة أسهمت في وعينا اليوم". ويضيف "علينا مقاطعة كل المنتجات غير العراقية... لدعم المنتج الوطني. أقلّها أن نوفّر فرص عمل للعراقيين وإبقاء المال داخل البلاد".

مقاطعة من أجل "نهضة قوية"

وأطلق العراقيون أخيراً حملة على وسائل التواصل الاجتماعي بهاشتاغ #خليها_تخيس (يصيبها العفن)، داعين الجميع إلى مقاطعة المنتجات الإيرانية، من ألبان وأجبان ومشروبات ومعلبات غذائية وغيرها، التي عادةً ما تكون حاضرة بشكل شبه يومي على الموائد العراقية.

تقول إحدى المتظاهرات إن حملة المقاطعة "كانت لصالح الشعب لأن الحكومة كانت تحرص على إضعافنا"، مضيفةً "احتجنا في هذه الثورة إلى النهوض نهضة قوية من كل النواحي، وحتى من ناحية التجارة. بالتالي، أتت المقاطعة لصالحنا".

وامتدت الحملة التي بدأت في بغداد إلى محافظات البلاد الجنوبية، التي لها أيضاً حصة كبيرة من الاحتجاجات المناهضة للنظام وإيران داعمته، والتي أسفرت حتى اليوم عن مقتل نحو 460 شخصاً وإصابة 25 ألفاً بجروح.

في مدينة كربلاء، يراقب باسم زكري العمّال في مصنع وهم يعلّبون الأجبان والألبان ويضعون عليها ختم "صُنع في العراق". ويقول، وهو مدير الإنتاج في المصنع، "الحقيقة أنه بعد التظاهرات ضدّ الفساد، زاد إنتاج مصنعنا بخمسة أضعاف". ويشير إلى أن المعمل ينتج حالياً 40 طناً يومياً، وأن إقبال الناس زاد لأنهم اكتشفوا "نوعية أحسن وعمراً أطول وسعراً أرخص".

دعماً للصناعة العراقية

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

يقول الباحث في معهد الدراسات الإقليمية والدولية في السليمانية شمال العراق أحمد طبقشلي لوكالة الصحافة الفرنسية "نحن كبلد، نستورد كل شيء تقريباً. لدينا إنتاج محلي، ولكنه إمّا صناعات صغيرة أو غير مربحة". ويوضح "مشكلتنا أن ليس لدينا قطاعنا الخاص لتلبية حاجاتنا الأساسية التي تبدأ من المواد الغذائية وصعوداً"، معتبراً أنه وإن كان ممكناً استبدال المنتجات الإيرانية في الأسواق بمنتجات دول أخرى مثلاً، فإن الأمر لن يكون سهلاً. فتركيا على سبيل المثال تستطيع تلبية الحاجات اليومية من ألبان وأجبان للعراق، أو الأردن أو السعودية، لكن المطلب بأن يكون البديل عراقياً أمر صعب ضمن فترة قصيرة.

وهناك أيضاً مسألة الأسعار، لأن المنتج المحلي ليس بأسعار تنافسية، بل أعلى وأحياناً بأضعاف من المنتجات المستوردة الإيرانية وغيرها. ويلفت طبقشلي إلى أن العراق لا يمكنه طرح أسعار تنافس الدول المصدّرة، إذ إن إيران وتركيا خصوصاً، لديهما تدهور في العملة.

وإذا كانت الحملة بدأت ضد إيران خصوصاً، إلاّ أنها صارت عنواناً عريضاً لدعم المنتج العراقي في وجه أي مواد مستوردة أخرى، ومن أي دولة. تقول امرأة داخل أحد المتاجر في بغداد "دائماً أبحث عن المنتج العراقي وأفضّله. المفروض أن نشجّعه في هذه الأيام لتعزيز إنتاجنا". وداخل مركز تسوّق آخر، يقول أحد الزبائن إن "الأسعار كانت أغلى من قبل. الآن نصف القيمة، جيدة ومناسبة. أغراض لا تزيد على الألف دينار مثلاً". وتعتبر المرأة نفسها أن "المشكلة ليست في البلد الذي نستورد منه. المسألة هي تشجيع الإنتاج الوطني".