ألترا عراق ـ فريق التحرير
رغم السابقة المثيرة التي سجلها رئيس الجمهورية برهم صالح، برفضه مرشح الكتلة الأكبر بشكل علني عندما امتنع من تكليف أسعد العيداني مرشح تحالف الفتح وما حصده موقفه من تشجيع سياسي وشعبي من خلال ساحات الاحتجاج، إلا أن خطوة صالح لتنفيذ الخرق الدستوري، تبدو غير كافية لتطبيق مادة دستورية تكمل ما ابتدأه بتكليف رئيس وزراء وضع المتظاهرون مواصفاته وطالبوا بتنفيذها.
تتصاعد أزمة اختيار مرشح لرئاسة الوزراء بعد مرور أكثر من 3 أشهر على إدارة الدولة من قبل حكومة مستقيلة
ومنذ تقديم رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي استقالته في 30 تشرين الثاني/نوفمبر الماضي، تحدثت أصوات قانونية وشعبية وسياسية، عن قدرة رئيس الجمهورية برهم صالح باستلام زمام الأمور وتكليف شخصية تتوافق مع مطالب المحتجين، وقادرة على إصلاح الخراب الذي تعترف به معظم القوى السياسية.
اقرأ/ي أيضًا: أزمة رئيس الوزراء أمام نهاية الفصل التشريعي.. ما هي رسائل المرجعية لعبدالمهدي؟
وتدريجيًا، تتصاعد أزمة اختيار مرشح لرئاسة الوزراء بعد مرور أكثر من 3 أشهر على إدارة الدولة من قبل حكومة مستقيلة، وما سببته هذه الأزمة من تبعات القت بظلالها السلبي على المتظاهرين ودمائهم والتهديدات الاقتصادية والأمنية التي يشهدها البلاد، وسط "صعوبة" التوصل لاتفاق سياسي باختيار مرشح رئاسة وزراء ترضى عنه ساحات الاحتجاج وباقي القوى السياسية، بالرغم من اعتراف الكتل بأن "العراق ليس خاليًا من رجالات الدولة"، إلا أن تأخر اختيار مرشح "غير جدلي" كما تريده ساحات التظاهر، وما نصحت به المرجعية العليا في النجف وزعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، يوضح مقدار عدم جدية واستعداد قوى السلطة للتسليم لهذه الشروط، واختيار المرشح الذي يعتبر الخطوة الأولى تجاه حل الأزمة.
يقول النائب عن تحالف سائرون، رعد المكصوصي، إن "تأخير اختيار رئيس وزراء، سببه مماطلة الكتل السياسية، الأمر الذي أشار إليه زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر وأكد على عدم المماطلة والإسراع بالتوافق على شخصية تحظى بقبول الشارع المحتج".
أضاف المكصوصي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "سبب المماطلة وعدم التوصل إلى شخصية مقبولة حتى اللحظة، هو مراعاة الكتل السياسية أن يصل إلى المنصب شخص يراعي مصالحها السياسية"، مؤكدًا أن "ذلك هو ما دفع المرجعية في خطبة سابقة إلى التاكيد على "ضرورة التنازل قليلًا عن المنافع والمصالح الشخصية".
ووسط هذا الانسداد السياسي يطرح "امتناع" رئيس الجمهورية عن تسلم زمام الأمور، تساؤلات عديدة من قبل مراقبين، خصوصًا بعد تعالي الأصوات الشعبية والقانونية بقدرته على تكليف رئيس وزراء قادر على حل الأزمة، ووجود المبرر الدستوري الذي يحتم عليه تكليف رئيس وزراء بعيدًا عن البرلمان والكتل السياسية.
ووصلت إلى رئيس الجمهورية عدد كبير من طلبات الترشيح من خارج القوى السياسية، ومن داخلها، بعضها حظى بقبول الجمهور في ساحات الاحتجاج ومواقع التواصل الاجتماعي، من بينهم النائب فائق الشيخ علي والخبير القانوني مهند نعيم والدكتور كاظم السهلاني، وآخرون تعهدوا بـ"التصدي" لمهمة رئاسة الوزراء في الوقت الذي أصبحت هذه المهمة "حرجة وصعبة"، تعهد المقدمون لطلبات الترشيح بتنفيذ وتطبيق ما يتطلع إليه المحتجون، إلا أن رئيس الجمهورية ما زال "حبيس" الاجتماعات والمحاولات السياسية للوصول إلى "التوافق".
ويقول نقيب المحامين العراقيين ضياء السعدي في حديث لـ"ألترا عراق"، إن "المادة 81 من الدستور واضحة وهي تخول رئيس الجمهورية بتكليف مرشح لمنصب رئاسة الوزراء في حال خلو المنصب لأي سبب كان".
نائب عن سائرون لـ"ألترا عراق": سبب عدم التوصل إلى شخصية مقبولة حتى اللحظة، هو مراعاة الكتل السياسية أن يصل إلى المنصب شخص يراعي مصالحها السياسية
أضاف السعدي أن "المادة 76 والمتعلقة بتكليف مرشح الكتلة الأكبر تتحدث عن تشكيل الحكومة بعد إجراء الانتخابات مباشرة، فضلًا عن أن هذه المادة تحمل الكثير من التفسيرات والتأويلات التي تطيل الأزمة الحالية، ولا بد من التعامل مع مواد الدستور بمرونة تضمن المصلحة العليا ومصلحة الشعب"، مؤكدًا أنه من "الأسلم أن يتوجه رئيس الجمهورية لتطبيق المادة 81 وهو فعل دستوري".
اقرأ/ي أيضًا: الصدر يغازل المتظاهرين بـ"أمنية" و"يجامل" السلطات: احذروا حربًا أهلية طاحنة
أكد السعدي أن "المادة 81 جاءت مطلقة، ولم تحدد على رئيس الجمهورية كيفية اختيار المرشح"، مبينًا أن "طلبات الترشيح المقدمة لرئيس الجمهورية هي اقتراحات قد تساعده باختيار مرشح وتكليفه بتشكيل الحكومة".
وفي الوقت الذي يثير امتناع رئيس الجمهورية من تطبيق هذه المادة الشكوك بخضوعه لضغوط الكتل السياسية، يرجح مراقبون ونشطاء أن "امتناع رئيس الجمهورية عن تطبيق المادة 81، قد يكون لخشيته من أن تسقط التشكيلة الوزارية التي قد يشكلها المرشح الذي يكلفه رئيس الجمهورية بالتصويت في مجلس النواب، الأمر الذي قد يدخل المشهد السياسي في دوامة جديدة تعرقل سير الحكومة الجديدة، وتبدأ بحكومة عرجاء وغير مكتملة الوزارات".
من جانب آخر، أقام الملتقى الوطني للمساءلة الشعبية دعوى قضائية ضد رئيس الجمهورية صباح اليوم الاثنين أمام المحكمة الاتحادية العليا على "خلفية انتهاكه وخرقه للدستور وفشله في تكليف رئيس وزراء آخر بديلًا عن رئيس الوزراء المستقيل ضمن المدة الدستورية المنصوص عليها في المواد (76/اولا) و(81) و(61/د)".
قال عضو الملتقى الدكتور سامي عبيد في بيان تلقى "ألترا عراق" نسخة منه، أن "هذه الخطوة تعد أولى الخطوات التصعيدية ضمن الأطر القانونية السلمية التي يعتمدها الملتقى في دعم المطالب المشروعة للمتظاهرين السلميين وفاء لدماء الشهداء والتضحيات الكبيرة التي قدمها العراقيون في معركة الإصلاح الكبرى بعد انتصاره في معركته الأولى ضد عصابات "داعش" وحواضنهم".
نقيب المحامين لـ"ألترا عراق": الأسلم أن يتوجه رئيس الجمهورية لتطبيق المادة 81 وهو فعل دستوري
في الأثناء، رجحت قوى سياسية مختلفة، عن قرب تكليف شخصية بمنصب رئيس الوزراء، تزامنًا مع تصاعد حدة الأحداث في بغداد والمحافظات بعد انتهاء المهلة التي حددتها محافظة ذي قار، والتي انتقلت آثارها على جميع المحافظات المنتفضة الأخرى، ولا توجد مؤشرات عما إذا كان المرشح "توافقيًا" في خطوة تشبه الطريقة التي كُلف بيها رئيس حكومة تصريف الأعمال عادل عبد المهدي، أم أنه سيكون مرشح الكتلة الأكبر، أو سيذهب رئيس الجمهورية لتكليف شخصية خارج هذه المعادلات.
اقرأ/ي أيضًا: بمباركة السيستاني.. تسريبات عن اتفاق بين الصدر والبناء على مرشح لرئاسة الحكومة
وبعد التصعيد الذي شهدته عدة محافظات عقب انتهاء "مهلة الناصرية"، كشفت كتلة الحكمة النيابية، عن طرح ثلاثة أسماء مرشحة لرئاسة الحكومة، خلفًا للمستقيل عادل عبدالمهدي.
قال النائب عن كتلة الحكمة حسن خلاطي، في تصريحات صحفية تابعها "ألترا عراق"، إن "الأسبوع الحالي سيشهد اختيار مرشح لرئاسة الوزراء"، مبينًا أن "أمام رئيس الجمهورية ثلاثة أسماء مطروحة، لم يحسبوا على جهة معينة، ولهم تواصل مع كل الجهات ومع القوى السياسية والجماهيرية".
وأشار إلى "وجود توافق على الأسماء المطروحة من قبل الكتل السياسية"، مؤكدًا أن "الساحة العراقية أصبحت أكثر ثقة بتسمية المرشح"، مضيفًا "الحكومة الجديدة ستهيئ الأرضية لانتخابات مبكرة".
اقرأ/ي أيضًا:
بيان ناري من التحرير يعلن خارطة التصعيد.. ويتبرأ من "ممارسات": هدفها الفتنة
دماء ورصاص.. هجوم ضد "ملهمة الاحتجاجات" وأوامر بـ"قمع" المتظاهرين في بغداد