مع قرب نهاية مهلة صالح… توافق "الفتح" و"سائرون" قد يخضع لإعادة صياغة

آخر تحديث 2020-01-31 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بعد تحديد رئيس الجمهورية العراقية برهم صالح مهلةً تنتهي السبت، للقوى السياسية لحسم ترشيح شخصية "غير جدلية" لمنصب رئيس الوزراء تحت طائلة أن يكلّف شخصية يراها ملائمة لإرادة المحتجين، بات الحراك السياسي يجري بشكلٍ متسارعٍ لحسم تلك المسألة.

وتستمر الضغوط الشعبية من ساحات الاحتجاج لحسم مسألة تكليف شخصية مستقلة تمتلك المواصفات التي طرحوها، وأبرزها أن يكون غير منتمٍ إلى حزب سياسي، ولم يتسلّم منصباً حكومياً رفيعاً في السابق، وغير متهمٍ بملفات فساد، ومن غير مزدوجي الجنسية، فيما تسود حالة من الانسداد السياسي وعدم الحسم في هذا الملف على الرغم من مرور نحو شهرين على استقالة رئيس الحكومة عادل عبد المهدي.
 

توافق "الفتح" و"سائرون"
 

وأفادت مصادر مأذونة لـ"اندبندنت عربية"، بأن "حراكاً سياسياً كبيراً جرى في الأيام الماضية للتنسيق بين تحالفَي الفتح وسائرون لحسم ترشيح شخصية للمنصب".

وتابعت المصادر، أن "توافقاً حدث بين الكتلتين لإمرار محمد توفيق علاوي للمنصب"، مبينةً أن التوافق الذي جرى صياغته يشبه ما حدث في فترة تكليف عادل عبد المهدي، ما قد "يثير مشاكل شعبية".

إلا أن المصادر ذاتها بيّنت أن "خلافات حادة حدثت الخميس بشأن تكليف علاوي"، مشيرةً إلى أن "أبرز المعترضين على تكليف علاوي داخل تحالف (البناء)، اثنان هما زعيم (ائتلاف دولة القانون) نوري المالكي وزعيم حركة (عصائب أهل الحق) قيس الخزعلي".

وأوردت تسريبات أن قائمة المرشحين للمنصب لدى رئيس الجمهورية وصلت إلى 40 مرشحاً، من بينهم شخصيات غير معروفة في الوسط السياسي.


الصدر يصعّد
 

وبعد تصاعد الأزمة بشكلٍ متسارع واقتراب مهلة رئيس الجمهورية من النهاية، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر الجمعة 31 يناير (كانون الثاني)، أنصاره إلى تظاهرة شعبية حاشدة في بغداد، وبينما عزا دعوته إلى ما سمّاه بـ"الفشل في الاستجابة لمطالب المتظاهرين"، دعا أنصاره إلى الالتزام بـ"الانضباط والسلمية وعدم قطع الطرق والمؤسسات التعليمية والخدمية".

وقال الصدر، في تغريدة على "تويتر"، إنه "مرة أخرى، فشل السياسيون في تشكيل الحكومة، وما زال بعضهم يماطل في تحقيق مطالب المتظاهرين"، ودعا إلى "محاكمة الفاسدين أمام قضاء نزيه، وإقرار قانون الانتخابات ومفوضية مستقلة لها، وتشكيل حكومة غير جدلية وغير تبعية، بوزراء مستقلين لا حزبيين ولا طائفيين ولا فئويين ولا ميليشياويين"، مؤكداً "تحقيق استقلال العراق وسيادته وتنظيم انتخابات نزيهة مبكرة خلال الأشهر المقبلة". وأضاف، "لذلك فإنني أجد أنّه من المصلحة أن نجدد الثورة الإصلاحية السلمية".

ودعا أنصاره إلى "تظاهرة شعبية سلمية حاشدة في العاصمة، كونها مركزاً للقرار، بهدف الضغط على الساسة لتشكيل الحكومة، إلى جانب التحضير لاعتصامات سلمية حاشدة قرب المنطقة الخضراء"، مهدداً "ولدينا خطوات شعبية تصعيدية أخرى".


الصدر يحمي "التكليف"
 

وتشير تسريبات إلى أن برهم صالح يفضّل تكليف رئيس جهاز الاستخبارات مصطفى الكاظمي، لكنه لا يحظى بتوافق سياسي من الأطراف التي تتصدر المشهد السياسي وتحديداً تحالف "الفتح" القريب من إيران.

في السياق ذاته، أفاد مصدر مأذون رفض كشف هويته لـ"اندبندنت عربية"، بأن "دعوة الصدر أنصاره إلى التظاهر تمهيداً للاعتصام أمام بوابات المنطقة الخضراء، أتت لحماية تكليف محمد توفيق علاوي، واحتواء ما قد يحاول المحتجون فعله في إطار رفض هذا التكليف".

وعن موقف السيد علي السيستاني من التكليف، تفيد تسريبات بأن "المرجعية راغبة في شخصية قوية وجريئة تطيح الأحزاب، وتفكك أجنحتها المسلحة".

وكثَّف الرئيس العراقي في الأيام الماضية لقاءاته مع ناشطين في الحراك الاحتجاجي، لمعرفة آرائهم بالمرشحين للمنصب، وتتصاعد المطالبات بأن يوقِّع المكلف بمنصب رئيس الوزراء تعهداً للمحتجين بخصوص مطالبهم، المتعلقة بمحاسبة المتورطين بقتل المحتجين، وتحديد سقوف زمنية لذلك، والشروع في تحديد موعد للانتخابات المبكرة وضمانات تتعلق بنزاهتها، وحصر السلاح بيد الدولة، وحماية المحتجين، وفتح ملفات الفساد.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


تعهدات أمام الشعب
 

ولعل أبرز الاعتراضات من ساحات الاحتجاج على تكليف محمد توفيق علاوي أو أي شخصية أخرى تحظى بتوافق تحالفي "الفتح" و"سائرون" للمنصب تتمحور حول أنّه قد يأتي بصفقة شبيهة بـ"صفقة تشكيل حكومة عبد المهدي"، والعودة إلى مرحلة "المحاصصة والتوافقات السياسية".

وتصاعدت المخاوف الشعبية من إعادة صياغة توافق "الفتح" و"سائرون" بعد الحديث المتزايد عن أن الكتل السياسية تشترط على مَن ترشحه توقيع جملة تعهدات تتعلق بالمرحلة المقبلة، أبرزها عدم فتح ملفات تطال قادة سياسيين بارزين، فيما يتعلق بقضايا فساد وقتل، الأمر الذي يعرقل تنفيذ مطالب المحتجين.

وقال الناشط علاء ستار، "ساحات الاحتجاج في كل العراق تطالب المكلّف بمنصب رئيس الوزراء المقبل بتوقيع تعهد أمام المحتجين بالقيام بجملة إجراءات، يكون أولها الشروع بتحقيق واسع حول عمليات قتل المتظاهرين منذ انطلاق الاحتجاجات العراقية مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي".

وأوضح، "من ضمن التعهدات، حصر السلاح بيد الدولة، وفتح ملفات الفساد، ومحاسبة المتورطين بها".

ويرى المحتجون أن بعض معاييرهم قد "لا تنطبق" على محمد توفيق علاوي، ومنها أنه من مزدوجي الجنسية، وشغل مناصب في الحكومات السابقة.
 

مناورات "التيار الصدري"
 

من جانبه، قال الباحث في الشأن السياسي أحمد الشريفي إن "محمد علاوي كان محل اتفاق بين الفتح وسائرون حتى فترة اختيار رئيس الحكومة السابقة، ولم يكن هناك خلاف عليه، لكنهما رجّحا عبد المهدي، لأنه أكثر طواعية لهما".

وأضاف، "بعد فشل خيار عبد المهدي عادت تلك القوى إلى الدفع باتجاه محمد توفيق علاوي".

وأشار إلى أن "الصدر أدرك بعد انسحاب تياره من الاحتجاجات انخفاضاً كبيراً لشعبيته، واستُهدف في الشارع باتهامه بالتخلي عن مشروع الإصلاح"، مبيناً أن "إشارات من مقربين للصدر دفعته إلى العودة بهدف استثمار ساحات التظاهر، لأن خروجهم منها يقلل من أوراق ضغطهم".

ولفت الشريفي إلى أن "التيار الصدري يناور على مستويين، هما محاولة درء التهم المتعلقة بالتخلي عن مشروع الإصلاح، فضلاً عن الضغط من خلال الشارع لإمرار مرشحيهم".


حراك إيراني لإعادة "البيت الشيعي"
 

في السياق ذاته، يرى رئيس المجموعة العراقية للدراسات الاستراتيجية واثق الهاشمي، أن "هناك حراكاً إيرانياً بقيادة العامري لإعادة البيت الشيعي بصورة عامة، ومحاولات تجري للمصالحة بين الصدر والمالكي"، مبيناً أن "الخلافات العميقة بينهما لن تؤدي إلى نجاح تلك المساعي".

وأضاف، "يبدو أن أغلب الكتل السياسية موافقة على تكليف علاوي، ما عدا تحالف المالكي الذي أبدى اعتراضاً على ذلك".

وأشار إلى أنه "من الصعب أن يمثّل محمد علاوي حلاً للأزمة، لأنه لا يملك القوة، وتوجد ضغوط تُمارس عليه من أجل توزيع المناصب في الحكومة المقبلة".

وختم، "إذا لم يصاحب التكليف قرارات مهمة، منها المصادقة على قانون الانتخابات، وتحديد موعدها، فإن الأمور ستكون صعبة للغاية"، مستبعداً أن "يُجرى التكليف غداً السبت".