رداً على دعوة الزعيم الشيعي مقتدى الصدر إلى عدم الاختلاط بين الجنسين في أماكن الاعتصام، ودفاعاً عن دور المرأة في حركة الاحتجاج المناهضة للحكومة العراقية، تظاهرت مئات العراقيات في وسط بغداد، الخميس 13 فبراير (شباط).
وأعادت التظاهرة بعضاً من الزخم للحركة الاحتجاجية غير المسبوقة التي بدأت بالتراجع بعد أكثر من أربعة أشهر على انطلاقها في بغداد ومناطق الجنوب العراقي ذات الغالبية الشيعية.
وسارت نساء وشابات في نفق السعدون وصولاً إلى ساحة الاعتصام الرئيسية، وهن يرفعن شعارات ويردّدن هتافات تشدد على دور المرأة في الاحتجاجات المطالبة برحيل الطبقة السياسية المتّهمة بالفساد.
وقبل دقائق من بداية المسيرة النسوية في ساحة التحرير الخميس، هاجم الصدر المتظاهرين متّهماً إياهم عبر تويتر بـ"التعري والاختلاط والثمالة والفسق والفجور (...) والكفر".
وحذّر أنّ تيّاره ومؤيديه لن يبقوا "مقيدين وساكتين عن الإساءة إلى الدين والعقيدة والوطن"، معتبراً أنّه ملزم "عدم جعل العراق قندهاراً للتشدد ولا شيكاغو للتحرر والانفلات والأخلاقي والشذوذ الجنسي".
على الرغم من ذلك، سارت النساء وبينهن مئات الطالبات لأكثر من ساعة ونصف الساعة في ساحة التحرير ومحيطها وهنّ يرددن شعارات تدافع عن دور المرأة وتدعو إلى الاستمرار بالاحتجاجات، بينما شكّل عشرات الشبان سلسلة بشرية لحمايتهنّ من الجهتين.
وكتب على إحدى اللافتات "أنا ثورة وصمت الذكور عورة"، وعلى أخرى "حرية ثورة نسوية".
وهتفت النساء اللواتي حمل بعضهنّ العلم العراقي والورود "أين الملايين"، و"شلع قلع والذي قالها من ضمنهم"، في إشارة إلى الصدر.
وقالت ريّا عاصي "يريدوننا أن نصبح إيران ثانية، لكن المرأة العراقية لم تولد ليملي عليها الرجل ماذا تفعل. عليهم أن يتقبلونا كما نحن".
وقالت الطالبة الجامعية في قسم الصيدلة زينب أحمد لوكالة الصحافة الفرنسية "هناك من حرّض ضدّنا قبل أيام ومن يحاول أن يعيد النساء إلى المنازل وأن يسكتنا (...)، لكننا نزلنا اليوم بأعداد كبيرة كي نثبت لهم أن محاولاتهم ستبوء بالفشل".
وتابعت "نريد أن نحمي دور المرأة في التظاهرات، فحالنا حال الرجل. هناك محاولات لإخراجنا من الساحة لكننا سنعود أقوى".
ودعا الصدر، الذي أيّد التظاهرات في بدايتها ودفع بآلاف الأنصار إلى ساحات الاعتصام، وطالب عبر تويتر، السبت 8 فبراير(شباط)، بعدم الاختلاط بين الجنسين.
وقال إنّ على المتظاهرين "مراعاة القواعد الشرعية والاجتماعية للبلد قدر الإمكان وعدم اختلاط الجنسين في خيام الاعتصام وإخلاء أماكن الاحتجاجات من المسكرات الممنوعة والمخدرات".
ويشوب التوتر علاقة الصدر بالمتظاهرين منذ أعلن هذا الشهر دعمه تكليف الوزير السابق محمد علاوي تشكيل حكومة جديدة، وهو ما يرفضه المحتجون باعتبار أن رئيس الوزراء المكلف مقرّب من الطبقة الحاكمة.
وتنتشر على وسائل التواصل الاجتماعي تسجيلات تسخر من الصدر، بينما يردّد متظاهرون في العديد من المدن العراقية هتافات مناوئة له. وهو ما لم يكن من الممكن تصوره قبل الاحتجاجات.
ودان نواب الكتلة الصدرية في البرلمان، الخميس، "الإساءات المتكررة" للصدر وشخصيات أخرى من قبل المتظاهرين، معتبرين أنّها تأتي ضمن "موجة أميركية" هدفها "إسقاط كل المعتقدات".
وتصاعد التوتر أخيراً بين الصدر والمتظاهرين وتحول إلى مواجهات عندما اقتحم مؤيدو الصدر أماكن اعتصام في النجف والحلة جنوب بغداد الأسبوع الماضي. ما أدى إلى مقتل ثمانية متظاهرين.
عودة التوتر
ومع عودة الّتوتر، مساء الأربعاء 12 فبراير، إلى العاصمة العراقية ومدن أخرى في البلاد، بعدما أعادت السلطات فتح جسر السنك الرئيس في بغداد صباحاً، أعلن النائب محمد الخالدي اكتمال التشكيلة الحكومية لرئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي، مشيراً إلى أن "علاوي سيعلن عنها رسمياً الأحد المقبل"، وفق ما نقلت عنه وكالة الأنباء العراقية.
وقال إن "علاوي سيبلغ رئيس الجمهورية برهم صالح ورئيس الوزراء المستقيل عادل عبد المهدي، وسيطلب من البرلمان عقد جلسة طارئة للتصويت على الحكومة".
وأوضح الخالدي أن هناك ضغوطاً من قبل بعض الكتل، إلّا أنها لن تؤثر في تمرير التشكيلة الحكومية داخل مجلس النواب.
وكان علاوي تعهد بتشكيل حكومة تمثل جميع الأطياف ورفض مرشحي الأحزاب، كما تعهّد بمحاربة الفساد وتوفير فرص العمل، إلا أن تسميته لا تزال تقابل برفض المحتجين في الساحات.
واندلعت اشتباكات بين المحتجين والقوى الأمنية في ساحة الخلاني وسط العاصمة، بعدما حاولت الأخيرة إعادة المتظاهرين إلى ساحة التحرير لحصرهم فيها، مستخدمةً كميات كبيرة من قنابل الغاز المسيل للدموع.
وأدّت المواجهات إلى اختناق 17 شخصاً، وفق ما نقل موقع "السومرية نيوز" عن مصدر أمني، و"تسجيل 27 إصابة واختناقاً لمتظاهرين وقوى أمنية في محافظة ذي قار، وسبع حالات اختناق لمحتجين في بابل".
فتح جسر السنك
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وكانت السلطات العراقية أعادت الأربعاء فتح جسر السنك، الذي يؤدي إلى حي قريب من المنطقة الخضراء التي تضمّ المباني الحكومية والدبلوماسية. ويمتدّ بالتوازي مع جسر الجمهورية الذي يربط المنطقة الخضراء بمعسكر الاحتجاج الرئيس في ساحة التحرير، الذي ما زال مغلقاً.
وقال السكرتير العسكري الخاص لقائد القوات المسلحة العراقية محمد البياتي إن السلطات تمكنت منذ الصباح الباكر، وبمعاونة المحتجين، من إعادة فتح جسر السنك والسماح بمرور المركبات والسكان عليه بحرية، وشوهدت قوات الأمن بالقرب من رافعات تنقل حواجز إسمنتية وُضعت لمنع المحتجين من عبور الجسر.
مقتل المئات
وقُتل نحو 500 شخص في التظاهرات التي اندلعت مطلع أكتوبر (تشرين الأول) الماضي للمطالبة بعزل النخبة الحاكمة التي وصفها المحتجون بأنها "فاسدة"، وبإنهاء التدخل الأجنبي في البلاد، خصوصاً من جانب إيران والولايات المتحدة.
وذكر التلفزيون الحكومي أن مكتب العمليات العسكرية في بغداد دعا من تبقّى من المحتجين إلى المكوث في مخيم الاحتجاج الرئيس في ساحة التحرير.
على صعيد آخر، نُفذ مساء الخميس هجوم صاروخي على قاعدة يتمركز فيها أميركيون شمال العراق.