العراق... مهمة شاقة أمام علاوي لإقناع القوى الكردية والسنية

آخر تحديث 2020-02-28 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

تستمر الخلافات بين الكتل السياسية العراقية حول حكومة محمد علاوي. ويبدو أن أبرز تلك الخلافات يتمحور حول موقف القوى السياسية الكردية والسنية وعدم التوصل إلى اتفاقات معها تضمن منحها الثقة لتشكيلة علاوي الوزارية.

وأعلن رئيس البرلمان محمد الحلبوسي الموافقة على طلب رئيس الحكومة المكلف محمد علاوي تأجيل جلسة منح الثقة لحكومته إلى يوم الأحد الأول من مارس (آذار)، من أجل إكمال تشكيلته الوزارية.

ويُعتقَد أن تأجيل التصويت على حكومة علاوي إلى الأحد، يأتي في إطار إفساح المجال أمام مساعي إقناع القوى السياسية الرافضة للتصويت على الحكومة. وفي حين يقول علاوي إن خياراته غير خاضعة لإملاءات الكتل السياسية، تتهمه الكتل السنية والكردية بإعطاء حصص للكتل الشيعية الرئيسية، بينما يُستبعدون هم من الحكومة.
ولم يتوصل رئيس الوزراء المكلف بعد إلى أي اتفاق مع الكتل الكردية لإقناعها بالتصويت على تشكيلته الوزارية.

في غضون ذلك، تشير تسريبات إلى وجود توجه برلماني بالعمل على اختيار بديل لعلاوي في الأيام المقبلة، وأن قوىً شيعية تدعم هذا التوجه. ويقود تحالفَي "سائرون" و"الفتح" ونواب عن كتلة رئيس البرلمان السابق أسامة النجيفي، حراكاً للدفع نحو تمرير حكومة علاوي في البرلمان، إذ يصفونها بالـ "مستقلة"، ويتهمون القوى الرافضة للتصويت بأنها تبحث عن حصص في الحكومة، في حين ينفي تحالف القوى الوطنية أن يكون رفضه بسبب عدم الحصول على مناصب داخل الحكومة، معللاً ذلك بأن "حكومة علاوي غير مستقلة ولا تراعي التوازنات السياسية أو المطالب الشعبية".
كما لا يزال المحتجون العراقيون يرفضون حكومة علاوي، معتبرين أنها تشكل عودةً إلى التوافقات السياسية الحزبية، وغير مستقلة ولا تنطبق معاييرهم عليها.


آلية غير مطمئنة

إلى ذلك، قال السياسي المستقل إبراهيم الصميدعي إن "إمرار الحكومة أصبح أكثر تعقيداً بعد طرح التشكيلة الوزارية التي أُثيرت حولها شبهات تقول إنها غير صالحة وغير تخصصية وغير مستقلة"، مبيناً أن "القوى السياسية باتت تعرف أن التشكيلة إما سياسية أو مدفوعة من تجار". وأضاف أن "الأزمة داخل تحالف الفتح أصبحت أكبر بكثير والاجتماعات مستمرة لتقديم بديل لعلاوي".
وعن موقف الأكراد، بيّن الصميدعي أن "عدم الإعلان عن أسماء الوزراء التي يعتقد الكرد أنها من حصتهم في تشكيلة علاوي، يعطي انطباعاً أن هذه إشارة لملء تلك الفراغات بعد التصويت".
ولفت إلى أن "الموقف الكردي المضاد لحكومة علاوي يتعلق بأمرين، الأول هو أن كل التشكيلة الحكومية وآلية العمل وطريقة تكليف رئيس الوزراء غير مطمئنة بالنسبة إليهم، والأمر الآخر يتعلق بالمخاوف الكردية من كون الحكومة شُكلت من منظمة بدر والتيار الصدري. ومن حيث إدارة الوزراء، يتحكم بها برهم صالح ومقتدى الصدر. وحكومة بتلك المواصفات لا تمثل طموح القوى الكردية وتثير مخاوفهم".
 

حكومة غير مستقلة

وقال عضو الوفد المفاوض لإقليم كردستان عرفات كرم، إن "الطريقة التي انتهجها علاوي معنا مخالفة للأعراف السياسية التي تتعلق بالمكونات الأساسية في البلاد، ولا يمكن أن يقرر بدلاً عن الإقليم".
وأوضح أن "الإصرار على تلك الطريقة يدفعنا لعدم التصويت على حكومة علاوي". وأشار إلى أن "هذه الحكومة غير مستقلة واختيار الوزراء الكرد بدلاً عنا، إهانة لنضالنا ودمائنا"، مبيناً أن "الحوارات جارية حول هذا الأمر وقد تحدث تغييرات".
وأردف أن "علاوي غير مستقل حيث رشحته كتلتَي الفتح وسائرون. وتشكيلته الوزارية غير مستقلة، ولذلك لنا الحرية باختيار حزبيين لكن بشرط النزاهة والكفاءة والقدرة على الإدارة".
وتابع أنه "لو أعطانا علاوي نصف التشكيلة الحكومية شريطة أن يختارها هو لن نرضى، في مقابل إعطائنا خيار الترشيح لوزارة واحدة غير سيادية سنرضى".
 

خيار محسوم

من جانبه، قال النائب عن ائتلاف القوى الوطنية عبدالله الخربيط إن "الخلاف الرئيسي هو حول آلية تكليف علاوي وآلية اختيار وزرائه من دون الرجوع للشعب والكتل السياسية".
ونفى الخربيط أن يكون تحالفه طلب حصصاً في الحكومة، مبيناً أن "الوزراء الذين تم اختيارهم، ممثلون لأحزاب، ولا يمكن منحهم صفة الاستقلالية ورئيسهم غير مستقل".

وتابع "طالبنا بتقديم شخصية مستقلة فعلاً، كرئيس مجلس القضاء الأعلى أو رئيس أركان الجيش أو رئيس الاستخبارات، لتقديم حكومة من المستقلين غير السياسيين لإدارة المرحلة الانتقالية ومعالجة الخلل الحاصل وإدارة انتخابات شفافة".
وأكد أن "التحالف حسم قراره بعدم التصويت"، مردفاً "موقفنا موحد مع القوى الكردية وكتل شيعية منها الحكمة ودولة القانون والنصر وسند".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


وزارة المالية مطلب أساسي

من جانبه، قال الصحافي سامان نوح إن "القوى الكردية وتحديداً الحزب الديمقراطي، ترى أن وضع كردستان خاص ويجب تعيين الوزراء من قِبل حكومة الإقليم خارج سياق الاستقلالية وليس من قبل علاوي"، مبيناً أن "علاوي ما زال يرفض ومصرّ على موقفه".
ولفت إلى أن "الحزب الديمقراطي والمقربين منه يتحدثون عن سلسلة مطالب تبدأ من العودة إلى كركوك وإعادة الانتشار في المناطق المتنازع عليها وتطبيق المادة 140، لكن حقيقة الخلاف تتعلق باختيار الوزراء وتحديداً وزير المالية"، مبيناً أن "منح تلك الوزارة للحزب الديمقراطي سيدفعهم إلى الموافقة على إمرار الحكومة بغض النظر عن المطالب الأخرى".
 

أبعاد الخلافات
في السياق ذاته، رأى الباحث في الشأن السياسي مصطفى ناصر أن "الخلافات السياسية الحالية ذات أبعاد عدة، أولها يتمثل بالخلاف بين الكتل الشيعية والسنية من جهة، والشيعية - الكردية من جهة أخرى، وثانيها يظهر في الخلافات داخل المكون الواحد، فهناك خلاف سني-سني عميق بين كتلتَي الحلبوسي والنجيفي، وشيعي-شيعي بين الصدر وخصومه البارزين، دولة القانون بزعامة نوري المالكي وكتلة صادقون بزعامة قيس الخزعلي، وهناك خلاف كردي-كردي أيضاً". وأضاف "أما البعد الثالث للخلافات فيتمثل برؤية الكتل السياسية لما بعد تشكيل حكومة علاوي والذهاب إلى انتخابات مبكرة أم لا".
وتابع أن "كل هذه الأبعاد تولّد صراعاً غير واضح المعالم، على الرغم من وجود إرادة إيرانية وأميركية لتمرير حكومة علاوي في المرحلة الحالية".

ورجّح ناصر أن "تمر حكومة علاوي في البرلمان بعد إجراء جملة تغييرات على اختياراته الوزارية، لإرضاء السنة والأكراد".
ولفت إلى أن "هناك اتفاقاً يبدو قوياً بين الحلبوسي ومسعود البارزاني بشأن تشكيلة علاوي، تمثلت بضرورة الضغط على الأخير من أجل أن يقبل بخيارات الكتل السياسية وليس بخياراته".
وأشار إلى أن "الكتل السياسية تعتقد أن خيارات علاوي منحازة إلى كتلة الصدر، وترى فيها محاولة انقلاب سياسي على الجميع، ما دفع ببعض الكتل الشيعية إلى عدم حضور الجلسة الاستثنائية، أو عدم التفاعل معها، أو التملص من دخول قاعة البرلمان".