بعد اعتذار علاوي وغياب عبد المهدي.. الأزمة في العراق تدخل مرحلة حاسمة

آخر تحديث 2020-03-02 00:00:00 - المصدر: الحرة

قرار رئيس مجلس الوزراء العراقي المستقيل عادل عبد المهدي باللجوء إلى "الغياب الطوعي" عن حضور جلسات الحكومة، ضاعف شدة الأزمة السياسية التي تمر بها البلاد بعد انتهاء المهلة الدستورية المحددة لنيل الحكومة الجديدة ثقة مجلس النواب.

قرار عبد المهدي بعدم إخلاء منصبه - وتركه بالتالي لرئيس الجمهورية- أضاف مزيدا من التوتر للمشهد الذي عقده أساسا فشل رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي بتحدي مفهوم "التوافق" الذي شكلت على أساسه الحكومات العراقية المتعاقبة بعد 2003.

وبدا العراق، حسب وصف وكالة الصحافة الفرنسية "وكأنه يسير الى المجهول".

ويزيد من أجواء التوتر والأزمة وصول فيروس كورونا المستجد الى العراق، وإصابته أكثر من عشرين شخصا حتى الآن، إضافة إلى انخفاض أسعار النفط الذي يمثل المورد الرئيسي لميزانية البلاد.

سابقة للبرلمان

ولأول مرة منذ 17 عاما، أفشل البرلمان العراقي مساعي رئيس الوزراء المكلف لتمرير حكومته. في السابق كانت جلسات منح الثقة ذات طابع احتفالي إذ غالبا ما كانت تأـي تتويجا لاتفاقات مسبقة تعقدها الكتل السياسية حول كابينة رئيس الوزراء المكلف.

لكن هذا كله تغير مع علاوي.

يقول المحلل السياسي ناجح الحسيني لموقع "الحرة" إن الجدل الذي أثير بشأن علاوي ليس حالة صحية بالضرورة، لكنه اختلاف عن نمط اتفاق رؤساء الكتل في الغرف المغلقة وجلب مرشحهم إلى البرلمان للتصويت عليه".

ويضيف الحسيني "في السابق كانت إيران تحل الخلافات الشيعية من خلال سليماني، ويبدو إن طهران غير مهتمة بالخلافات داخل العراق مثل السابق، خاصة في ظل المشاكل الكثيرة التي تمر بها".

ويتابع "يبدو أن هذا هو موقف الولايات المتحدة أيضا".

ويقول نواب في كتل شيعية إن سبب عدم تمرير حكومة علاوي هو "غياب التوافق".

هل أسقط دعم الصدريين علاوي؟

ويبين النائب عن تحالف النصر حسين العقابي لـ"موقع الحرة" أنه "ينبغي الوصول إلى أكبر مستوى من الوفاق السياسي لتمرير المكلف داخل البرلمان وليس كما حدث في تجربة (علاوي) السابقة".

وانتقد العقابي "دور رئيس الجمهورية الذي كان يمثل الكرد فحسب"، مستدركا "لكن مع دعمه لعلاوي فلم يستطع دفع نائب واحد من المكون الكردي للدخول في قاعة البرلمان للتصويت عليه".

هذا يعني أن المكلف برئاسة الوزراء لا يكفيه دعم الرئيس، أو حتى دعم الصدريين الذين يفتخرون دائما بكونهم "صناع الملوك".

في لقائه المتلفز الأحدث، قال مقتدى الصدر بثقة عالية إنه "مرر كل رؤساء الحكومات العراقية بعد 2003"، وبدا واثقا من قدرته على تمرير ترشيح علاوي.

الصدر وصل في دعمه لعلاوي إلى درجة قمع المتظاهرين الذين رفضوا ترشيحه، واعترف في اللقاء ذاته بمسؤوليته عن أعمال العنف التي أدت إلى مقتل عدة متظاهرين وإصابة عشرات منهم على يد ميليشيا القبعات الزرقاء.

ويقول النائب عن تيار الحكمة أسعد المرشدي لموقع "الحرة" إن "دعم بعض الكتل لعلاوي أثر سلبا على تكليفه لأن الكتل الاخرى راودتها الشكوك بأنه مدعوم من هذه الكتلة التي تدافع عنه بقوة".

وخلال جلسة التصويت الأولى، أصر نائب رئيس البرلمان الذي ينتمي لكتلة سائرون، حسن الكعبي على التصويت على علاوي حتى مع غياب النصاب.

وحاول الكعبي إجراء عد يدوي للحاضرين في القاعة لكن النصاب لم يتحقق حتى مع جمع الصدريين لنحو 108 نواب.

ويضيف المرشدي "أصرت الكتل على أن تكون الكابينة مستقلة ‎%‎100 أو توافقية ‎%‎100 لكن علاوي الذي اعتمد على ضغط الشارع فحسب، فشل في تمرير كابينته".

وأثار فشل علاوي غضب داعمه الأكبر مقتدى الصدر الذي قال في بيان على تويتر "إلى متى يبقى الغافلون ممن يحبون المحاصصة، ولا يراعون مصالح الوطن يتلاعبون بمصائر الشعب؟ وإلى متى يبقى العراق أسير ثلّة فاسدة؟".

مخاوف

وأثار فشل علاوي في تمرير الحكومة مخاوف دولية.

وقال سفير بريطانيا في العراق ستيفن هيكي إنه "بعد مضي أكثر من ثلاثة أشهر على استقالة رئيس الوزراء، نتقاسم خيبة الأمل مع العراقيين لفشل البرلمان في اختيار رئيس وزراء جديد".

وأكد هيكي أن "العراق بحاجة ماسة، وأكثر من أي وقت آخر، إلى حكومة قوية قادرة على توفير الأمن والاستجابة لمطالب المتظاهرين والتعامل مع فايروس كورونا".

ونقلت وكالة الصحافة الفرنسية عن سياسي كبير رفض الكشف عن اسمه، قوله إن "المسؤولين يعيشون داخل فقاعة"، بعيدا عن كل ما يحدث.

وأصبحت الكرة اليوم في ملعب الرئيس العراقي برهم صالح الذي يفترض أن يقدم مرشحا جديدا لتشكيل حكومة في مهلة 15 يوما.

وسيبدأ رئيس الجمهورية مشاورات لاختيار مرشح بديل، بحسب ما جاء في بيان صادر عن مكتبه، وبين المرشحين الذين يتم تداول أسمائهم رئيس جهاز المخابرات مصطفى الكاظمي، ونائب رئيس البرلمان الصدري حسن الكعبي، وفقا لمصادر سياسية.