ألترا عراق - فريق التحرير
ربما تجسد ذكرى الغزو مبدأ طالما أثبته التاريخ، مفاده أن المنتصر في المعركة لن يكون الرابح بالضرورة، فالولايات المتحدة التي شنت الحرب ضد العراق وتصدرت مشهد إسقاط نظام صدام حسين وقدمت خسائر فادحة في الأرواح والموارد، ما تزال تصارع بحثًا عن مكسب واضح في وجه عدوها الشرس في الشرق الأوسط، متمثلاً بنظام المرشد الأعلى.
قدمت الولايات المتحدة خسائر فادحة في الأرواح والموارد وما تزال تصارع بحثًا عن مكسب واضح أمام إيران في العراق
في هذا الوقت من كل عام، يلقي السياسيون والمحللون والمراقبون الضوء على ما خلفه الغزو في البلاد وما جره على المنطقة من أزمات، ليخلصوا إلى أن طهران ما تزال متقدمة على واشنطن بخطوات في الصراع المحتدم على أرض العراق، بل إنها ربما استطاعت أن تمتلك من النفوذ فيه ما لم يكن يحلم به مؤسس الجمهورية الإسلامية في إيران روح الله الخميني.
اتهم رئيس الوزراء البريطاني السابق، جوردون براون، في كتاب له صدر عام 2017 والذي يحمل عنوان "حياتي وأزمتنا"، الولايات المتحدة، بتوريط الحكومة البريطانية، عن طريق الخداع في المشاركة بعملية غزو العراق، موضحًا أن "البنتاجون" كان على علم بأن بغداد لا تملك أسلحة الدمار الشامل ولم يبلغ لندن بذلك.
اقرأ/ي أيضًا: 16 عامًا على "سقوط بغداد".. الخراب أيقونة للماضي والمستقبل
وذكر براون، الذي كان يتولى إبان غزو العراق في العام 2003 منصب وزير المالية، وخلف توني بلير في مقعد رئيس الحكومة العام 2007، أن التقرير الاستخباراتي السري الأمريكي، بشأن مزاعم عن وجود أسلحة الدمار الشامل في قبضة نظام صدام حسين، لم يسلم أبدًا للحكومة البريطانية، مشيرًا إلى أنه لو حدث ذلك، لتطورت الأوضاع لاحقًا، حسب سيناريو آخر.
سم الديمقراطية!
وبعد 17 عامًا على الغزو، تواجه البلاد مرحلة حرجة، وتعجز الطبقة السياسية منذ أشهر عن إيجاد مخرج لأزمات يرافقها غضب شعبي عبرت عنه احتجاجات عارمة منذ أشهر، بعد أن ذاقوا سموم الفساد والعنف والحرمان مدسوسًا في "عسل الديمقراطية".
تتذوق البلاد منذ 2003 سموم العنف والفساد والحرمان مدسوسًا في عسل الديمقراطية
وتقول كونداليزا رايس مستشارة الأمن القومي الأمريكي في عهد الرئيس الأسبق، جورج دبليو بوش، في آيار/مايو 2017، إن السبب الحقيقي لاتخاذ الولايات المتحدة قرار غزو العراق هو الإطاحة بالرئيس العراقي صدام حسين، لا لجلب الديمقراطية للدولة الشرق أوسطية المحورية.
لحظة الفوضى العارمة!
حجم الخسائر والأزمات التي جرها الغزو دفع الرئيس الأمريكي الأسبق وصاحب قرار الحرب، جورج بوش الابن، إلى الاعتراف بفداحة الخطأ الذي ارتكبه، والتعبير عن الندم بعد مرور 11 عامًا، حينما كانت البلاد تقف على شفا الهاية يتربصها تنظيم متطرف وأزمة اقتصادية خانقة.
فيما قال الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، الذي يعاني في اتخاذ القرارات "الصائبة" لمواجهة ماتتعرض له القوات والمصالح الأمريكية أمام إيران وأجنحتها العسكرية والسياسية في العراق، إن غزو العراق هو "أسوأ قرار اتخذ في تاريخ الولايات المتحدة".
وأكد ترامب في مقابلة مع صحيفتي "تايمز" البريطانية و"بيلد" الألمانية في عام 2017، إن الهجوم الأمريكي على العراق ما كان يجب أن يحدث في المقام الأول، مشددًا على أن قرار الغزو كان واحدًا من أسوأ القرارات، وربما أسوأ قرار اتخذ في تاريخ بلاده على الإطلاق.
يقّر البيت الأبيض بفداحة الخطأ الذي ارتكبه منذ 17 عامًا في العراق
وأضاف ترامب: "لقد أطلقنا العنان.. إنه أشبه برمي أحجار على خلية نحل، إنها واحدة من لحظات الفوضى العارمة في التاريخ".
اقرأ/ي أيضًا:
التاسع من نيسان.. يوم بُعث الإرهاب
الحلم العراقي.. من الاستبداد إلى المحاصصة!