على حد زعمه.. السوداني "يشيد" بتجربة للنظام البائد والعبادي في تجاوز الأزمات الاقتصادية!

آخر تحديث 2020-04-15 00:00:00 - المصدر: كلكامش برس

كلكامش برس/ بغداد

حذر النائب محمد شياع السوداني، اليوم الأربعاء، من تدهور الوضع الاقتصادي في البلاد إلى مستوى أعمق مما هو الآن في ظل الانخفاض الحاد في أسعار النفط، وأزمة وباء كورونا، مشيداً بتجربة للنظام البائد خلال فترة الحصار الاقتصادي، وتجربة أخرى للعبادي، معتبراً أنها من ضمن حلول الأزمة.

وقال السوادني في قراءة للمشهد العراقي الحالي، عنوانها "العراق ما بعد كورونا اقتصادياً"، اطلعت عليها "كلكامش برس"، إنه في اثر أزمة وباء فيروس كورونا وتداعياته على مختلف مجالات الحياة  وتحديدا الاقتصادية منها والسياسية والاجتماعية فضلا على الصحية، بدأ الحديث عمّا سيؤول إليه شكل العالم بعد إنتهاء هذه الأزمة".

وأشار إلى أن "هنالك تنبوءات وتحليلات عن التغييرات التي ستطال العالم بسببها وما يهمنا هنا هو العراق؛ هل سيكون بمنأى عن هذه التحولات، وهل ستكون واضحة على الشأن  العراقي، وماالحلول المتاحة أمام صاحب القرار؟".

وأضاف "بتقديري بالإمكان تحويل أزمة كورونا وما ينتج عنها الى واقع جديد في العراق، وتحديداً منها ما يتعلق بالجانب الاقتصادي الذي أريد التركيز فيه لاهميته وإنعكاساته المباشرة على الجانب الاجتماعي لأن التنمية الاقتصادية تؤدي الى تنميةٍ إجتماعيةٍ وهذا ما جاء في صلب أهداف التنمية المستدامة للأمم المتحدة (2030)".

ولفت إلى أن "أغلب التقارير والبحوث تشير الى تراجع مشروع العولمة وحصول انكفاء للدول على نفسها واهتمام في ترتيب اوضاعها على مستوى الدولة فكما يُتوقع تفكك الاتحاد الاوروبي الذي بدت ملامحه واضحةً الامر الذي يدفع دولهُ باتجاه بلدانها ومعالجة تأثيرات ازمة كورونا فيها".

وتابع السوداني "ايضا لاحظنا أن اليابان على المستوى الاقتصادي ترصد مبلغا بحدود تريليونيّ دولار للشركات التي تقوم بنقل مصانعها من الصين الى داخل اليابان".

وأردف "أما الولايات المتحدة الطرف الاهم في الاقتصاد العالمي وأحد اقطاب الصراع مع الصين فيُتوقع منها تغييرات جوهرية في علاقتها الاقتصادية بالصين وهي التي تعتمد على نسبة كبيرة من المنتجات الصينية التي تنتشر في الأسواق الأمريكية بسبب انخفاض أجور العمالة في الصين وتأثيرها في كلفة المنتج بعد أن توجهت الصناعة الأمريكية نحو مجالات محددة".

وقال "اما العراق البلد ذو الاقتصاد الريعي الذي يعتمد على ايرادات النفط مصدراً وحيداً في تغطية موازنته المالية السنوية بنسبة 96% إذ تشير التوقعات العالمية إلى انكماشٍ اقتصادي يؤدي إلى تراجع بالناتج المحلي الإجمالي بما يصل الى 1.1% خلال العام الحالي".

وأشار إلى أنه "من المتوقع ان يتراجع نمو الطلب على النفط بسبب اختلال توازن العرض والطلب وفائض مقداره 8 ملايين برميل يوميا ما ينعكس على أسعار النفط حتما نحو المزيد من الانخفاض".

وأضاف "في الوقت نفسه فإن العراق وفي ظل ضعف القطاعات الاقتصادية فيه كالصناعة والزراعة يعتمد على الاستيراد لتأمين احتياجاته من السلع والمنتجات بما مقداره اكثر من 50 مليار دولار سنويا وهو ما يساوي 55-60% من قيمة ايراداته النفطية".

ورأى السوداني أنه "أمام هذه المؤشرات عن طبيعة الازمة وما سيؤول اليه العالم بعد أزمة كورونا نرى أن أمام العراق فرصة حقيقية لإجراء اصلاح هيكلي في اقتصاد الدولة إذ بإمكانه الاعتماد على موارده الغنية البشرية والطبيعية".

وتابع "وبإمكان العراق استثمار ثرواته على وفق أسس صحيحة تخلق تنمية اقتصادية هائلة في بلد تعداده يقرب من 40 مليون نسمة يحتاج الى مستلزمات حياتية معيشية خدمية كفيلة بأن تُغطى عبر تفعيل  قطاعاته المختلفة الصناعة، والزراعة، والتجارة، والاتصالات، والسياحة".

وتوقع أن "هذا التنوع في الموارد يُمكّننا من أن نشهد تنمية حقيقة لهذه القطاعات التي ستنتج لنا تنمية اجتماعية نحن بأمس الحاجة إليها بعد أن تجاوزت نسب الفقر 20% والبطالة 16%، ما دفع بحراكٍ شعبي واسع النطاق يطالب بإصلاحات جذرية سياسية واقتصادية وهذا بتقديري عامل قوة لأصحاب القرار من اجل المضي بتحقيق الاصلاح المنشود من دون تردد".

وأشاد السوداني بتجربة النظام البائد بالقول إن "العراق شهد حصار التسعينيات وهو أقسى أزمة مرت على بلد في التاريخ الحديث وقد برزت فيه مقدرة الدولة في استنهاض طاقاتها الكامنة واستثمار مواردها الذاتية والاعتماد على مؤسساتها الرسمية والشركات العامة  الحكومية والقطاع المختلط والقطاع الخاص في إعمار البلد بعد حرب الخليج الثانية وتغطية إحتياجات البلد والسوق المحلية طيلة عشر سنوات"، على حد زعمه.

وأردف "إذن نحن لدينا تجربة ناجحة قريبة زمنيا في وقت الحصار النفطي وانعدام أية إيرادات ما اضطر الدولة في حينها إلى طباعة العملة الورقية لتسيير أمورها وهذا القرار لسنا بحاجة إليه الان".

كما اعتبر أن رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، الذي حمّل الموظفين والمتقاعدين تبعات انهيار أسعار النفط، كان تجربته ناجحة، حيث قال السوداني "وليس ببعيد عنا ما واكب حكومة العبادي إذ كانت هناك حرب ضد عصابات داعش وأزمة مالية ايضا نتيجة انخفاض أسعار النفط".

وأضاف "ما اضطر الحكومة في حينها إلى ترشيد الانفاق وتوظيف أموال إيرادات النفط نحو الالتزامات الضرورية للبلد وعلى الرغم من صعوبة الظرف الا أن الفرصة كانت مواتية لتحقيق اصلاح اقتصادي".

واستدرك "غير أن التردد واستشراء الفساد والخطوات الخجولة في مسألة تنمية القطاعات الاقتصادية كالزراعة والصناعة والتجارة  والسياحة ودعمها كانت من اهم المعوقات التي ضيعت تلك الفرصة".

وأشارت إلى أن "مبادرة البنك المركزي بتخصيص 5 تريليونات دينار كقروض للمصارف الصناعية والزراعية والعقارية كانت خطوة صحيحة إلا أن ضوابطها وتعقيداتها والبيروقراطية والروتين أجهضت هذه المحاولة التي لم يصرف منها سوى ما هو أقل من 10%".

وأكد السوداني على أن "تقديم تسهيلات وإعفاءات ضريبية وضمانات وقروض ميسرة ودعم حقيقي للقطاع الخاص واحتضان رؤوس الاموال العراقية الوطنية الجادة وحمايتها من الابتزاز والفساد كلّ هذا كفيل بتحقيق التنمية المطلوبة نظرا لما تمتلكه من خبرات وقدرات مادية وفنية وتجارب ناجحة في داخل العراق وخارجه".

ورأى أنه "قد يكون آن الأوان لتكون لدينا إستراتيجية ورؤية في استثمار الثروة النفطية إذ نجد أن أغلب الدول المنتجة للنفط قد بدأت منذ سنوات في التخطيط لاستثمار النفط بأكمله في الصناعات التحويلية والبتروكيماويات ما حقق قيمة مضافة أكثر من بيعه كنفط خام".

وتابع "في حين أننا البلد الوحيد المتلكئ في المنطقة في موضوع الصناعات التحويلية والبتروكيمياوية ولا نمتلك تلك المصافي والمصانع التي من الممكن ان تغطي احتياجاتنا المتنامية من المشتقات النفطية بأنواعها والأسمدة والمواد الكيمياوية التي تدخل في مختلف الصناعات والمنتجات والسلع الضرورية لسد حاجة السوق المحلية الامر الذي يؤدي إلى تشغيل آلاف المصانع الصغيرة".

وقال السوداني "لذا فإن بنا حاجة الى قرار سياسي جريء مبني على رؤيا واضحة والى خطط مدروسة واستراتيجيات وهي للعلم موجودة ومعدة سابقا الا ان التلكؤ في التنفيذ وعدم المتابعة عطّل تنفيذ هذه الخطط والاستراتيجيات".

وأشار إلى أن "تلك الخطط اعدت بعناية فائقة ولعل من اهمها الإستراتيجية الوطنية الصناعية 2030، وإستراتيجية النهوض بالقطاع الخاص 2015، وإستراتيجية الطاقة وخطة التنمية الوطنية 2018-2022، وهي جميعها خطط مدروسة للنهوض بواقع العراق اقتصاديا وتنموياً وهذا من شأنه ان يغير كثيراً من المفاهيم سواء في أخلاقيات العمل ام في قيم المجتمع ونوعية الدراسة أم في التعليم وخلق الانسجام المجتمعي والتعايش بين ابناء الشعب الواحد وإعادة الثقة بين المواطن والدولة".

وختم السوداني بالقول "هذه كلها انعكاسات مهمة والعراق في امس الحاجة إليها لترسيخ بناء الدولة على وفق أسس المواطنة  لضمان تحقيق العدالة الإجتماعية والعيش الكريم للمواطنين كافة من دون تمييز".