3 روايات لاستهداف المتظاهرين العراقيين وتحشيد لموجة احتجاجات جديدة

آخر تحديث 2020-04-23 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

في أول أيام رفع حظر التجوال جزئياً في العراق، عادت ساحة التحرير وسط العاصمة بغداد لتكون محور الأحداث، إذ لم تمر سوى بضع ساعات حتى دوّى الرصاص مجدداً ليعيد إلى الأذهان مشاهد تكررت في انتفاضة أكتوبر (تشرين الأول)، قبل تعليق فعالياتها على إثر تداعيات أزمة كورونا. وذلك حين قام شخص يحمل بندقية بإطلاق الرصاص الحي على معتصمي الساحة، مخلفاً عدداً من الجرحى، بحسب ناشطين. بينما لم تصدر حتى الآن إحصائية رسمية من الجهات المختصة.

ميليشيات تهاجم المعتصمين

وحملت أحداث أمس الثلاثاء 21 أبريل (نيسان)، ثلاث روايات، الأولى هي اتهام ناشطين لعناصر تابعة للميليشيات، بمهاجمة المعتصمين بالأسلحة الرشاشة في ساحة الخلاني، إحدى الساحات القريبة من ساحة التحرير، مركز اعتصامات بغداد.

ووثّقت صور ومقاطع فيديو سقوط عدد من الجرحى على إثر العملية، بينما أظهرت مقاطع أخرى أحد الأشخاص وهو يصوّب سلاحاً رشاشاً من نوع "كلاشينكوف" باتجاه متظاهري ساحة التحرير.

وبالتزامن مع تلك الرواية، انطلقت أخرى عبر مواقع التواصل الاجتماعي، تقول إن الأحداث جرت نتيجة شجار بين متظاهرين وأحد أصحاب المحال التجارية في المنطقة، ما دفع الأخير إلى إخراج سلاحه ليطلق الرصاص على المحتجين، لكن ناشطين نفوا تلك الرواية، وأكدوا أن طريقة إطلاق النار، وتواجد شخص بالقرب من مطلق النار يحمل جهازاً لاسلكياً، فضلاً عن وجوده قرب قوات مكافحة الشغب، يعيد للأذهان حوادث عدّة جرت خلال التحركات السابقة.

بيان قيادة العمليات

من جهة أخرى، أكدت قيادة عمليات بغداد، الرواية الثانية، وقالت في بيان إن "شجاراً اندلع مع صاحب محل تكييف وتبريد في ساحة الخلاني يدعى (ج ص)، وقد تعرّض للضرب على يد بعض المتظاهرين، قبل أن يتدخل ثلاثة من أقربائه وهم يحملون أسلحة كلاشينكوف، ويفتحون النار باتجاه المتظاهرين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وأضافت "القوات الأمنية المسؤولة عن حماية ساحة التحرير تدخلت فوراً، واتخذت الإجراءات الأصولية"، موضحاً أن "عدداً من أصحاب المحال قدموا شكوى من خلال مركز الشرطة، ولا تزال الإجراءات القانونية مستمرة بحقهم جميعاً".

لكن قيادة العمليات لم تبين ما إذا كان الهجوم قد خلّف أي ضحايا، في وقت تحدث ناشطون عن سقوط قتلى وجرحى.

التيار الصدري مرة أخرى

أما الرواية الثالثة، فتشير إلى أن عناصر تابعة للتيار الصدري هي التي قامت بتنفيذ الهجوم، بتسهيل من قبل قوات مكافحة الشغب، بحسب ناشطين أيضاً.

إلا أن مدير مكتب الصدر في بغداد إبراهيم الجابري، نفى أن يكون مطلقو النار تابعين للتيار الصدري، قائلاً في حديث لـ"اندبندنت عربية"، إن "التيّار ليس لديه أي تدخل أو وظيفة في ساحة التحرير، والعناصر التابعة لنا لا يتجاوز عددها الستة أشخاص وهم موجودون في بناية المطعم التركي". واتهم الجابري "الأحزاب الفاسدة وأميركا" في تصدير تلك الاتهامات، مردفاً "أصبحت لديهم قاعدة في تصدير الاتهامات لنا، لأننا نحقق نجاحات كبيرة في أزمة كورونا وحملات المساعدة ورعاية العائلات التي هي بحاجة".

وعلى الرغم من تضارب الروايات، إلا أن الحادثة بحسب ناشطين، تبين أن السلطة عازمة على البحث عن ذرائع لإنهاء الاعتصام، ما قد يعيد حركة الاحتجاجات مرة أخرى بعد رفع الحظر كلياً في البلاد.

تهديد للسلطة

وبينما حمّل ناشطون القوات الأمنية مسؤولية الحفاظ على أرواح معتصمي ساحة التحرير، نفوا رواية قيادة عمليات بغداد، مشيرين إلى أن ما جرى هو استمرار لسلوك السلطة الرامي إلى إنهاء وجود الاعتصامات.

إلى ذلك، قال الناشط علاء ستار إن "الممارسات التي حدثت خلال الأسابيع الماضية من اعتقالات وصدور أوامر قبض بحق المحتجين، كان آخرها حادثة يوم أمس، تشير إلى وجود نية لدى السلطة لإنهاء الاعتصامات لأن وجودها يشكّل تهديداً دائماً للسلطة". وأضاف "حتى لو كان هناك أشخاص غير منضبطين يفرضون أتاوات على أصحاب المحال بحسب رواية قيادة العمليات، فإن مسؤولية القوات الأمنية معالجة هذا الأمر وليس التخلي عن واجباتها بالحفاظ عن أرواح المحتجين". وأشار إلى أن "وجود أشخاص يحملون أجهزة لاسلكي وأدوات جارحة وسلاح رشاش أمام مرأى قوات مكافحة الشغب، يعيد للأذهان سيناريوهات سابقة حدثت في انتفاضة أكتوبر، نافياً رواية قيادة عمليات بغداد".

وعن احتمالية عودة الاحتجاجات من جديد، لفت ستار إلى أن "الكاظمي جاء عن طريق مبدأ المحاصصة والتوافق، الذي كان أساس خروج الاحتجاجات السابقة، وهذا دافع لإعادة التظاهرات مرة أخرى بعد انتهاء أزمة كورونا". وعبّر عن اعتقاده أن "التظاهرات المقبلة ستكون شاملة ضد النظام السياسي في العراق، وقد تصل إلى حدود المطالبة الصريحة بإسقاط النظام"، مردفاً أن "التساؤل الأبرز هو، هل سيكون الكاظمي مع مطالب الجماهير بمحاسبة القتلة وإجراء الإصلاحات، أم سينتهج نهج سلفه عبد المهدي؟".

دعوات لـ"مليونية"

في غضون ذلك، تستمر دعوات الناشطين لـ"مليونية" بعد رفع حظر التجوال، وقد أطلقوا وسوماً على مواقع التواصل الاجتماعي، كان أبرزها "وعد ترجع الثورة"، في محاولة للتحشيد ما بعد رفع حظر التجوال، ما يعطي انطباعاً أن ناشطي الحركة الاحتجاجية مستمرون في حراكهم ورفضهم مخرجات العملية السياسية.

من جانبه، قال الناشط محمود حميد، إن "المتظاهرين يتعاملون مع المكلف، في حال تم إمراره في البرلمان، انطلاقاً من مطالبهم التي تتلخص بمحاسبة قتلة المحتجين، وتهيئة الظروف لانتخابات مبكرة يسبقها إتمام قانون الانتخابات والمفوضية، فضلاً عن مطالب أخرى متعلقة بجدية حصر السلاح وهيمنة ونفوذ الأحزاب". وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "بعد الاطمئنان والانتهاء من أزمة الفيروس، ستكون هناك عودة قوية للاحتجاجات، فالمحتجون يرون أن كل الأزمات التي تمر بها البلاد، ناجمة عن فشل النظام السياسي في إدارة البلاد منذ 17 عاماً".

رسالة تخويف

في المقابل، قال أستاذ العلوم السياسية قحطان الخفاجي إن "وصول الكاظمي أو غيره إلى السلطة في العراق، ليس سوى محاولة لإخراج العملية السياسية من المأزق الذي هي فيه"، مبيناً أن "المحتجين ينظرون إلى كل الشخصيات المشاركة في تلك العملية السياسية، كحالة واحدة لا تشكل حلاً لمطالب المحتجين". وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "عودة الاحتجاجات ستكون بشكل أكبر، خصوصاً مع عجز القوى السياسية عن الخروج بحلول حقيقية تلبي طموح العراقيين. ما حصل من اعتداء على المحتجين، هو محاولة استباق احتمالية عودة التظاهر ورسالة تخويف لن تنجح".

أما الباحث في الشأن السياسي هشام الموزاني، فرأى أن "الظروف الموضوعية التي أوجدت التظاهرات لم تنته، والانسداد السياسي وسوء الخدمات وظروف العمل لم تُعالج، فضلاً عن دخول الأزمة الاقتصادية كعامل آخر قد يزيد من حدة الاحتقان الشعبي". وأضاف لـ"اندبندنت عربية"، "عدم خروج الحراك السياسي من إطار المحاصصة، يجعل عودة التظاهرات مسألة حتمية". وأن "الكاظمي هو نتاج منظومة استخباراتية، وقد ينتظر حصول صراعات كبيرة بعد تسلمه السلطة، لتحويل الملف من اقتصادي سياسي إلى ملف أمني حتى يحسمه لصالحه". وأشار إلى أنه "في حال كان الكاظمي مرشحاً لإدارة الأزمة لخلق الاستقرار للمنظومة السياسية، فإن هذا سيعيد حالة الاحتقان الشعبي، وسيكون عاملاً آخر لزيادة حدة الاحتجاجات مستقبلاً".