تشهد العلاقات السعودية - العراقية تطورات إيجابية في الفترة الأخيرة، تمثل جانب منها بزيارة قام بها علي علاوي، مبعوث رئيس الوزراء العراقي ووزير المالية إلى الرياض لبحث العلاقات بين البلدين. وفيما يعيش العراق أزمة اقتصادية متفاقمة يوماً بعد يوم وجاء انتشار فيروس كورونا ليزيدها سوءاً، كان ملف الدعم الفوري للموازنة العراقية من أبرز ما طرحه علاوي خلال الزيارة بهدف تأمين دعم يجنب البلاد التخلف عن دفع رواتب الموظفين في أعقاب انهيار أسعار النفط الخام. أما الملفات الأخرى التي تمحورت حولها الزيارة فكانت تحفيز الشركات والمؤسسات السعودية الأهلية، خصوصاً في مجالات الطاقة والزراعة، وحثها على الدخول إلى الأسواق العراقية من خلال الاستثمارات، إلى جانب الملف الثالث وهو تفعيل الجانب التجاري.
عودة السفير السعودي
والتقى علاوي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان الذي هنأه بتشكيل الحكومة العراقية برئاسة مصطفى الكاظمي ونيلها الثقة من البرلمان، ونقل إليه حرص العاهل السعودي الملك سلمان بن عبدالعزيز وولي العهد الأمير محمد بن سلمان على وحدة العراق وأهمية التعاون مع الحكومة الجديدة لتحقيق المصالح المشتركة وتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين بما يصب في تحقيق الأمن والاستقرار للمنطقة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
وأشار فيصل بن فرحان إلى أهمية مجلس التنسيق السعودي - العراقي الذي "أنشئ بتوجيهات من قيادة المملكة كآلية لتطوير العلاقات بين البلدين إلى آفاق أرحب والتعاون في المجالات السياسية والاقتصادية والأمنية والتجارية والاستثمارية"، وأوضح "صدور توجيهات من القيادة الرشيدة بعودة سفير خادم الحرمين الشريفين لدى العراق لمزاولة عمله في أقرب وقت، وذلك لترجمة رغبة المملكة في تعزيز العلاقات بين البلدين".
لقاءات أخرى
والتقى علاوي أيضاً وزير الطاقة الأمير عبدالعزيز بن سلمان، حيث ناقشا معاً استقرار سوق النفط. وكان له لقاء مع وزير المالية محمد الجدعان، ووزير التجارة ماجد القصبي. وبحث الجانبان خلال اللقاء سبل التعاون المشترك وتفعيل العلاقات بين القطاع المالي كقاعدة لتحفيز الاستثمار والتبادل التجاري، وناقشا عدداً من الموضوعات المرتبطة بأعمال مجلس التنسيق السعودي - العراقي وأبرز ما تم إنجازه، والتقدم في أعمال اللجان المنبثقة من المجلس والاتفاقيات الموقعة بين الجانبين في كافة المجالات السياسية والاقتصادية بما يسهم في الارتقاء بالعلاقات الثنائية إلى آفاق جديدة في كافة المجالات، ومن ذلك موضوع المنافذ البرية والعلاقات الجمركية وتنمية الشراكة بين القطاع الخاص في البلدين وأهمية تشكيل مجلس الأعمال المشترك، إضافة إلى بدء أعمال الملحقية التجارية السعودية في العراق خلال الفترة المقبلة، وتكثيف الجهود لافتتاح منفذ جديدة عرعر قريباً، وغيرها من المواضيع ذات الاهتمام المشترك.
ترحيب بالزيارة
ولقيت زيارة علاوي ترحيباً من الجانب السعودي الذي عبّر عن فرحته باللقاءات الثنائية، وأكد حرص الطرفين على المحافظة على العلاقات بين البلدين.
وغرّد وزير الخارجية السعودي "التقيت في الرياض بمعالي نائب رئيس الوزراء العراقي علي عبد الأمير علاوي الذي أسعدتنا زيارته لبلده الثاني المملكة العربية السعودية، وتناولنا في اللقاء العلاقات الأخوية المميزة بين البلدين، وحرص المملكة على أن ينعم العراق بالاستقرار والنماء، ونتطلع للعمل معأ باذن الله".
تغريدة وزير الخارجية السعودي فيصل بن فرحان (حساب بن فرحان الرسمي على تويتر)
كذلك غرّد القصبي في حسابه على "تويتر" مرحبّاً بزيارة علاوي، "تشرفت بلقاء معالي نائب رئيس مجلس الوزراء العراقي علي عبد الأمير علاوي، مرحباً به في بلده الثاني وبين أهله، نحو عمل مشترك يعزز التبادل التجاري ويطور علاقاتنا الثنائية لآفاق جديدة تخدم شعبينا الشقيقين".
تغريدة وزير التجارة السعودي ماجد القصبي ترحيباً بزيارة علاوي (من حساب القصبي على تويتر)
أبرز ما جاء في كلام علاوي
وخلال زيارته إلى السعودية أكد علاوي أن "لدى العراق خطة للتوجه نحو تحقيق التوازن الاقتصادي والمالي مع دول الجوار، وأن تكون السوق العراقية مفتوحة للجميع بعيداً من الإضرار بطرف معين"، وأضاف أن "الحكومة تسعى لحث الشركات السعودية على المساهمة في إعادة إعمار البلد"، مشدداً على أن "العراق بحاجة إلى دعم مالي فوري حتى تستطيع الحكومة الوفاء بتعهداتها تجاه الموظفين".
وتحدث علاوي عن وجود معوقات عدة منعت الاستثمارات في العراق، منها القوانين والتعليمات السارية، وفقدان الهيكلية الحاضنة للاستثمارات الأجنبية، وعدم وجود مصارف بمستوى عالمي، وكذلك النظام المحاسبي والقانوني غير المشجع، فضلاً عن نظام استملاك الأراضي غير المشجع أيضاً، وأشار إلى أن "جميع تلك المعوقات تمنع المستثمر السعودي وأي مستثمر آخر من الاستثمار في مجالات أخرى خارج الحقول النفطية".
ودعا إلى "ضرورة أن تكون هناك بيئة مشجعة للاستثمار، واستبدال تلك القوانين، ومعالجة المشكلات والمعوقات الموجودة".
ومما تحدث عنه علاوي أيضاً، عدم تجانس الجهاز الإداري الآن في بلاده مع متطلبات المستثمر الأجنبي، وذكر أن "فيه أيضاً خروقات كبيرة من فساد وتدخل في طريقة اتخاذ القرارات من أطراف ليست لها علاقة بالعمل الاستثماري، من أجل المنفعة الخاصة والحزبية التي تعد أحد المعوقات الأساسية التي تبعد المستثمر الأجنبي". وقال إن "المستثمر عندما يشاهد هذه البيئة سيتحفظ، ومهما كانت السوق العراقية كبيرة، فإنها تتطلب تشجيعاً من القطاع الخاص الذي يعاني هو الآخر من تلك المعوقات".
الأزمة العراقية
ويقف العراق، ثاني أكبر الدول المنتجة للنفط في منظمة أوبك، على شفير كارثة مالية قد تدفعه إلى اتخاذ تدابير تقشفية، بين انخفاض أسعار الخام وأزمة فيروس كورونا، خصوصاً أن اقتصاده يعتمد بأكثر من 90 في المئة على الإيرادات النفطية التي انخفضت بواقع خمسة أضعاف خلال عام واحد.
ويعتمد العراق في مشروع موازنته لعام 2020، التي لم يصوّت عليها بعد، على سعر متوقع للنفط قدره 56 دولاراً للبرميل.
وقال المسؤول الثاني إن الحكومة السابقة كانت تفكر حتى في مطالبة الكويت بمنح مهلة لبغداد التي تدفع لها تعويضات شهرية عن غزوها من قوات صدام حسين عام 1991.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية أن علاوي والوفد المرافق غادرا الرياض، السبت 23 مايو (أيار)، وكان في وداعه في مطار الملك خالد الدولي وزيرا التجارة والمالية، وسفير العراق لدى المملكة قحطان طه خلف.
ويتابع علاوي جولته الخليجية إلى الكويت والإمارات، وفق كلام لمسؤول حكومي عراقي لوكالة الصحافة الفرنسية. ونقلت الوكالة عن مسؤول عراقي آخر احتمال أن "يقوم رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي برحلته الأولى إلى الخليج". وقد ألمحت الوكالة إلى علاقته الإيجابية بولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان.