شفق نيوز/ اغتال مسلحون الخبير العراقي في شؤون الأمن والجماعات المسلحة هشام الهاشمي أمام منزله في حي زيونه ببغداد في 6 يوليو/ تموز 2020. ولاذ الجناة بالفرار بعد تنفيذ عملية الاغتيال. فمن هو هشام الهاشمي:
يعتبر الهاشمي البالغ من العمر 47 عاما من الخبراء العراقيين في مجال الجماعات المسلحة وخاصة الجماعات المرتبطة بتنظيم القاعدة وخليفته تنظيم داعش.
وكان الهاشمي متابعا لما يشهده العراق من اضطرابات وفوضى وهزات منذ نحو عقدين من الزمن.
اعتقلته السلطات العراقية إبان حكم صدام حسين أواخر تسعينيات القرن الماضي بسبب "توجهاته السلفية" وأطلق سراحه عام 2002 قبل الغزو الأمريكي للعراق بعام.
وكان أبو بكر البغدادي قبل ان يصبح زعيم تنظيم داعش من بين من يحضرون الدروس "الشرعية" لهشام الهاشمي قبل أن يتراجع عن توجهاته السلفية. وبات الهاشمي بسبب تخليه عن أفكاره السابقة هدفا لمختلف الجماعات السنية المتشددة، وفق تقرير أوردته "بي بي سي" عن حياة الهاشمي.
وخلال مرحلة الاضطرات وأعمال العنف التي سيطرت على العراق في أعقاب الغزو الأمريكي، وظهور جماعات العنف السني كان الهاشمي يقدم المشورة لمخلتف الساسة والمسؤولين العراقيين وغيرهم خلال تلك المرحلة.
وكان الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان من بين الشخصيات الدولية التي طلبت منه الاستشارة الشخصية حول بعض القضايا.
كما قام باجراء مقابلات مع الشخصيات الاسلامية المتطرفة خلف القضبان في الدول الاوروبية والشرق الأوسط في اطار بحثه في فكر وتوجهات الجماعات المتطرفة وتقديم النصح والاستشارة للمسؤولين بناء على تلك المقابلات.
وصفته المستشارة السياسية للقيادة العسكرية الأمريكية في العراق ما بين 2007 و2010 ايما سكاي قائلة بأنه كان محللا فذاً وكاتباً غزير الانتاج ومراقبا جديرا بالاحترام للشأن العراقي.
وقالت "كان يحب بلده وفي قلبه مصلحة العراقيين بغض النظر عن انتمائهم العرقي او الطائفي". كان الهاشمي يحدوه الأمل في إمكانية بناء عراق آخر حسب قولها.
وفي اعقاب هزيمة التنظيم وتراجع نشاطه التفت في كتاباته الى الجماعات الشيعية المسلحة وخاصة تلك المقربة من إيران مثل كتائب حزب الله العراقي وحركة النجباء وعصائب أهل الحق.
وتقول مراسلة الشؤون الدولية في بي بي سي ليز دوسيت إن كل من التقى بالهاشمي شعر أنه قريب منه فلم يكن يبخل بالوقت والصبر على الصحفيين الشباب وكان مقصد الدبلوماسيين عندما يحتاجون إلى معرفة معمقة عن العراق كما أن المسؤولين والمحللين كانوا بحاجة مستمرة اليه.
وتضيف دوسيت "إنه الرجل الذي كان يعرف أكثر من الجميع كل من يحمل السلاح".
عندما سيطر تنظيم داعش على مساحات شاسعة من العراق عام 2014 استعانت الحكومة العراقية بالهاشمي لتقديم المشورة حول كيفية الحاق الهزيمة بالتنظيم وكان دائم الظهور على وسائل الاعلام الدولية.
وكان يسلط الضوء على انشطة الجماعات المسلحة المقربة من إيران التي اكتسبت نفوذا متعاظما في الحياة السياسية في العراق بسبب الدور الذي لعبته في المعارك ضد تنظيم الدولة الاسلامية. ورغم دمج هذه الجماعات وإلحاقها بالمنظومة الأمنية الحكومية ظلت معظم هذه الجماعات خارج السيطرة وتتصرف كما تشاء.
وكتب مدير برنامج الكويت وأستاذ العلاقات الدولية في كلية لندن للاقتصاد البروفيسور توبي دوج في مدونته على موقع الجامعة في رثاء هشام يقول: "إن قتل هشام ضربة معنوية كبيرة ضد الشعب العراقي. قتل لأنه كان يعمل دون كلل من أجل اصلاح النظام السياسي العراقي الذي ينخره الفساد والعنف".
وحول الجهة التي تقف وراء اغتيال الهاشمي قال دوج:" إن قناعة الهاشمي بضرورة إصلاح النظام السياسي في العراق دفعه الى العمل مع الرئيس برهم صالح كمستشار ومع رئيس الحكومة مصطفى الكاظمي ضمن فريق الليبراليين الاصلاحيين الذين يعملون معه وقتل بكل تأكيد بسبب العمل الذي كان يقوم به في هذا الشأن".
وأضاف دوج أن "جماعات مسلحة منفلته استولت على الدولة في أعقاب هزيمة تنظيم الدولة الاسلامية، ولا تتورع عن اللجوء الى العنف للدفاع عن مصالحها الواسعة. وهذا الامر كان موضع اهتمام هشام الهاشمي في الآونة الأخيرة وهذه الجماعات هي التي قامت بتصفيته بهدف ايصال رسالة واضحة لدعاة الاصلاح ولرئيس الحكومة مفادها أن يدها تطال الجميع دون استثناء" حسب قوله.
وكتب مراسل صحيفة الغارديان البريطانية في الشرق الاوسط مارتن تشولوف أن عملية اغتيال الهاشمي في وضح النهار وبكل جرأة تدفع الكثيرين إلى أن يفكروا مليا في الثمن الباهظ الذي قد يدفعونه جراء الحديث علنا وتسمية الاشياء بمسمياتها".
وكان الهاشمي حسب تشولوف يعمل مستشاراً مع الكاظمي عندما كان الأخير يدير جهاز المخابرات.
وشنت قوات الأمن العراقية قبل نحو أسبوعين حملة مداهمة في بغداد على مقر كتائب حزب الله العراقي والقت القبض على 14 عنصرا بسبب اطلاق صواريخ الكاتيوشا على المنطقة الخضراء التي تضم المقرات الحكومية والسفارات الأجنبية. وظهر الهاشمي على العديد من القنوات الاعلامية العراقية والأجنبية مدافعا عن موقف الحكومة في مواجهة هذه الجماعة.
وكان الهاشمي يدرك الثمن الباهظ الذي قد يدفعه جراء مواقفه الجريئة. وتحدث قبل ساعات من اغتياله لأحد أصدقائه في لندن عن التهديدات التي تلقاها من هذه الجماعة طالبا من صديقه النصح في كيفية التعامل معها، لكن رصاصات القتلة كانت أسرع في الوصول إليه.