الكاظمي يبدأ ضبط منافذ العراق الحدودية فهل ينجح؟

آخر تحديث 2020-07-13 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بقوة عسكرية، بدأ رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تحريك ملف المنافذ الحدودية، في سياق الإيفاء بتعهدات سابقة بشنّ حملة واسعة لضبطها، لرفد الموازنة الاتحادية التي تعاني عجزاً كبيراً في ظلّ انخفاض أسعار النفط عالمياً، إلّا أنّ عقبات عدّة قد تعرقل هذا المسار، أهمها سطوة جماعات مسلحة وأحزاب سياسية على تلك المنافذ.

ثلاث مراحل

وأكد الكاظمي أن مرحلة الفساد في المنافذ الحدودية انتهت، فيما خوّل الجهات المسؤولة عن حمايتها صلاحيات إطلاق النار ضد "المعتدين على الحرم الجمركي". 

وقال في حديث لعدد من وسائل الإعلام من منفذ مندلي الحدودي مع إيران، إن "المرحلة الحالية هي مرحلة إعادة النظام والقانون، وهو مطلب شعبي وسياسي وحكومي"، مردفاً "زمن هدر المال في المنافذ انتهى". 

وأضاف أن "المنافذ تشهد تطبيق ثلاث مراحل، هي حماية الحرم الجمركي من قبل القوات البرية والإصلاح الإداري والبحث عن الأشباح الموجودين في الحرم الجمركي الذين يبتزّون رجال الأعمال".

بحث عن نصر وتفوّق

ولعل هذا التحرك لا يقتصر على محاولة الكاظمي تنويع مصادر الدخل فقط، بل يتعدّى ذلك إلى الحدّ من سلطة أحزاب سياسية وفصائل مسلحة على تلك المنافذ، حيث يرى مراقبون أن هذه الخطوة أتت بعد صدامات عدّة بين الحكومة والجماعات المسلحة.

ويقول الباحث والأكاديمي باسل حسين إنه "بعد فشل الحكومة في القبض على خلية صواريخ الكاتيوشا ومقتل هشام الهاشمي، الذي مثّل ضربة موجعة للكاظمي، أراد الأخير البحث عن نصر وتفوّق على تلك الجماعات بهذا التحرّك".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "ما حدث في القائم قبل مدة والمعلومات شبه المؤكدة عن اعتقال كتائب حزب الله، المدير الجديد للمنفذ، من أن الحكومة لم تتّخذ أي إجراء، يعطي انطباعاً بأنها تحاول تجنّب الصدام مع أي فصيل مسلح في الوقت الحالي لعدم امتلاكها أدوات ذلك".

ويتابع أن "واحدة من الإشكالات التي يعاني الكاظمي منها، هي عدم توفر الغطاء السياسي الداعم، أو القوة العسكرية المساندة له في مواجهته مع تلك الجماعات".

وعن إشراك الحشد الشعبي في إعادة السيطرة على المنافذ الحدودية، يبين حسين أن "الكاظمي أراد من ذلك إيصال رسالة بأنّ الاشكالية ليست مع الحشد بشكل كامل، بل مع القوى المنضوية داخله التي لا تأتمر بأمرة الدولة وهي قريبة من إيران".

ويختم "لم يذهب إلى منافذ البصرة لإدراكه بأنه كان سيصطدم بأكثر من طرف سياسي، فضلاً عن ميليشيات وعشائر وعصابات، وهو اختار تلك المنافذ لأنها الأسهل".

رسالة إلى الأطراف القوية

ويقدّر مراقبون حجم موارد المنافذ الحدودية بنحو 10 مليار دولار، إلّا أنّ ما يدخل منها إلى الخزينة العامة لا يتعدّى حدود مليار واحد في أحسن الأحوال، في ظلّ سيطرة تلك الجماعات عليها.

في السياق، يعلّل عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي أحمد حمه رشيد التحرك نحو منفذَيْ مندلي والمنذرية في محافظة ديالى على الحدود مع إيران بكونهما "الحلقة الأضعف في المنظومة"، مردفاً "يبدو أن الكاظمي لديه قناعة بأن السيطرة على الضعيف تسهّل عملية السيطرة على القوي".

ويشير إلى بعدٍ آخر في القضية يتلخّص بكون تلك المنافذ تقع ضمن خط التماس بين الحكومة الاتحادية وإقليم كردستان، مبيناً أن "الرسالة موجّهة إلى الإقليم وبقية المنافذ في أن المرحلة التالية ستكون بالتحرّك نحو الطرفين".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويوضح أن "الإجراءات الأمنية في ضبط المنافذ الحدودية تأتي بالدرجة الثانية بعد الحلول الإدارية"، مبيناً أن "الشروع بضبطها يتعلّق بمجموعة من الجهات، منها هيئتا الجمارك والضرائب والبنك المركزي وارتباط بيع الدولار بالمنافذ الحدودية، أما القوات الأمنية فهي عامل مساعد".

وبشأن عدم الحديث عن منافذ التهريب، يشرح رشيد أن "ما دفع الكاظمي لعدم التطرق إليها، هو أنه لا يريد الإشارة إلى الغرب بأنه غير مسيطر على الحدود وأنها سائبة أمام عمليات التهريب، خصوصاً بعد وضع العراق على القائمة السوداء من قبل المجموعة الأوروبية".

في السياق ذاته، يقول أستاذ العلوم السياسية إياد العنبر إن "التهديد السابق من الكاظمي بهذا الخصوص ومستوى الخطوات الحالي يشير إلى أن ثمة تراجع عَما تحدّث عنه من خطوات كبرى للسيطرة على المنافذ".

ويسجل العنبر على رئيس الوزراء استخدامه توصيف "الأشباح" لـ"جهات معروفة ومشخّصة"، مبيناً أن "مَن يسيطر على المنافذ ويبتلع أموال الدولة من عشائر وجماعات مسلحة، لهم عناوين واضحة تتحدّى الدولة بشكل صريح".

ويضيف لـ"اندبندنت عربية"، "القضية تتعلّق بالإدارة والسيطرة على حدّ سواء، ويجب أن تتم المواءمة بينهما وليس اتّخاذ خطوات في سياق السيطرة فقط"، موضحاً أن "أكثر مواضع الفساد في العراق ترتبط بالسياق الإداري".

مواجهة مؤجلة

لكن مراقبين يرون أن هذا الحراك، على الرغم من ضعفه، استفزّ الفصائل المسلحة. فعشية الدخول إلى المنفذَيْن، قالت حسابات مرتبطة بالفصائل المسلحة إنها وثّقت عملية استهداف رتل يحمل معدات عسكرية أميركية كان يتحرك صوب قاعدة التاجي، آتياً من الكويت.

في حين نقلت مواقع محلية عن ضباط قولهم إن "ناقلات تحمل حاويات لإحدى القواعد الأميركية تعرّضت لهجوم مسلح في منطقة النجمي"، مبيّنةً أن "الناقلات كانت تضم حاويات أثاث وعجلات عسكرية".

وأضافت أن المسلحين انسحبوا بعد حرق الناقلات إلى جهة مجهولة، مشيرةً إلى أن "قيادة الشرطة احتجزت سائقي الشاحنات للتحقيق في الحادث".

فيما قال مكتب المتحدث باسم "البنتاغون" في تصريح لوسائل إعلام أميركية، إن "الوزارة ليست على علم بأي هجوم استهدف مصالح أميركية في العراق، تحديداً في منطقة الديوانية ومحيطها، كما ورد في بعض التقارير الإعلامية".