الاقتصاد نيوز ـ بغداد
كشفت وزارة الموارد المائية عن مواعيد النطق بالدعوى التي رفعتها الحكومة العراقية في المحاكم الدولية ضد تركيا والمتعلقة بعدد من الملفات، مؤكدة على ان العراق سيكسب هذه الدعوى قريبا.
ومع بداية الجولة التفاوضية مع الجانب التركي التي انطلقت قبل اكثر من عشرة ايام اعدت حكومة مصطفى الكاظمي أوراقا تفاوضية تتعلق بملفات فنية واقتصادية وسياسية لاستخدامها في الجولات واللقاءات التفاوضية المقبلة مع الجانبين التركي والإيراني للضغط عليهما من اجل التوقيع على اتفاقيات لتحديد حصة العراق المائية.
ووفي اطار ذلك وصفت وزارة الموارد المائية العراقية الجولة التفاوضية الأولى مع الجانب التركي لحل مشكلة شح المياه في نهري دجلة والفرات بانها "مثمرة وايجابية"، مبينة أنها اقترحت على الأتراك منح شركاتهم تنفيذ ثمانية مشاريع عملاقة في العراق.
وفي ذات السياق اتهمت الوزارة الجانب الإيراني بإنه "غير متعاون" معها لحل مشكلة شح المياه، مشيرة الى أن "الجانب الإيراني يستغل الوضع السياسي المربك في العراق لانجاز مشاريع خاصة المتعلقة بالمياه لإنعاش اقتصاده".
ونقلت صحيفة "المدى" عن مدير المركز الوطني في وزارة الموارد المائية، حاتم حميد حسين، قوله إن "الجولة التفاوضية الأولى التي افتتحها وزير الموارد المائية مهدي رشيد الحمداني للقاء الفني بين العراق والجانب التركي والتي تمت عبر الدائرة التلفزيونية المغلقة، ركزت على إيجاد مخرجات مشتركة لازمة المياه"، مضيفا أن "الاجتماع الأول استمر لثماني ساعات متواصلة".
وفي الثاني عشر من شهر آب الجاري أعلنت وزارة الموارد المائية عن بدء الجولة التفاوضية الأولى من الاجتماعات الفنية الثنائية المشتركة بين الجانبين العراقي والتركي، بحضور وفد حكومي وبرلماني فيما ترأس الجانب التركي مراد داج دافيران وكيل رئيس مؤسسة شؤون المياه الحكومية في تركيا مع عدد من المختصين من وزارتي الزراعة والغابات والخارجية التركية.
وركزت الجولة التفاوضية الأولى في نقاشاتها على أربعة محاور رئيسة، بحسب حسين العضو الفني المشترك في هذه اللقاءات، مبينا أن "محورها الرئيس الأول بحث خطة تشغيل سد اليسو في الفترة القادمة، والثاني مقترح إنشاء المركز البحثي المشترك (التركي ــ العراقي) ويكون مقره في بغداد وفرع منه في البصرة، أما المحور الثالث يتعلق بالمشاريع المقترحة من العراق للحكومة التركية، ومساهمتها عبر الشركات التركية لتنفيذها، والرابع هو ما يختص بتبادل البيانات، وإعادة تفعيل لجان المحطات المشتركة بين الطرفين".
وتوترت العلاقات بين العراق وتركيا خلال الفترة الماضية، بسبب مشروع أنقرة لبناء سد اليسو لتلبية احتياجاتها من الكهرباء، وأثّر هذا بشكل بالغ على تدفق المياه إلى العراق، حيث كان متوسط قياسات التدفق، من الحدود مع تركيا في شمال العراق، أقل بنسبة 50% هذا العام مقارنةً بالأعوام السابقة.
ووصف حسين اللقاء الأولي للجانبين العراقي والتركي بأنه "كان ايجابيا"، مضيفا أن "اللجنتين الفنية (العراقية والتركية) توصلتا إلى اتفاقات لحل كل هذه الخلافات لكنهما تحتاجان إلى موافقات من قبل السلطات العليا لبلديهما لإقرار هذه النتائج".
ويقول المسؤول الحكومي أن "الحكومة التركية ملأت خزانات سد اليسو في الأول من شهر حزيران لعام 2020، وبدأت بتشغيله لتوليد التيار الكهربائي"، معتبرا أن سد اليسو غير مؤذ للعراق لأنه كلما قام بتوليد الطاقة الكهربائية يقوم بإطلاق المياه باتجاه العراق".
ويلفت إلى أن "المشكلة في سد اليسو بالمشاريع المرفقة به، حيث هناك مشاريع في مقدمة السد تسحب المياه للأرضي الزراعية، وهناك مشاريع في مؤخر السد أيضا تقوم بسحب قسم كبير من المياه نحو الأراضي الزراعية مما يؤثر على اطلاقات نهر دجلة"، منوها إلى أن "قسما من هذه المشاريع مازال في قيد التنفيذ والقسم الآخر غير منفذ حتى هذه اللحظة".
ويعد سد إليسو من أكبر السدود المقامة على نهر دجلة، ويقع في جنوب شرقي تركيا وعلى مقربة من الحدود العراقية، إذ يبعد 65 كم عنها، ويبلغ طول السد 1820 مترا وبارتفاع 135 مترا وعرض 2 كم، ومساحة حوضه تقدر 300 كم مربع، ويستوعب السد في حالة امتلائه كليا بالمياه ما يقارب 20,93 مليار متر مكعب وهو مشروع كهرومائي على نهر دجلة.
ويؤكد المسؤول في وزارة الموارد المائية أن "نسبة انجاز السد وصلت إلى 35%، لكننا متخوفون في حال إكماله بشكل نهائي من قبل الحكومة التركية كونه سيؤثر على ايرادات نهر دجلة المائية بما يصل إلى 50% من إيراداته الحالية".
ويبين أن "مفاوضاتنا الجارية مع الأتراك حاليا تركز على التقليل من خططهم الطموحة في انجاز جميع مشاريع السد، ونعمل على ان يكون تنفيذ المشاريع في مقدمة، ومؤخرة السد لا تتعدى نحو 60%"، موضحا "الفريق التركي التفاوضي ابدى مرونة في الجولة الأولى لكن الموضوع يتوقف على الخطط الفنية والسياسية والاقتصادية التي ستؤخذ بنظر الاعتبار في الاجتماعات القادمة".
وتسبب السد اليسو الذي قررت الحكومة التركية إنشاءه في تسعينيات القرن المنصرم من أجل توليد الكهرباء، في ترحيل نحو 80 ألف شخص من 199 قرية تركية.
ومنذ عام 2017، أدى نقص المياه في العراق إلى اتخاذ إجراءات مثل حظر زراعة الأرز، ودفع مزارعين إلى هجر أراضيهم، كما شهدت مدينة البصرة احتجاجات استمرت شهورا بسبب عدم توفر مياه صالحة للشرب.
ويلفت المسؤول الحكومي إلى أن "الفقرة الثانية من اللقاء بحثت المقترح التركي لإنشاء مركز بحثي لتبادل الخبرات بين البلدين وعمل بحوث مشتركة وحل المشاكل العالقة بين الجانبين"، لافتا إلى أن "الجانب التركي عرض خدمات 300 مستشار للعمل في هذا المركز البحثي".
إما ما يخص المحور الثالث من اللقاء، والذي دار على مقترح الحكومة العراقية بإحالة عدد من المشاريع التابعة إلى وزارة الموارد المائية على شركات تركية، يوضح مدير المركز الوطني في الموارد المائية أن "هذا المقترح يأتي لتحفيز الجانب التركي على حل كل المشاكل والخلافات"، مشيرا الى أن من "بين هذا المشاريع (الثمانية) المقترح تنفيذها سد مكحول في محافظة صلاح الدين، وتأهيل وتطوير مشروع ري العمارة لإصلاح أراض زراعية تقدر بـ300 ألف دونم، وتحويل وتطوير قناة البدعة إلى قناة أنبوبية لنقل الماء الصالح للشرب من نهر الغراف إلى محافظة البصرة".
ويشير حسين إلى أن "المحور الرابع ركز على تبادل البيانات المائية والمتضمنة خطط التشغيل والمعلومات الهايدروجية، والأنواء الجوية بين الجانبين"، معتبرا أن "هذه المعلومات مهمة للعراق لرسم خططه التشغيلية".
ويؤكد على أن "الغرض من هذه المفاوضات التوصل إلى إقرار اتفاق دائم مع تركيا لتحديد حصصنا المائية".
ويكشف أن "الحكومة الحالية أعدت أوراقا تفاوضية (فنية واقتصادية وسياسية واجتماعية) ستستخدمها في المفاوضات المقبلة مع الجانبين التركي والإيراني للوصول إلى اتفاق دائم يضمن حصة العراق من المياه"، مؤكدا ان "العراق سيكسب دعوى عالمية رفعت ضد الجانب التركي".
إما إيران فقد أقامت سدودا على الأنهار والروافد الداخلة إلى العراق، ولم ينتهِ عند هذا الحد بل قامت طهران بتحويل مسار بعضها (الأنهار والروافد) داخل أراضيها كما حصل مع نهر الكارون المغذي الرئيس لشط العرب.
ويوضح حاتم حميد، مدير المركز الوطني في وزارة الموارد المائية أن "جولاتنا التفاوضية مع الجانب التركي كثيرة لكن مع الجانب الإيراني التواصل جدا قليل"، موضحا أن "الجانب الإيراني غير متعاون معنا في الكثير من الملفات".
ويضيف أن "اللقاءات بين الجانبين العراقي والإيراني مقتصرة على اللجنة الثنائية المكلفة في ترسيم خط التالوك في شط العرب التي لم تتمكن من حل الخلافات رغم انها اجتمعت أكثر من عشر مرات"، مبينا أن "الإيرانيين لا يريدون الاعتراف بحقوق العراق في شط العرب".
ويوضح أن "نتيجة التغييرات التي حصلت بعد قطع مياه نهري الكارون الكرخا من الجانب الإيراني اثر على الحدود التي وضعتها اتفاقية الجزائر، حيث تغيير وتحرك خط التالوك باتجاه الأراضي العراقية"، مشيرا إلى أن "إيران بدأت تطالب في هذه المفاوضات بجزء من مياهنا الإقليمية".
وكانت وزارة الموارد المائية قد قالت إن خفض تدفق مياه نهري سيروان والزاب من الجانب الإيراني يسبب ضررًا كبيرًا للعراق، مبينة أن الانخفاض حدث في نهر سيروان في مقدمة سد دربنديخان ونهر الزاب الأسفل في مقدمة سد دوكان يعدّ مخالفة، وسيتسبب بضرر كبير للعراق، خاصة على نهر ديالى، الذي تعتمد عليه محافظة ديالى بالكامل، وكذلك بالنسبة لسد دوكان الذي يعتمد عليه مشروع ري كركوك، إضافة إلى كون المياه المخزونة في سد دوكان تسهم في رفد نهر دجلة أيضًا.
ويضيف حميد أن "الجانب الإيراني يستغل الوضع السياسي المربك في العراق لانجاز مشاريعهم الخاصة بهم والمتعلقة بالمياه لإنعاش اقتصادهم".