بيروت (رويترز) - كلف لبنان الدبلوماسي مصطفى أديب بتشكيل حكومة جديدة يوم الاثنين تحت ضغط من الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي سيزور لبنان لحث المسؤولين على إجراء إصلاحات لانتشال البلاد من الهاوية الاقتصادية.
رئيس الوزراء اللبناني المكلف مصطفى أديب في قصر بعبدا الرئاسي يوم الاثنين. تصوير: محمد عزاقير - رويترز.
يواجه لبنان أكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها بين عامي 1975 و1990، مع تضرر اقتصاده بأزمة مالية وتهدم مساحات شاسعة من بيروت في أعقاب انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس آب وتصاعد التوترات الطائفية.
وتم تكليف أديب، السفير السابق لدى ألمانيا بتشكيل الحكومة، قبل ساعات من وصول ماكرون إلى بيروت في وقت لاحق يوم الاثنين في زيارته الثانية في أقل من شهر لحث المسؤولين على إجراء الإصلاحات التي يريد المانحون رؤيتها قبل تقديم الدعم المالي للاقتصاد.
وقال مسؤولون لبنانيون كبار إن ماكرون ضغط على القادة اللبنانيين للاتفاق على مرشح خلال الثماني والأربعين ساعة التي سبقت التوافق على أديب. وفي الأسبوع الماضي وصل القادة اللبنانيون إلى طريق مسدود بشأن اختيار رئيس الوزراء.
وقال أديب الذي حصل على دعم كل الأحزاب السياسية اللبنانية الرئيسية للمنصب تقريبا ”الفرصة أمام بلدنا ضيقة والمهمة التي قبلتها هي بناء على أن كل القوى السياسية تدرك ذلك وتفهم ضرورة تشكيل الحكومة في فترة قياسية والبدء بتنفيذ الإصلاحات فورا من مدخل الاتفاق مع صندوق النقد الدولي“.
وأضاف ”لا وقت للكلام والوعود والتمنيات، الوقت للعمل بكل قوة بتعاون الجميع من أجل تعافي وطننا واستعادة شعبنا الأمل بغد أفضل“.
وغالبا ما كان تشكيل الحكومات اللبنانية يستغرق شهورا في الماضي نظرا إلى الصراعات السياسية على الحقائب الوزارية.
وقال متحدث باسم صندوق النقد الدولي لرويترز ”نرحب بترشيح رئيس وزراء جديد ونأمل أن يجري تشكيل حكومة جديدة قريبا بتفويض لتنفيذ السياسات والإصلاحات التي يحتاجها لبنان لمعالجة الأزمة الراهنة واستعادة النمو المستدام“.
وفور تكليفه توجه أديب لزيارة المناطق التي تضررت بشدة من جراء كارثة انفجار المرفأ في الرابع من أغسطس آب والذي أدى إلى مقتل حوالي 190 شخصا وإصابة ستة آلاف.
وصرخت امرأة في وجهه وهو يتفقد منطقتي الجميزة ومار مخايل ”أولادنا ماتوا ونحن غير معترفين بك، انت لا تمثلنا“، فيما مد آخر يده لمصافحته.
وأدى الانفجار الناجم عن كمية هائلة من المواد الكيماوية المخزنة بشكل غير آمن إلى استقالة الحكومة السابقة بقيادة حسان دياب، والتي ظلت في دائرة تصريف الأعمال حتى تشكيل الحكومة الجديدة.
* تحت الضغط
منذ أكتوبر تشرين الأول الماضي، تسببت الأزمة في انهيار العملة المحلية وحالت بين المودعين وودائعهم في نظام مصرفي مصاب بالشلل وفاقمت الفقر والبطالة. ويعود السبب الأساسي في التدهور المالي إلى عقود من الفساد وإهدار المال العام الذي مارسته النخبة الطائفية.
وكان ماكرون، الذي يلتقي بالسياسيين في بيروت يوم الثلاثاء، قد أجرى سلسلة مكالمات هاتفية مع قادة لبنانيين في نهاية الأسبوع اعتبرت لضمان التوافق على أديب.
وقال سياسي لبناني كبير ”كان الضغط ناتجا عن اتصالاته مع الجميع. الضغط الناتج عن مجيئه إلى لبنان، الضغط الناتج عن عدم رغبة الجميع في مضايقته“.
وقال سياسي بارز ثان ”ماكرون واكب العملية خطوة بخطوة“.
وذكر مصدر بالرئاسة الفرنسية أن مطالب ماكرون ”واضحة: حكومة مهمة، نظيفة، فعالة، قادرة على تنفيذ الإصلاحات الضرورية في لبنان وبالتالي قادرة على الحصول على دعم دولي قوي“.
وبرز اسم أديب لمنصب رئيس الوزراء بعد أن رشحه رؤساء وزراء سابقون من بينهم سعد الحريري الذي يقود أكبر حزب سياسي سني. وينبغي ان يكون رئيس الوزراء من الطائفة السنية وفقا لنظام تقاسم السلطة الطائفي في البلاد.
وأديب حاصل على درجة الدكتوراه في القانون والعلوم السياسية وسبق له العمل مستشارا لرئيس الوزراء الأسبق نجيب ميقاتي. وعمل سفيرا في ألمانيا منذ 2013.
وبدعم من الحريري والزعيم الدرزي وليد جنبلاط حظي أديب بدعم أكثر من حسان دياب الذي استقال مع حكومته في العاشر من أغسطس آب بعد انفجار المرفأ. تم ترشيح دياب من قبل حزب الله وحلفائه الذين يتمتعون معا بأغلبية برلمانية.
وحظي لبنان بتعهدات للحصول على أكثر من 11 مليار دولار كدعم في مؤتمر باريس في 2018 بشرط الإصلاحات التي فشل في تنفيذها، مثل إصلاح شبكة كهرباء التي تعاني من الهدر وتستنزف أموال الدولة بينما تخفق في توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة.