بيروت (رويترز) - تدعو خارطة طريق فرنسية للحكومة القادمة في لبنان إلى استئناف المحادثات فورا مع صندوق النقد الدولي لإصلاح الاقتصاد المتهاوي واتخاذ خطوات سريعة لمحاربة الكسب غير المشروع وتطبيق إصلاحات أخرى تأخرت لسنوات.
واطلعت رويترز على مسودة البرنامج يوم الأربعاء بعد يوم من رسالة قوية لزعماء لبنان بعثت بها زيارة الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون لبيروت مفادها: نفذوا الإصلاحات بحلول نهاية أكتوبر تشرين الأول وإلا فستواجهون العقوبات.
وقاد ماكرون، الذي دفعت ضغوطه زعماء لبنان المتناحرين للاتفاق على رئيس وزراء جديد، جهودا دولية لوضع البلاد على مسار جديد بعد عقود من الحكم الفاسد الذي أدخلها في أزمة هي الأعمق منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى عام 1990.
وتعاني البنوك اللبنانية من الشلل مع انهيار الليرة وتصاعد التوتر الطائفي. وعلاوة على كل هذا، دمر انفجار هائل في مرفأ بيروت الشهر الماضي مناطق واسعة بالمدينة وتسبب في مقتل أكثر من 190 شخصا وألحق أضرارا تقدر بنحو 4.6 مليار دولار.
وحصلت رويترز على المسودة، التي تتضمن مطالب مفصلة تتماشى مع دعوة ماكرون إلى “التزامات موثوق بها”، من مسؤولين لبنانيين اثنين. ونشرتها أيضا وسائل إعلام لبنانية.
ولم ترد الرئاسة الفرنسية ووزارة الخارجية على طلب للتعليق.
وتقول المسودة إن على الحكومة اللبنانية الجديدة وضع إطار زمني للمحادثات مع صندوق النقد الدولي خلال 15 يوما من تسلمها السلطة.
وفي غضون شهر، يتعين على الحكومة تطبيق قانون لتقييد حركة رأس المال وافق عليه صندوق النقد الدولي وبدء التدقيق في حسابات مصرف لبنان وتنفيذ إصلاحات في قطاع الكهرباء الذي لا يزال عاجزا عن إمداد سكان البلاد البالغ عددهم حوالي ستة ملايين نسمة بالكهرباء طوال اليوم.
كما يتعين على الحكومة في غضون شهر إلغاء خطط حالية لمشروع مثير للجدل لبناء محطة كهرباء في سلعاتا شمالي بيروت وتأسيس هيئة وطنية لمحاربة الفساد.
وجرى تكليف مصطفى أديب، سفير لبنان السابق في ألمانيا، برئاسة الوزراء قبل ساعات من وصول ماكرون. وينبغي على أديب ضمان الموافقة على حكومته قبل تولي المنصب وهو أمر كان يستغرق في العادة عدة شهور. وقال ماكرون إن السياسيين وافقوا على إنجاز هذه المهمة في غضون أسبوعين.
وقال أديب بعد لقاء مع سياسيين يوم الأربعاء “التحديات داهمة ولا تحتمل التأخير”.
* “مجموعة من الغنائم”
بدأت محادثات لبنان مع صندوق النقد الدولي في مايو أيار لكنها تعثرت في يوليو تموز حيث تجادلت الحكومة مع الأحزاب السياسية والبنوك بخصوص حجم الخسائر في القطاع المصرفي.
وقال مهند الحاج علي من مركز كارنيجي للشرق الأوسط إن الإصلاحات ستكون تحديا للنخبة السياسية لأنها ستجعل من الصعب تمويل شبكات نفوذها.
وأضاف إنها “تنقل السياسة من النظام القديم الذي ينظر إلى الخدمات العامة على أنها مجموعة من الغنائم إلى اقتصاد جديد لا يمكن استمرار الممارسات القديمة فيه”.
لكن مصدرا سياسيا كبيرا قال إن الأحزاب تقدم على بعض التنازلات لأسباب من بينها الضغط الفرنسي. وأضاف “إنها خطة طموحة لكن في ظل إدارة (ماكرون) للأمر في لبنان فإنها قد تنجح”.
وقاد ماكرون الدبلوماسية الدولية بخصوص لبنان لكن قوى أخرى ما زالت تحظى بالنفوذ الكبير مثل إيران من خلال حليفتها جماعة حزب الله الشيعية المدججة بالسلاح.
وتمارس السعودية، خصم إيران في المنطقة، نفوذا على السنة في لبنان كما أن الولايات المتحدة مانح كبير وتدرج جماعة حزب الله على قائمة التنظيمات الإرهابية.
وقال محمود قماطي المسؤول في حزب الله لتلفزيون المنار التابع للجماعة إنه يلحظ تعاونا إقليميا ودوليا بخصوص لبنان. وأضاف “لذلك في فرصة لهذه الحكومة أن تحل بعض الأزمات على الأقل”.
وقال حزب القوات اللبنانية، وهو حزب مسيحي يعارض حزب الله بشدة، إن وزراء الحكومة الجديدة من ذوي الخبرة يجب أن يتصرفوا باستقلالية دون أن يضطروا لاستشارة زعمائهم السياسيين على النقيض من الحكومة السابقة التي تتولى حاليا تصريف الأعمال.
وقال وليد جنبلاط، السياسي الدرزي البارز في لبنان، لتلفزيون (إل.بي.سي) إن الحكومة ستتبع خارطة الطريق على الأرجح.
وقال جبران باسيل رئيس أكبر حزب مسيحي في لبنان، وهو حزب التيار الوطني الحر المتحالف مع حزب الله، “إذا لم تنجح هذه الحكومة فنحن ذاهبون إلى كارثة أكبر”.