بيروت/باريس (رويترز) - قالت فرنسا يوم الأربعاء إن الوقت لم يفت بعد على تشكيل حكومة لبنانية جديدة لإنقاذ البلاد من أزمتها الاقتصادية الخانقة، وذلك بعد أن تخلف الساسة هذا الأسبوع عن موعد كانوا قد تعهدوا بالتوصل لتشكيل حكومي بحلوله.
ويواجه لبنان انهيارا ماليا وأكبر تهديد لاستقراره منذ الحرب الأهلية التي دارت رحاها من عام 1975 إلى 1990.
وقاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الجهود الدولية لإنقاذ البلاد، وزار لبنان مرتين منذ وقوع انفجار مروع في مرفأ بيروت يوم الرابع من أغسطس آب أشاع دمارا واسعا بالمدينة وفاقم مشكلات البلاد.
لكن الفصائل المتنافسة فشلت في الوفاء بالتزامها أمام ماكرون بتشكيل حكومة اختصاصيين بحلول 15 سبتمبر أيلول لبدء إصلاحات يطلبها المانحون لصرف مساعدات.
وقال مسؤول من الرئاسة الفرنسية يوم الأربعاء “لم يفت الأوان. على الجميع الاضطلاع بالمسؤولية والتصرف في النهاية بما يخدم مصلحة لبنان وحده”، مضيفا أنه يتعين على الساسة دعم جهود رئيس الوزراء المكلف مصطفى أديب.
ويسعى أديب لتشكيل حكومة للبدء في تنفيذ خارطة طريق فرنسية. وقالت مصادر إنه سعى لتغيير السيطرة على الوزارات، وكثير منها تتولاها نفس الفصائل منذ سنوات.
لكن جهات شيعية ومسيحية رئيسية في نظام المحاصصة الطائفية المعمول به في لبنان اشتكت من أن أديب، وهو سني، لا يتشاور معها.
وقال الزعيم الدرزي اللبناني وليد جنبلاط على تويتر يوم الأربعاء “يبدو أن البعض لم يفهم أو لا يريد أن يفهم بأن المبادرة الفرنسية هي آخر فرصة لإنقاذ لبنان ومنع زواله كما قال وزير خارجيتها بكل وضوح”.
وكان جنبلاط يشير إلى تصريحات وزير الخارجية الفرنسي جان إيف لو دريان الذي قال الشهر الماضي إن لبنان قد يكون مآله الزوال إذا لم تنفذ الإصلاحات اللازمة.
وقال سيمون أبي رميا النائب عن التيار الوطني الحر على تويتر “لدينا فرصة تاريخية من خلال المبادرة التي أطلقها الرئيس إيمانويل ماكرون، ونحن أمام 24 ساعة مفصلية فإما ينتصر منطق العقل ونتجه إلى تشكيل حكومة جديدة، وإما ينتصر منطق التعنت والتصلّب ويعتذر الرئيس أديب وندخل بعدها في مرحلة جديدة”.
وتحدد خارطة الطريق الفرنسية علامات على الطريق للحكومة الجديدة من استئناف المحادثات مع صندوق النقد الدولي إلى إصلاح نظام الكهرباء المتداعي في البلاد.
لكن الخطة تعثرت عند أول عقبة إذ تشاحنت النخبة السياسية، التي تولت الزمام خلال سنوات شهدت فسادا مستشريا في أجهزة الدولة، بشأن كيفية تشكيل الحكومة.
وجاءت أبرز الاعتراضات من السياسي الشيعي نبيه بري رئيس مجلس النواب وحليف جماعة حزب الله الشيعية المدعومة من إيران. وهو يصر على ترشيح وزير المال، وهو منصب يقرره منذ 2014.
وتقول مصادر إن حزب الله يدعم موقف بري، وإنه أبلغ الرئيس ميشال عون يوم الثلاثاء بأن الأحزاب الشيعية يجب أن توافق على الوزراء الشيعة وأن وزير المال يجب أن يكون شيعيا.
وقال السياسي السني سعد الحريري، رئيس الوزراء السابق الذي كان دعمه حاسما لترشيح أديب، إن وزارة المال وغيرها من الحقائب الوزارية ليست حقا حصريا لأي طائفة.
وذكر الحريري على تويتر أن رفض فكرة تداول السيطرة على الوزارات يحبط “الفرصة الأخيرة لإنقاذ لبنان واللبنانيين”، في إشارة إلى المبادرة الفرنسية.