في لهجة حادة وغير معهودة من وزير الطاقة السعودي، حذر الأمير عبد العزيز بن سلمان المتداولين في أسواق النفط من المراهنة على أسعار السوق، متوعداً إياهم بالندم.
جاءت تصريحات الوزير السعودي بعد اجتماع عبر الإنترنت للجنة الرئيسة في مجموعة "أوبك+"، تضم دول المنظمة النفطية وحلفاءها مثل روسيا.
وقال الوزير الأكثر نفوذاً في المنظمة في مؤتمر صحافي بعد الاجتماع، رداً على سؤال بشأن الخطوة التالية للمجموعة "اسألوني عما حصل اليوم، أما من يعتقد أنه سيحصل مني على كلمة بشأن ما سنفعله في ما بعد فهو بالتأكيد واهم"، إلا أنه أضاف "لكن عليكم أن تعرفوا أني سأعمل على التأكد من أن كل من يقامر على هذه السوق سيندم".
سأجعل السوق متقلباً
وتعهّد الوزير السعودي في سياق حديثه عن من وصفهم بـ"المقامرين"، "سأجعل السوق متقلباً، سأجعلهم يندمون".
ونقلت وكالة "رويترز" عن الأمير تحذيراً لأولئك الذين يريدون خداع سوق النفط قوله "تعال إلي"، ما فسرته الوكالة في نقلها للتصريح الخاص، بأنه استعارة من الأمير عبد العزيز بن سلمان لتعبير يستخدمه ممثل هوليوود كلينت إيستوود في سلسلة أفلام "ديرتي هاري" على سبيل التحدي، بحسب الوكالة.
ورغم عدم تسميته للأطراف "المقامرة" إلا أن المتابعين والمهتمين استنتجوا أن الحديث كان موجهاً إلى أصحاب رؤوس الأموال المضاربين على الأسعار، الذي عمدوا في الفترة الماضية إلى بث أخبار سلبية في وسائل الإعلام حول فشل مجموعة أوبك+ في الالتزام بالاتفاق، حتى ينجحوا في خفض الأسعار أكثر للشراء، وهو سلوك يُعتمد في المضاربة، متعارف عليه في السوق الأميركية النفطية بالتحديد وعدد من دول العالم.
التركيز على الالتزام
وألمح وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال اجتماع اللجنة الوزارية، إلى إمكان تمديد فترة آلية التعويض حتى نهاية العام. وكان العراق طلب تمديد مهلة تعويض تجاوز حصة الإنتاج حتى نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) بدلاً من سبتمبر (أيلول)، وهي الآلية التي اعتمدتها المجموعة كي تخفض الدول التي تجاوزت الحصص إنتاجها بالقدر الذي جعلها عند مستوى أهداف اتفاق ضمان استقرار السوق الذي تم التوصل إليه في أبريل (نيسان) الماضي بين دول "أوبك+" بعد هبوط الأسعار نتيجة انهيار الطلب العالمي مع إغلاق الاقتصادات للحد من انتشار كورونا.
لكن وزير الطاقة السعودي حذّر خلال كلمته الافتتاحية في اجتماع اللجنة الوزارية من التركيز على آلية التعويض كوسيلة لتفادي الالتزام التام، وقال إن "آلية التعويض لم توضع لتكون بديلاً للالتزام الكامل أو لتشجع على عدم الالتزام"، مضيفاً أن الالتزام الكامل وتعويض عدم الالتزام بالحصص يتعين أن يكون أمراً طبيعياً لأن "علينا تجاوز موضوع آلية التعويض، وتطبيق التعويضات قبل نهاية العام".
وشدد الأمير عبدالعزيز بن سلمان على أن "الالتزام التام ليس مسألة عمل خيري، ولكنه جزء أساسي من جهدنا الجماعي لتعظيم الفوائد والمكاسب لكل دولة عضو في المجموعة".
كما حذّر من "استخدام تكتيكات زيادة الإنتاج وإخفاء عدم الالتزام التي تم تجريبها أكثر من مرة، ودائماً ما انتهت بالفشل، فالوعود المتكررة التي لا يتم تنفيذها بدقة قد يكون لها تأثير إيجابي موقت، لكن إذا لم يتم الالتزام بها فستعود بالضرر علينا جميعاً".
وخلص الوزير السعودي إلى أنه "حتى مع جهدنا الجماعي، فإن أي تصرف أو تصريح يثير الشك في مدى التزامنا وتصميمنا، يرسل رسالة خاطئة، ويضر باستقرار الأسواق".
وكان وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك حثّ في بداية الاجتماع الدول الأعضاء في تحالف "أوبك+" على الالتزام بحصص الخفض التي تم الاتفاق عليها خلال الأول من مايو (أيار) الماضي. وأشار نوفاك إلى أن أسواق النفط تتعافى بصعوبة بسبب تأثير فيروس كورونا في الاقتصاد العالمي.
وإلى جانب بحث ضعف التعافي الاقتصادي من أزمة كورونا، وتأثير ذلك في الطلب العالمي على الطاقة، استعرض أعضاء اللجنة الوزارية تقرير اللجنة الفنية التي اجتمعت الأربعاء، وخلص إلى ضرورة خفض إنتاج دول "أوبك+" أكثر من 2.3 مليون برميل يومياً نهاية هذا الشهر، لضمان أن تكون كل الدول التي تجاوزت حصص الإنتاج عوضت تلك الزيادات بنهاية سبتمبر.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ارتفاع محدود
ارتفعت أسعار النفط قليلاً الخميس، تزامناً مع اجتماعات اللجنة الوزارية لمراقبة الالتزام بحصص الإنتاج في تحالف "أوبك+"، الذي يضم الدول الأعضاء في "أوبك" و10 منتجين من خارجها، في مقدمهم روسيا. ووصل سعر خام برنت القياسي إلى 42.30 دولار للبرميل، بينما ارتفع سعر الخام الأميركي الخفيف (مزيج غرب تكساس) إلى 40.22 دولار للبرميل.
وأسهمت في دفع الأسعار نحو الصعود، أرقام المخزونات الأميركية التي أظهرت تراجعاً كبيراً، بينما كان خبراء الصناعة يتوقعون ارتفاع المخزونات.
وبحسب أرقام إدارة معلومات الطاقة الأميركية، فإن مخزونات النفط الخام في الولايات المتحدة انخفضت خلال الأسبوع الأخير بنحو 4.4 مليون برميل، لتصل إلى 496 مليون برميل، بينما كان مسح وكالة رويترز لخبراء صناعة النفط توقع زيادة المخزونات خلال الأسبوع بنحو 1.3 مليون برميل.
وبالرغم من تقدير "أوبك" استمرار السحب من المخزونات، إلا أن أحدث تقاريرها الشهرية حذر من ضعف الطلب على النفط بسبب التعافي الاقتصادي العالمي البطيء بعد أزمة "كوفيد-19". وجاءت تقديرات التقرير الشهري لـ "أوبك" متسقة مع تقديرات وكالة الطاقة الدولية حول ضعف نمو الطلب على النفط.
تفاصيل التجاوز
كانت مجموعة دول "أوبك+" اتفقت على خفض الإنتاج بمقدار 9.6 مليون برميل يومياً من أول مايو إلى نهاية يوليو (تموز)، على أن تزيد الإنتاج بدءاً من أول أغسطس (آب)، ليصبح مقدار الخفض 7.7 مليون برميل يومياً في الفترة من أغسطس وحتى نهاية ديسمبر، ثم تزيد الإنتاج مجدداً ليصبح مقدار الخفض من أول يناير (كانون الثاني) 2021 عند 5.7 مليون برميل يومياً، ويستمر حتى أبريل 2022.
لكن بحسب تقرير اللجنة الفنية، فإن الدول المشاركة في الاتفاق تجاوزت الحصص المتفق عليها في الفترة بين مايو و أغسطس الماضيين بمقدار 2 مليون و375 ألف برميل يومياً، بينها 1.64 مليون برميل يومياً من دول "أوبك"، و734 ألف برميل يومياً من المنتجين ضمن مجموعة "أوبك+"، بالرغم من أن نسبة الالتزام بحصص الإنتاج تظل عالية بالنسبة لمتوسط إنتاج دول المجموعة. وتم تعويض التجاوز من جانب منتجين آخرين، حيث تحملت السعودية العبء الأكبر من ذلك بخفض إنتاجها حتى عن الحصة المتفق عليها ضمن اتفاق خفض الإنتاج الرئيس للمجموعة.
ويعد العراق أكثر المتجاوزين بين دول "أوبك"، بزيادة عن الحصة المتفق عليها قدرها 698 ألف برميل يومياً، تليه نيجيريا بـ 283 ألف برميل يومياً، ثم الغابون بـ 190 ألف برميل يومياً.
أما من خارج أوبك، فتعد روسيا أكبر المتجاوزين بـ 333 ألف برميل يومياً، يليها جنوب السودان بـ 184 ألف برميل يومياً، وكذلك كازاخستان.