دبي (رويترز) - قد يجد أمير الكويت الجديد صعوبة أكبر مما وجد سلفه في الحفاظ على دور الوساطة الذي لعبته بلاده بين الدول المتناحرة في الخليج لا لشيء إلا لأنه يفتقر إلى خبرة شقيقه الراحل في التوفيق ببين الأطراف المتناحرة على مدى عقود في منطقة يعمها الاستقطاب.
ولي العهد الكويتي الشيخ نواف الأحمد الصباح في صورة من أرشيف رويترز.
وأعلنت الحكومة الكويتية أن ولي العهد الشيخ نواف الأحمد الصباح صار أميرا للبلاد خلفا لشقيقه الشيخ صباح الأحمد الصباح الذي توفي يوم الثلاثاء.
وأصبح الشيخ نواف الأحمد الصباح وليا للعهد في الدولة العربية المنتجة للنفط عام 2006.
ويقول دبلوماسيون إن من المرجح أن تواصل الكويت خلال حكم الأمير نواف (83 عاما) العمل من أجل الاستقرار من خلال الاحتفاظ بعلاقات طيبة مع الدول المجاورة القوية المتنازعة غالبا بدلا من السعي إلى دور قيادي في المنطقة.
لكن الأمير الجديد يفتقر إلى المهارات التفاوضية للأمير الراحل الذي أمضى أربعة عقود على رأس الدبلوماسية الكويتية والذي كسب احترام الدول المجاورة لقيامه بإعادة بناء العلاقات في الشرق الأوسط بعد الغزو العراقي في عام 1990 لبلاده الصغيرة واسعة الثراء.
ولا تزال أجزاء من المنطقة غارقة في الصراعات والفتن.
وتخوض السعودية وإيران حروبا بالوكالة عبر المنطقة. وتصاعد العداء الأمريكي الإيراني لمستويات تاريخية في يناير كانون الثاني عندما قتلت الولايات المتحدة القائد العسكري الإيراني قاسم سليماني في هجوم بطائرة مسيرة في بغداد.
وحاول الشيخ صباح إلى أن لقي وجه ربه إنهاء صراع خليجي شهد مقاطعة السعودية وحلفائها لقطر منذ منتصف عام 2017.
وقال مصدران قريبان من الأسرة الحاكمة وأحد الدبلوماسيين إن من المرجح أن تستمر السياسة الخارجية دون تغيير لكن الدولة العضو في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) يمكن أن تفقد جاذبيتها على المستوى الدولي.
وقال أحد المصدرين ”ليس لديه الخبرة أو الاستعداد للسياسة الخارجية“. واضاف ”في الداخل ستبقى الكويت قوية، لكن في الخارج ستكون أضعف“.
وبشكل كبير ظل الشيخ نواف خارج دائرة الضوء وهو ولي العهد وأيضا عندما كان وزيرا للدفاع وقت الغزو عام 1990 ووزيرا للداخلية. وهو معروف بأنه مؤسس الحرس الوطني وحاول بناء تعاون أمني مع الدول العربية.
وقال الدبلوماسي إن اختيار أمير البلاد في 2006 الشيخ نواف وليا للعهد اعتبر على نطاق واسع اختيارا مفاجئا .
* تنافس أميري
يتوقع دبلوماسيون ومحللون أن ينقل الأمير الجديد جزءا كبيرا من شؤون الدولة إلى ولي عهده بسبب أسلوبه البعيد عن الأضواء وسنه. وهذا يعني أنه ستكون هناك متابعة عن قرب للشخص الذي سيسفر توافق الأسرة الحاكمة عنه ليصبح وليا للعهد وهو منصب يتبعه شغل منصب رئيس الوزراء.
ويتنافس عشرات من كبار أسرة الصباح على المنصب انتظارا لاختيار ولي لعهد وهو منصب يدير تقليديا العلاقة الصعبة غالبا بين الحكومة والبرلمان.
وتقول المصادر القريبة من الأسرة الحاكمة والدبلوماسيون إن الشيخ ناصر صباح الأحمد الصباح (72 عاما) أكبر أبناء الأمير الراحل سنا واحد من عدد محدود من المرشحين المحتملين بشكل غير رسمي للمنصب.
ودخل ناصر الذي يتركز اهتمامه على الأعمال الصفوف العليا للحكومة في عام 2017 في منصب وزير الدفاع لكنه فقد المنصب في العام الماضي بعد استقالة الحكومة وسط خلاف مع البرلمان المنتخب القوي ووسط خلافات طاحنة في الأسرة الحاكمة.
وهناك مرشح آخر هو رئيس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد الصباح وهو ابن أخ للأمير الراحل تنحى عام 2011 بعد أن هدد أعضاء مجلس الأمة باستجوابه في مزاعم فساد لكنه ظل قريبا من الأمير الراحل.
وقد ينضم أيضا إلى السباق الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح نائب رئيس الحرس الوطني.
وليس للأمير الجديد وخلفائه المحتملين الخبرة الدبلوماسية للأمير الراحل.
* حفظ التوازن
سيتعين على أي خليفة محتمل العمل سريعا لحسم القضايا الداخلية مثل العلاقات المضطربة غالبا مع البرلمان والتنافس في صفوف أسرة الصباح الأمر الذي يعني ترك القليل من الوقت للسياسة الخارجية.
وتسعى الحكومة الكويتية إلى تعزيز أوضاعها المالية وسط أسعار النفط المنخفضة وجائحة فيروس كورونا في الوقت الذي تستنزف فيه صندوق الاحتياطي العام التابع لها لسد العجز في الميزانية.
ويقف أيضا جيل جديد من أفراد الأسرة الحاكمة على أهبة الاستعداد للقيام بدور ومنهم الشيخ محمد المبارك الصباح المسؤول الكبير في المحكمة الأميرية وأيضا الشخصية الرياضية الدولية الشيخ أحمد الفهد الصباح الذي تم تهميشه بسبب مزاعم عن تدخل سياسي في النظام ألأميري والفساد وهو ما ينفيه.
ويوجد في الكويت أكثر نظام سياسي انفتاحا في الخليج وبها برلمان لديه سلطة تمرير القوانين واستجواب الوزراء على الرغم من أن معظم المناصب الكبيرة يشغلها أفراد أسرة الصباح.
وتسبب الشقاق بين الحكومة ومجلس الأمة في تغييرات متكررة في الحكومة أو حل البرلمان مما عطل استثمارات أساسية وإصلاحات اقتصادية.
ويقول الدبلوماسيون إن أسلوب الشيخ نواف المتحفظ وانفتاحه على وجهات النظر المختلفة سيكون أساسيا في الحفاظ على التوازن. ويضيفون أنه يمكن أن يتيح مجالا أكبر لأعضاء البرلمان لاستجواب كبار الوزراء وأن يسمح بأن يشغل يعض المناصب الوزارية الكبيرة كويتيون من خارج الأسرة الحاكمة.