حلم عودة الحياة إلى مفاعل "تموز" الواقع جنوب العاصمة بغداد قد يتحول إلى حقيقة، بعد تصريحات رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لدى استقباله الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون مطلع سبتمبر (أيلول) الماضي، عن توجه لإقامة مشروع مستقبلي للطاقة النووية سيكون مخصصاً للأغراض السلمية.
وقرر الكاظمي في 24 من الشهر الماضي، تشكيل لجنة حكومية للبدء ببناء مفاعلات نووية للأغراض البحثية لتكون أول خطوة رسمية عراقية لاستخدام الطاقة النووية مجدداً في العراق بعد منع دولي إثر قرارات الأمم المتحدة عقب غزو الكويت في أغسطس (آب) 1990.
يذكر أن مفاعل تموز الذي شيد في سبعينيات القرن الماضي والواقع في منطقة التويثة جنوب شرق العاصمة بغداد، دُمِّر عام 1981 بطائرات إسرائيلية استهدفت المنشأة النووية وقُضيَ على الأحلام العراقية بامتلاك التقنية النووية.
وفي عام 2003 تعرض المفاعل إلى حملة سلب ونهب لمحتوياته، ومن ضمنها البراميل التي تضم مواد مشعة، مما ساهم في زيادة نسبة التلوث في المنطقة، وشكلت الحكومة عدداً من الفرق التقنية لطمرها وإزالتها.
إعادة إحياء المفاعل مجدداً، وبحسب متخصصين في الشأن السياسي، كان نتيجة للدعم الدولي الذي حظى به الكاظمي، إلا أنها ستواجه بتحديات أمنية واقتصادية لوجود السلاح المنفلت بيد جماعات مسلحة، فضلاً عن صعوبة حماية هذه المنشآت.
3 مليارات دولار
يُرجح عالم الذرة العراقي حامد الباهلي إمكانية إعادة إحياء المفاعل النووي العراقي في غضون عام واحد، بعد الاستعانة بالكوادر المحلية التي ساهمت في بنائه، وتخصيص ثلاثة مليارات دولار لهذا المشروع الاستراتيجي.
ويقول الباهلي لـ"اندبندنت عربية": "لدينا كوادر تمتلك إمكانات كبيرة، بعضها أحيل إلى التقاعد، فيما آخرون يعملون في أوروبا وأميركا، وقسم لا يزال في العراق، ومن الممكن الاستعانة بخبراته لتدريب الكوادر الجديدة من الشباب، لأننا لو لم نستعن بهم حالياً سنخسرهم لا سيما أنهم في آخر سنين حياتهم".
ويضيف الباهلي، أن فكرة إحياء المفاعل ترددت كثيراً في تسعينيات القرن الماضي، وبعد عام 2003، خاصة أن هناك إمكانية لبناء مفاعل نووي عراقي بمبالغ أقل من الدول المجاورة نتيجة وجود الخبرة.
ويتوقع عالم الذرة اختيار الموقع السابق لمفاعل تموز لإنشاء المفاعل الجديد.
تفعيل قانون هيئة الطاقة خطوة أساسية
في المقابل، تدعو عضو لجنة الصحة والبيئة في البرلمان العراقي اكتفاء الحسناوي، إلى تفعيل قانون هيئة الطاقة الذرية العراقية والذي شرعه البرلمان عام 2016، مشيرة إلى حاجة العراق لمفاعل نووي لأغراض سلمية.
وتوضح لـ"اندبندنت عربية": "يجب أن تتم تهيئة الأرضية قبل إنشاء أي مفاعل، والعمل على استقطاب الخبراء وإنشاء هيئة للطاقة الذرية بحسب القانون الذي شرعه البرلمان، فضلاً عن تدريب خبراء جدد من الشباب واختيار موقع بعيد عن المناطق السكنية".
وتشير الحسناوي إلى "حاجة العراق لهذا المفاعل للأغراض الطبية، وألا يكون البلد متأخراً عن العالم"، مستبعدة إنشاءه في هذا الوقت بسبب الأزمة الاقتصادية التي تمر بها البلاد.
وشرع البرلمان عام 2016 قانون هيئة الطاقة الذرية العراقية، مؤسساً بموجبه هيئة باسم "هيئة الطاقة الذرية العراقية" يكون مقرها الرئيس في بغداد، على أن تتولى وضع السياسات والمشاريع والبرامج في جميع مجالات الاستخدامات السلمية للطاقة الذرية، إلا أن هذه الهيئة لم تؤسس حتى الساعة.
السلاح المنفلت والأزمة الاقتصادية يصعبان المهمة
من جهة ثانية، يرى النائب أمجد العقابي، أن إنشاء مفاعل نووي في الوقت الحالي، أمر مستبعد لوجود السلاح المتفلت والأزمة الاقتصادية التي يمر بها البلد ما يصعب توفير المال للمشروع.
ويستبعد العقابي في حديث لـ"اندبندنت عربية"، تعاون العالم حالياً مع العراق في إنشاء مفاعل نووي، لوضع البلد غير المستقر ووجود السلاح بيد بعض الفصائل والعشائر، وعدم القدرة على تقديم ضمانات لدول العالم حول حماية هذه المفاعل.
ويشدد العقابي على ضرورة إنشائه في حال أزيلت هذه العقبات، لأهميته في إنتاج الطاقة الكهربائية.
ويعاني العراق أزمة في إنتاج الطاقة الكهربائية منذ عقود، ويعتمد في إنتاج الطاقة على محطات تعمل غالبيتها على الغاز، وعلى الرغم من صرف مليارات لإنتاج الطاقة الكهربائية، بيد أن المشكلة لا تزال مستمرة وتتفاقم.