بيروت (رويترز) - باتت مستشفيات لبنان على شفا الانهيار بسبب الارتفاع الحاد في عدد حالات الإصابة بفيروس كورونا المستجد، فيما حذر خبراء من أنها لن تتمكن قريبا من الصمود وسط معاناة البلاد تحت وطأة أزمات متعاقبة.
طبيب يرتدي ملابس واقية يتعامل مع اختبار للكشف عن فيروس كورونا في مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت في الأول من أكتوبر تشرين الأول 2020. تم التقاط الصورة في أول أكتوبر تشرين الأول 2020. تصوير: عصام عبد الله - رويترز
وكان نظام الرعاية الصحية في البلاد يعاني من مشكلات جمة بالفعل قبل أن يُلحق انفجار مرفأ بيروت الضخم في أوائل أغسطس آب أضرارا جسيمة بعدد من المستشفيات.
وبدأت الآن الإمدادات الطبية في التضاؤل بسبب نقص الدولار في ظل الأزمة المالية الراهنة، وتهاجر جموع من الأطباء بينما تتنامى المخاوف من إلغاء دعم الأدوية قريبا.
وقال فراس أبيض الذي يدير مستشفى رفيق الحريري الجامعي في بيروت، وهي أكبر منشأة طبية تتعامل مع كورونا في البلاد، ”حاليا، كوفيد-19 في لبنان خارج عن السيطرة... نشهد معدل نتائج إيجابية مرتفع مقارنة بعدد الفحوص“.
وسجل لبنان عددا قياسيا للزيادة اليومية مطلع الأسبوع بلغ 1321 مريضا بما رفع إجمالي الحالات لما يفوق 43 ألفا، بينما توفي بسبب كورونا 398 مريضا.
وتقول منظمة الصحة العالمية إن تلك الأعداد منخفضة بالمعايير العالمية لكن وحدات العناية المركزة وصلت لنسبة إشغال حرجة بلغت 82 بالمئة من طاقتها. وفي تلك الأثناء، لا يزال الفيروس ينتشر في سجون لبنان المكتظة وفي المستشفيات العامة والمدن المزدحمة بينما لا يزال هناك تهاون في استخدام الكمامات.
وقالت إيفلين حتي رئيس قسم طب الطوارئ في المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت ”إذا استمرت هذه الزيادة المطردة... لا أعتقد أن بوسعنا الصمود لأكثر من أسبوعين“.
وتلقى لبنان إشادات على احتواء التفشي في بداية الجائحة إذ بلغ المتوسط اليومي للحالات أقل من مئة حتى أغسطس آب. لكن مشكلات البلاد تفاقمت ولم يعد القلق من كورونا في صدارة المشهد.
* انهيار
يواجه لبنان أسوأ أزمة منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990. وأصيب النظام المصرفي بالشلل منذ العام الماضي وفقدت العملة المحلية ما يصل إلى 80 بالمئة من قيمتها وحدت البنوك بشدة من مبالغ السحب. وفاقم انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس آب من هذا الانهيار المالي، إذ دمر مساحات من العاصمة وأودى بحياة مئتين تقريبا كما ألحق أضرارا بعدد من المستشفيات.
ولسنوات طويلة، تدين الحكومة للمستشفيات بملايين الدولارات من المستحقات المتأخرة. والفواتير التي لم تدفع بعد في تراكم مستمر. وقال أطباء لرويترز إن مرضى في بعض المستشفيات يواجهون صعوبة في دفع تكاليف تلقي العلاج حتى وإن كانت منخفضة وتبلغ 50 ألف ليرة وهو ما يوازي 6.25 دولار بسعر التداول غير الرسمي يوم الاثنين.
وضاعفت بعض المستشفيات أسعارها لتتناسب مع التضخم الحاد بينما قامت مستشفيات بتسريح موظفين. ووصفت حتي تلك الإجراءات قائلة ”ليست لأسباب تحقيق الربح... المسألة مسألة بقاء“ في إشارة لقدرة المستشفيات على مواصلة العمل.
وبدأت الزيادة في حالات الإصابة بكوفيد-19 في يونيو حزيران بعد عودة مطار البلاد للعمل. لكن انفجار المرفأ فاقم الأوضاع إذ تدفق آلاف لشوارع ومستشفيات مدمرة دون اتباع إجراءات احترازية للوقاية من كورونا.
وأعادت الحكومة فرض إجراءات عزل جزئية بنهاية أغسطس آب، لكن أغلب اللبنانيين لم يلتزموا بها حرفيا، إذ أرهقتهم محاولة التعايش في بلد وضعه مزر بالفعل. وواصلت المطاعم والحانات والمتاجر عملها.
وقال محمد داغر (47 عاما) وهو يقف خارج متجره لإطارات السيارات في بيروت ”أولادي راح يجوعوا إذا سكرت محلي أو طلبت من كل زبون يلي بيفوت على محلي يلبس كمامة“.
وفرضت الحكومة إجراءات عزل محلية يوم الأحد في 112 منطقة بلدية، لكن مدى فاعلية تلك الإجراءات لم يتضح بعد في وقت تتلاشى فيه الثقة في مؤسسات الدولة.
وبالنسبة لمن هم الأكثر عرضة للتأثر بأحوال البلاد، قد تمثل الضائقة حكما بالإعدام.
وتشعر ملك سمارا بالقلق على ابنيها في سجون البلاد المكتظة التي بدأت فيها حالات العدوى بكورونا في التزايد.
وقالت ”بخاف أن أولادي راح يموتوا بالسجن... يرحموا ها الأمهات شوي“.