شكوى اليك يا رسول الله في يوم مولدك البهي..

آخر تحديث 2020-10-31 00:00:00 - المصدر: وكالة ناس

مضر الحلو


يا نبي الرحمة، ائذن لي في يوم ميلادك المهيب أن لا أهنيك بل أعزيك..
أعزيك على دينك الذي محونا عنه ملامحه الباهرة.. رحمته.. إنسانيته.. محبته.. شفقته.. رأفته.. ثم فصَّلناه وفق أحقادنا ومصالحنا، ومشتهياتنا.
أعزيك على حال أتباعك فقد تفشّى فيهم الظلم حتى أصبحوا أشد ظلماً على أبناء جلدتهم من أعدائهم!

يارسول الله ألم يأمرك ربك ان تجادل المخالفين لك من مشركين، وغيرهم بالتي هي احسن، فقال لك عز من قائل: (ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَنْ ضَلَّ عَنْ سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِالْمُهْتَدِينَ)؟ يعني لا الحوار وحده يكفي، ولا الدليل وحده كافٍ، ولا حتى ان يكون الدليل مقنعا يكفي، بل فوق كل ذلك لابد أن يكون الاسلوب ليس حسنا فحسب بل أحسن !!

 
فأعزيك يانبي الرحمة إذ اصبح اتباعك بلا حكمة، ولا موعظة حسنة، ولا جدال بالتي هي احسن.. أصبحوا ولغتهم مع من يخالفهم قطع الرؤوس، وجز الرقاب، اصبحوا ولعن الاخر وشتم مقدساته هو الاسلوب السائد بينهم.. والانكى من ذلك يارسول الانسانية صار من يدعو للعودة الى قيمك ومنهجك منحرفا متهما في دينه.


يا نبي الشفقة ألم يقل لك ربك مع علوِّ منزلتك وارتفاع قدرك: (فَذَكِّرْ إِنَّمَا أَنْتَ مُذَكِّرٌ لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُسَيْطِرٍ)، وقال تعالى: (وَمَن تَوَلَّىٰ فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)..
أعزيك يانبي المحبة فان رجالا من امتك نصبوا انفسهم مسيطرين، وحفيظين على الناس يكفرون من يشاؤون ويقتلون من يشاؤون باسمك وهم يدعون اتباعك..


ياحبيبي يامحمد العظيم، ألم يبين لك ربك ان المؤمنين بك وغيرهم من المخالفين لك حتى المشركين انت لاتحكم من منهم في الجنة، ومن منهم في النار؟ وأن ذلك من شؤونه تعالى وحقه الذي لا ينازَع عليه؟ فقال تعالى: ( إِنَّ ٱلَّذِينَ ءَامَنُوا۟ وَٱلَّذِينَ هَادُوا۟ وَٱلصَّٰبِـِٔينَ وَٱلنَّصَٰرَىٰ وَٱلْمَجُوسَ وَٱلَّذِينَ أَشْرَكُوٓا۟ إِنَّ ٱللَّهَ يَفْصِلُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ ٱلْقِيَٰمَةِ ۚ إِنَّ ٱللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَىْءٍۢ شَهِيدٌ).
فيارسول الله، إن قوما من مدعي اتباعك نازعوا الله على سلطانه فها هم يوزعون صكوك الجنة، وقسائم النار على وفق مشتهياتهم وطبق مقاييس ابتدعوها ما انزل الله بها من سلطان..
يارسول الله أنبئك أن معالم دينك قد تبدلت وتغيرت.. هجرنا تعاليمك ..ماعاد دينك يروي ظمأ الارواح المتعطشة للفضيلة، الباحثة عن قيم المحبة والكرامة، والانسانية. فاصابها الجدب والتصحّر.. تحول دينك الى ممارسات لاتغني ولاتسمن.. ممارسات لا تغور في اعماق الذات لتنير ظلمتها، وتصلح فاسدها.


اصبح الحديث عن الانسانية .. الاخلاق..القيم ..العقلانية حديث ترف لايصغى اليه عند اتباعك.. فتبدلت الرحمة انتقام ، والمحبة كراهية ، والاخوة عداوة والشفقة احقاد!
عزائي يانبي الرحمة لم ولن ينته بعد، كيف والمسلمون اصبحوا في حال لايحسدون عليه: تخلف بل تقهقر ..أمية.. جهل ..خرافة.. تناحر.. تباغض.. تشتت ..تحاقد.. تقاتل.. تيه.. فقر.. فساد.. تبعية.. تقليد أعمى.. ضعف.. انحطاط..
(وَقَالَ الرَّسُولُ يَا رَبِّ إِنَّ قَوْمِي اتَّخَذُوا هَٰذَا الْقُرْآنَ مَهْجُورًا).