على الرغم من محاولات الحكومات العراقية منذ عام 2010 تفعيل خدمة النقل النهري عبر نهر دجلة، فإن هذه المحاولات لم تحقق نجاحاً يذكر لأسباب أبرزها أمنية تتعلق بالحصول على موافقات من الجهات المعنية، ومخاوف من إمكانية استخدام الزوارق الخاصة بالنقل في هجمات ضد مؤسسات ومقار حكومية تقع بالقرب من النهر.
وفي عام 2010 افتتحت الحكومة العراقية مرسى جديداً للزوارق في منطقة الأعظمية، شمال بغداد، وبعدها بأربع سنوات افتتح مرسى في منطقة الجادرية وسط المدينة ضمن خطة لإنشاء 16 مرسى للزوارق بهدف افتتاح مشروع التاكسي النهري بين مناطق العاصمة، كما قامت باستيراد باصات نهرية تتسع لـ40 راكباً، لم تعمل سوى ليوم واحد عام 2018.
عام 2010 افتتحت الحكومة العراقية مرسى جديداً للزوارق في منطقة الأعظمية (اندبندنت عربية)
واستبشر البغداديون في عام 2018 بإعلان وزارة النقل العراقية لخط نهري داخل العاصمة، خصوصاً أنه سيقلص من وقت التنقل بين مناطق بغداد التي تشهد ازدحاماً مرورياً كثيفاً، وأظهرت مقاطع فيديو بدء العمل به، لكنه لم يستمر إلا ليوم واحد بعد قرار الجهات الأمنية وقفه، لكونه يمر من أمام منشآت حيوية والمنطقة الخضراء، التي تضم مقار الحكومة العراقية ووزاراتها الأمنية والسفارات الأجنبية، وخصوصاً السفارة الأميركية التي تقع بشكل مباشر على شواطئ دجلة.
حدث هذا الأمر أيضاً في مارس (آذار) 2015 عندما حاولت وزارة النقل العراقية إطلاق المشروع بشكل أولي، لكنها اصطدمت بما سمته "معرقلات أمنية" من قبل جهات حكومية في حينها. ويبدو أن هذه القضية ربما تمثل أهم مشكلة قد تعرقل استئنافه من جديد في مناطق محددة من العاصمة، التي هي بحاجة إليه لتقليل الزخم المروي، لا سيما بالقرب من مؤسسات الدولة ومركز العاصمة.
التاكسي النهري يُفعَّل قريباً
يبدو أن وزير النقل العراقي ناصر الشبلي لديه توجه لتحريك ملف هذا المشروع الحيوي عبر تصريحه بأن تفعيل التاكسي النهري سيكون خلال المدة القليلة المقبلة، وتحدث عن وجود شركات ستشارك في تشغيله.
وأوضح الشبلي في تصريح لوكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن الوزارة وجهت باستئناف المشروع قريباً، وأعرب عن أمله بانطلاقه في بغداد والبصرة ليشمل فيما بعد المدن العراقية كلها.
وجاء إحياء حركة التنقل عبر نهر دجلة واستخدام وسائل تنقل الأجداد، بعد الازدحام الشديد الذي شهدته العاصمة بغداد، لا سيما أن ما يتم استخدامه في النهر حالياً في التنقل زوارق بسيطة، وبشكل محدود، تُستخدم لعبور ضفتي النهر، أو ما يسمى جانب الكرخ والرصافة من بغداد.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ولقيت الخطوة الحكومية ترحيباً من قبل مجلس النواب العراقي الذي اعتبر أن تنفيذ الفكرة هو لجذب قاصدي السياحة في بغداد.
خطوة لتفعيل السياحة النهرية
يقول رئيس لجنة الخدمات والإعمار البرلمانية، وليد عبد الحسين، إن "التاكسي النهري معمول به في كل دول العالم، ومن الأمور المهمة جداً، وسيسهم في تقليل الازدحام ويخفف من الاختناقات المرورية داخل بغداد".
سيسهم المشروع النهري في زيادة الحركة الاقتصادية والسياحية وخلق فرص عمل جديدة (اندبندنت عربية)
ويضيف أن "اللجنة تدعم هذا المشروع النهري لأنه سيسهم في زيادة الحركة الاقتصادية والسياحية وخلق فرص عمل جديدة، كما أنه جاء بالتزامن مع إنشاء بعض المطاعم على ضفاف نهر دجلة في العاصمة بغداد".
ويحتاج البدء بعمل هذا المشروع الحيوي في بغداد إلى بعض الموافقات قبل انطلاقه، بحسب عبد الحسين، الذي بين أن تطبيقه في محافظات أخرى كالبصرة مثلاً، مستبعد قبل أن يدخل الخدمة في العاصمة.
ويعد عدم إيقاف المشروع مجدداً، وإمكانية تطويره، أمرين يعتمدان على التنسيق الذي ستجريه وزارة النقل مع الأجهزة الأمنية، واستحصال الموافقات اللازمة لتسييره من دون عراقيل، وفي الوقت نفسه عدم التأثير على تأمين المنشآت المهمة الواقعة على ضفاف نهر دجلة، فضلاً عن تأمين السلامة للمتنقلين عبر النهر.
"ننتظر الموافقات"
أوضحت قيادة العمليات المشتركة للقوات العراقية من جانبها أن مهمتها تأمين الأهداف الحيوية كالسفارات والمطارات والمصارف والمراكز الاقتصادية للحيلولة دون حدوث خرق أمني.
ويقول المتحدث باسم قيادة العمليات المشتركة، اللواء تحسين الخفاجي، إن "المشروع له جانب اقتصادي مهم، وللحكومة رؤيتها في هذا الأمر، ونحن إحدى أذرعها، وسنتجاوب مع ما ستقرره"، مضيفاً أن الأجهزة الأمنية ستنسق بشكل متكامل مع وزارة النقل إذا ما تم تنفيذ المشروع.
ومنذ عام 2010 بدأت شركات استثمارية بإنشاء بعض المطاعم والمتنزهات على جانبي النهر، لا سيما أنه وفق الخطط الموضوعة يفترض أن يكون التاكسي النهري مكملاً لهذه المرفقات، فضلاً عن كونه وسيلة تنقل .
ميزات اقتصادية وبيئية
يرى المحلل الاقتصادي حازم هادي أن "هذه الفكرة ستعزز ازدهار الحركة الاقتصادية والسياحية على ضفاف الأنهر، وستقلل الازدحام الذي تشهده المدن الكبيرة، ومنها بغداد"، مضيفاً أن "التنقل عبر النهر سيحافظ على البيئة من التلوث، وهي وسيلة تستخدم للتنقل والسياحة في كثير من الدول الأوروبية، لا سيما في هولندا، إلا أن تفعيله يحتاج إلى إنشاء بعض المرفقات السياحية على ضفاف الأنهار لازدهار حركة السياحة في العاصمة".