فوتو:
منذ 5 دقیقة136 مشاهدة
ديجيتال ميديا ان ار تي
كشف تقرير لـ "موقع الجزيرة نت"، الثلاثاء، سر سهولة سرقة آثار العراق والاتجار بها، فيما اشار الى حاجة البلاد إلى مساعدة دولية للحفاظ عليها من مافيات محلية وأجنبية.
وربط التقرير الذي تابعه "ديجيتال ميديا ان ار تي"، اليوم (24 تشرين الثاني 2020)، عمل المافيات بجهات حزبية وسياسية، مبينا ان نقل الآثار تتطلب مختصين وعناية فائقة، فضلا عن معرفة كونها أصلية أم مزيفة؟
وفيما يلي نص التقرير كما جاء:
"تحولت آثار العراق إلى نقمة عليه، فصار الشريان المالي الثاني لتنظيم داعش بعد النفط إبان سيطرته على ثلث البلاد في الفترة من 2014 إلى 2017، كما استغلت العديد من العصابات الانفلات الأمني الذي تعيشه بلاد الرافدين منذ عام 2003 وهربت آلاف القطع الأثرية.
وقد حددت المادة 38 من قانون الآثار العراقي رقم 55 لسنة 2002، العقوبة بالسجن 10 سنوات والتعويض بضعفي القيمة المقدرة للآثار على كل من لديه قطع أثرية ولم يسلمها للدولة خلال 30 يوما. أما المادة 39 فحددت عقوبة حيازة المخطوطات والمسكوكات، والمادة (40) حددت عقوبة السجن مدة لا تقل عن 5 سنوات ولا تزيد على 15 سنة لكل من سرق أثرا أو تراثا، وغيرها من المواد العقابية.
وتقوم مافيات محلية وأجنبية بتهريب آثار العراق وبيعها في عدة بلدان، لتحقق أرباحا طائلة تصل إلى مليارات الدولارات، بحسب ما تقول مستشارة رئيس مجلس النواب العراقي عهود الفضلي التي حملت القوات الأميركية المسؤولية الكبرى عن عمليات النهب والسلب التي طالت آثار العراق خلال السنوات الماضية، مستذكرة بذلك كيف كان الجنود الأميركيون واقفين بصمت داخل دباباتهم أمام باب المتحف الوطني عندما تعرض للنهب عام 2003.
شرط الاسترجاع.
وربطت الفضلي قدرة العراق على استرجاع آثاره المهربة من دول العالم بتشكيل فريق شامل متخصص يضم خبراء من وزارتي الخارجية والثقافة، إضافة إلى هيئة السياحة والآثار والأمن الوطني والجهات الرقابية بالتنسيق مع منظمة الشرطة الجنائية الدولية (الإنتربول)، مؤكدة حاجة العراق إلى مساعدة دولية للحفاظ على آثاره ومنع المتاجرة بها.
وساعدت فترة الانفلات الأمني التي مر بها العراق عام 2014، تنظيم داعش على جعل الآثار مصدر تمويله الثاني بعد النفط لدعم عملياته العسكرية ضد القوات الأمنية، وسط عجز تام من الحكومات العراقية المتعاقبة عن اتخاذ أي إجراء صارم لمنع هذه الظاهرة أو التقليل منها.
بينما ترى الفضلي أن تلك الفترة مهدت الطريق للعصابات والمافيات لسرقة آثار العراق وبيعها في الدول الأجنبية، معربة عن حزنها لفقدان آثار قيمة منها الأرشيف والكتاب الخاص بتاريخ اليهود، محملة عدة أطراف المسؤولية عن ذلك، ومنها الحكومة.
تورط حزبي وسياسي
وجعل تميز العراق بتنوع حضاراته عبر الحقب الزمنية محط أنظار عدة دول ومافيات، للمتاجرة بها وكسب ملايين الدولارات، لأنها ستدر على من يشتريها أيضا ملايين أخرى عبر عرضها في صالات ومتاحف يؤمها السياح، كما يقول الباحث الاقتصادي علي كريم إذهيب.
وعن سر سهولة سرقة آثار العراق والاتجار بها، يتحدث إذهيب إن عمل المافيات في أي دولة من دول العالم يرتبط ارتباطا مباشرا بالجهات الحزبية والسياسية، معززا كلامه بالتساؤل: كيف لتلك المافيات التحرك والتدفق بين الناس ونقل الآثار التي تتطلب عناية فائقة من الخدش والتكسير، إذ لم يكن لها مختصون بنقل الآثار ومعرفة بكونها أصلية أم مزيفة؟
خداع تنظيم داعش
واتخذ تنظيم داعش بعد 2014 من التجارة العلنية على حدود البلاد لبيع الآثار مصدرا ثانيا للتمويل بعد النفط، لديمومة تقويمه المالي والنقدي، بحسب جواب إذهيب عن سؤال عن سر اهتمام التنظيم ببيع الآثار رغم أنه يعتبرها من المحرمات.
وقال ما ظهر في الفيديوهات التي نشرها التنظيم من تدمير آثار آشورية وكلدانية وآثورية في محافظة نينوى إبان سيطرته عليها، هي كذبة من أجل أن يظهر للعالم أنه ضد السرقة وأنه يحارب الفسق والفجور وعبادة الأصنام.
وأضاف أن التنظيم قام بتهديم آثار لا قيمة لها أو عبارة عن آثار مزيفة مصنوعة محليا، أما الآثار الأصلية فتم تهريبها عبر الحدود الشمالية وبيعها للمافيات بملايين الدولارات.
وتعليقا على تدمير التنظيم للآثار القيمة في نينوى، يتساءل الباحث الاقتصادي: هل يعقل أن يصل مستوى الغباء لدى التنظيم إلى أن يفرطوا بالثور المجنح من خلال تدميره، في وقت هناك دول أوروبية تشتريه بملايين الدولارات؟
وانتقد إذهيب الحكومات العراقية منذ سنين لعدم استثمارها الآثار، كعرضها في المتاحف وتأسيس كليات أكثر للسياحة تعنى بهذا الشأن، لتحقق منها إيرادات مالية تغنيه عن الإيرادات الريعية لبيع النفط الخام الذي يتأثر مباشرة بأي أزمة تحدث.
ويؤيد مدير إعلام الهيئة العامة للآثار والتراث حاكم الشمري رأي الفضلي بسلبيات الانفلات الأمني على آثار العراق، وتسبب ذلك بسرقة أكثر من 13 ألف قطعة أثرية خاصة بحضارة آشور وبابل والسومريين وجزء من الحضارة الإسلامية من المتحف العراقي، تحمل أرقاما متحفية مع آلاف القطع الأخرى التي لا تحمل أرقاما متحفية.
وأضاف أن وزارة الثقافة العراقية تمكنت من استرجاع أكثر من 4500 قطعة أثرية بالتعاون والتنسيق بين الخارجية العراقية وسفاراتها في دول العالم مع الشرطة الدولية.
أميركا تتصدر القائمة
ويمتلك العراق أكثر من 50 ألف موقع أثري منتشر في عموم مناطق البلاد، بحسب آخر مسح أجرته وزارة الثقافة، مع استمرار تعرضها للسرقة والنهب من خلال عمليات السرقة والنبش العشوائي من قبل عصابات التهريب والمتاجرين بالآثار، وبيعها في المزادات العلنية والخفية في عدد من دول الجوار والدول الأجنبية، بحسب الشمري.
ويقول الشمري إن الولايات المتحدة الأميركية تتصدر دول العالم بوجود الآثار العراقية المهربة والمسروقة فيها، حيث يوجد أكثر من 5300 قطعة أثرية "لا تقدر بثمن" في شركة هوبي لوبي فقط المتخصصة بالآثار، وقد استرجع جزء منها بكسب العراق دعوى قضائية مقامة ضد الشركة المذكورة، وأما الجزء الآخر فهو قيد الاسترجاع.
وتلي أميركا دول أخرى مثل الأردن وسوريا وتركيا وإيران والكويت والسعودية وبريطانيا وفرنسا، بحسب قوله.
وعد الشمري آثار العراق بمثابة الشريان الثاني للتنظيم بعد النفط خلال فترة ظهوره، لتحقيقه أموالا طائلة من بيعها ولا سيما القطع الأثرية الكبيرة التي لا تقدر بثمن، واصفا تلك الفترة بـ"السوداوية والمظلمة" لآثار البلد، حين قام التنظيم بتدمير وتفجير جميع المواقع الأثرية والثقافية في المناطق التي وقعت تحت سيطرته، مع سرقة جزء كبير منها وبيعها.
A.A