ازدياد حالات العنف الأسري في العراق وبغداد وكردستان في الصدارة

آخر تحديث 2020-11-30 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

يبدو أن الأزمات السياسية والاقتصادية، التي يعيشها العراق منذ عام 2019، أسهمت في ارتفاع لم تعرفه البلاد في العنف الأسري، خلال العقود الماضية.

ومع أن الأزمة الاقتصادية ليست الأساس فيه، تكمن المشكلة الرئيسة في عجز مؤسسات الدولة العراقية في التعامل مع هذا الملف بشكل واقعي، بعيداً من الشعارات والمؤتمرات والندوات التي ليس لها تأثير فعلي.

على الرغم من محاولة المنظمات الدولية تقديم دعم للعراق لإيجاد حلول عبر الوقوف على أسباب المشكلة وتشريع قوانين تهدف إلى الحد منها، إلا أن الاعتراضات السياسية أفشلت حتى الآن أي مشروع لتفكيك المشكلات التي تعاني منها الأسرة العراقية.

كما أن النفوذ الكبير للعشائر ورجال الدين في المجتمع العراقي، صعّب عمل الأجهزة الأمنية وجعلها تتعامل مع النتائج النهاية للعنف الأسري المتمثلة، أي جرائم القتل، التي اعتاد العراقيون متابعة أخبارها اليومية في وسائل الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي.

سجلت المحاكم العراقية آلافاً من هذه الحالات عام 2019، واحتلت بغداد المرتبة الأولى بعدد الدعاوى.

12 ألف دعوى قضائية

يقول عضو لجنة حقوق الإنسان في مجلس النواب أحمد الكناني إن المحاكم سجلت عام 2019 نحو 16861 حالة عنف أسري، مبيناً أنه على الرغم من الارتفاع الهائل إلا أن العديد منها لم يسجل في المحاكم لأسباب مختلفة.

يضيف الكناني أن "دعاوى العنف الأسري بلغت 12336 قضية، وبغداد المركز الأول بتسجيلها 4661 حالة".

عنف على الجميع 

مفوضية حقوق الإنسان في العراق تتحدث عن تطورات جديدة في هذا الملف، تتمثل بمقتل رجال على يد زوجاتهم، إذ تصدّرت منطقة الرصافة وكردستان اللائحة مقارنة بالمدن الأخرى.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

ويقول المتحدث باسم المفوضية أنس العزاوي إن "المفوضية رصدّت خلال مايو (أيار) ويونيو (حزيران) الماضيين، عنفاً أسرياً بحق المرأة والطفل في الدرجة الأولى، وبصورة أقل بحق الرجل من قبل المرأة" نتيجة الضغط الاقتصادي وسوء الظروف المعيشية. 

ويشير إلى أن "منظمات المجتمع المدني في إقليم كردستان رصدت حالات عنف ضد الرجال أكثر من مناطق أخرى، نظراً لوجود منظمات مهتمة بهذا الأمر"، مسجلة بعضها في مخيمات اللاجئين، حيث ترتفع هذه القضايا قياساً بالمحافظات العراقية الأخرى، كما سجلت منطقة الرصافة في بغداد المؤشرات نفسها نتيجة اكتظاظها السكاني وضعف المستوى التعليمي والمعيشي، عدا المناطق المحررة من تنظيم "داعش".

ويعلن وجود حلول للحد منها، كتشريع قانون العنف الأسري وتفعيل دور الشرطة المجتمعية، فضلاً عن إيجاد مراكز لإعادة الاندماج ونزع سلوك العنف المتطرف من خلال الاستعانة بتجارب دولية في هذا الشأن.

قانون يمكن تنفيذه

على الرغم من الحاجة إلى تشريع قانون العنف الأسري، الذي يناقش في البرلمان منذ فترة طويلة، إلا أن شخصيات عملت سابقاً في هذا المجال تدعو الجهات التنفيذية إلى الحاجة إلى تطبيقه من دون اعتراضات تذكر.

ترى بشرى الزويني، الوزيرة السابقة لشؤون المرأة، أن تزايد معدلات العنف الأسري يرتبط بالأوضاع السياسية والاقتصادية والأمنية التي تمر بها البلاد، فضلاً عن سكن الأزواج مع أسرهم وتزويج القاصرات، مشيرة إلى أن الأطفال أكثر عُرضة للأمر، تليهم النساء.

ويمكن أن يسهم تشريع قانون العنف الأسري، الذي قدمته رئاسة الوزراء العراقية عام 2010، في الحد من العنف لكن بعد إدخال تعديلات على مسودته، بحسب الزويني، التي تشير إلى أنه "بحاجة إلى تعديلات تزيل مخاوف المعترضين على بعض فقراته، مثل إمكان الإبلاغ عنها لمن لديه وظيفة اجتماعية، إذ يتيح ممارسة ادعاءات كيدية".

اعتراضات كبيرة

تعرضت مسودة القانون إلى اعتراضات، إذ رفضه العديد من الجهات السياسية، خصوصاً بعض الأحزاب الإسلامية الشيعية، التي اعتبرت أنه يمثل "خطراً" على المجتمع.

وتتحدث نائب رئيس لجنة الأسرة والطفولة في مجلس النواب النائب انتصار الجبوري عن اعتراضات كثيرة على القانون، من عدد من الكتل السياسية، ما يمنع إرساله إلى اللجان المعنية لمناقشته ثم إقراره.

تضيف الجبوري أن "القانون وصل إلى مجلس النواب في أغسطس (آب) الماضي، إلا أنه لم يرسل إلى لجنة المرأة بسبب هذه الاعتراضات".

وتركزت الاعتراضات على عدم وجود حاجة إليه، لوجود قانون العقوبات العراقي في موضوع الضرب والإيذاء، كما أنه سيقوي المرأة على زوجها وأخيها، وفق الجبوري، التي تؤكد "وجود رفض للملاذات الآمنة، التي ستكون بإشراف منظمات المجتمع المدني بحسب مسودة القانون".

وتشير الجبوري إلى إمكان تعديل كثير من مواده، مثل أن تكون الملاذات الآمنة بإشراف وزارة العمل والشؤون الاجتماعية الحكومية، مبينة أن اللجنة تضغط من خلال منظمات المجتمع المدني والأمم المتحدة من أجل عرضه على لجنة المرأة وإجراء التعديلات عليه.

الحالات مضاعفة

على الرغم من إعلان الجهات الحكومية حالات العنف الأسري، فتوقعات المتخصصين والمتابعين تشير إلى أنها ضعف ما يعلن.

وتقول عضو مفوضية حقوق الإنسان السابقة والناشطة في شؤون المرأة بشرى العبيدي إن "العنف الأسري من الجرائم المخفية التي لا يتم الإبلاغ عنها".

وتضيف العبيدي أن "تشريع القانون واحد من الحلول، وإن كان ليس نهائياً، بل على الأقل يوفر حماية للضحية وقوة ردع للجاني"، مبينة أن المهم تطبيقه بالشكل الصحيح وتوعية المجتمع وليس تضليله. وتوضح، أن الأحزاب الدينية هي التي تقف ضده.