ملفات حقيبة الكاظمي في زيارة أنقرة: ’المياه والطريق’ نحو إطلالة عراقية على أوروبا

آخر تحديث 2020-12-16 00:00:00 - المصدر: وكالة ناس

بغداد – ناس

يستعد وفد حكومي عراقي رفيع لزيارة الجمهورية التركية الخميس، في أول زيارة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي إلى أنقرة، فيما يبدو أن العراق اتخذ سلسلة خطوات سبقت تلك الزيارة، على مستوى إحراز تقدم في مجال الربط السككي الداخلي، تمهيداً للتموضع على خارطة "طريق الحرير" الواعد. 

وزير الخارجية فؤاد حسين، استبق وصول الوفد العراقي، بزيارة إلى العاصمة التركية، الأربعاء، أجرى فيها سلسلة مباحثات تمهيدية، تصدر فيها بحث ملف تسهيل دخول العراقيين إلى تركيا، والعودة إلى اتفاق 2009 الموقع بين البلدين، ليُفسح المجال أمام الوفد الرفيع من أجل بحث وحسم ملفات أكثر ستراتيجية، في "العلاقة القوية" بين البلدين، وفقاً لتعبير السفير التركي في بغداد فاتح يلدز.

الزيارة تأتي بعد مرحلة طويلة من التشنج في العلاقات بين البلدين، تجدد مؤخراً على خلفية نشاط حزب العمال الكردستاني في المناطق الحدودية، وما رافقه من ضربات تركية أدانتها بغداد بلهجة شديدة، إلا أن الزيارة التي تتزامن مع إعلان العراق المضي قدماً في مشروع بناء ميناء الفاو الكبير، تفتح آفاقاً جديدة نحو مستوى أعلى في التعاون بين البلدين.

ورغم أن عيون العراقيين، تتجه -هذه الأيام- نحو الجنوب أكثر، للإطمئنان على أن مشروع ميناء الفاو بدأ يتنفس أخيراً بعد تعرقُلٍ -أو عرقلة!- دامت عقداً من الزمن، إلا أنه وبالتوازي مع العمل في البصرة، تُظهر بغداد جدية أكبر في "المشروع الحلم" للربط بين أقصى نقطتين على الخارطة العراقية، الفاو – زاخو، في طريق يربو على على 1000 كم، سيحقق اتصالاً بين ميناء الفاو، حيث المحطة المرتقبة لبضائع كبار المنتجين شرق آسيا، وكبار المستوردين في أوروبا عبر تركيا.

أغلق العراق قبل ساعات، ملف الربط السككي مع الكويت، والذي كان يُثير المخاوف بشأن الفرادة التي يسعى إليها ميناء الفاو في أعالي مياه الخليج، حيث قال أعضاء في لجنة النزاهة، ومسؤولون في وزارة النقل، أن الحكومة أصدرت كتاباً رسمياً بعدم الموافقة على الربط السككي مع الكويت في الوقت الحالي.

وفي الأثناء، أعلنت الشركة العامة للسكك الحديد عزمها إعادة خط العراق - سوريا - تركيا إلى العمل، وفقاً لمدير الشركة طالب الحسيني، الذي أكد أن كوادره استطاعت إعادة خط بغداد الفلوجة، وماضية في إكمال خط الفلوجة عكاشات بمحافظة الأنبار، وتمكنت أيضاً من إعادة خط بغداد - سامراء وكذلك سامراء - بيجي، فضلا عن بيجي - مصفى القيارة، كما أن العمل جارٍ على تأهيل خط السكة للوصول الى محطة الموصل والتي تمتد على مساحة 68 كيلو متراً، هذا فضلاً عن مشاريع مستقبلية يجري العمل على اطلاقها، للربط السككي مع تركيا، بعد أن زار وفد من سكك حديد العراق تركيا الأسبوع الماضي للتباحث حول إعادة خط العراق سوريا تركيا".

الحسيني، تحدث عن "قائمة مشاريع آنية، ستعمل الشركة على تنفيذها، على رأسها خط ربيعة - فيشخابور عند الحدود العراقية التركية، إلى جانب مشاريع مُنتظرة، منها إنشاء خط كربلاء - نجف - بصرة (فاو)، ومسيب - كربلاء - نجف - سماوة بشكل قوسي، وإعادة كركوك إلى شبكة السكك الحديدية، بالإضافة الى المشروع الاستراتيجي المتمثل بالقناة الجافة في ميناء الفاو، في ما يُنتظر أن يمثل شبكة سكك متكاملة، تركز على نقل الحمولات كجزء من منظومة طريق الحرير". 

يقول أستاذ الأمن الوطني في جامعة النهرين، حسين علاوي، إن "ما يمنح الزيارة أهميتها، هو أنها تأتي بعد فترة طويلة من المشاكل والتوترات الكبيرة" إلا أنه يتوقع أن يتولى الفريق الوزاري مناقشة قضايا الفيزا، وإقامات العراقيين وغيرها من الملفات الأقل ستراتيجية، فيما تباشر قيادتا البلدين، متمثلة بالكاظمي وأردوغان، الحوار حول المسائل الستراتيجية المستجدة، وعلى رأسها ملفات المياه والاستثمار والتنسيق الأمني وتبادل وجهات النظر تجاه القضايا الاقليمية التي تحتاج بدورها الى حوار موسع".

يضيف "يحتاج ملف المياه الى مشاريع مشتركة بين القوتين الاقتصاديتين للبلدين وهو ما سيفكك النظرية التي يتحدث عنها بعض المسؤولين الاتراك، حين يلقون باللائمة على العراق، في عدم استخدام المياه بصورة صحيحة، هناك فرصة كبيرة لمشاريع جديدة وشراكة عراقية تركية في قطاع الري والزراعة".

 تتولاها خلال الزيارة تخص الربط السككي والقناة الجافة وملف تصدير النفط فضلا عن فرص عمل للعراقيين عبر تفعيل الاستثمار، وبالتالي فهي زيارة قد تحقق نتائج غير مسبوقة.

أما أستاذ الإعلام الدولي، غالب الدعمي، فيقول إن "الزيارة قد تشهد وضع مسار جديد ومشاكل تُركت لتتراكم خلال سنوات عديدة، على رأسها التدخل التركي داخل العراق، وملف النفط وتصديره والمياه" لافتاً إلى أن "أنقرة تُظهر رغبة كبيرة للتفاوض على فتح منفذ جديد، او إنشاء الطريق السريع الرابط بين الجنوب والشمال".

ويتابع "يظهر في خطوات حكومة الكاظمي، إيلاؤها اهتماماً بالغاً لملف العلاقات الخارجية، وهو ما اعتقد أن العراق يحتاجه بالفعل في هذه المرحلة المليئة بتحديات من نوعية غير مسبوقة، وفي المقابل، تبدو قائمة المصالح المشتركة بين بغداد وأنقرة، طويلة ومليئة بالفقرات التي يُمكن أن يظفر بها الطرفان، فيما لو تم اطلاق حوار جاد على مستوى رفيع بين قيادتي البلدين".