حذّر الرئيس الأميركي دونالد ترمب، إيران من حدوث أي هجوم يستهدف أميركيين في العراق، قائلاً إنه سيحمّلها المسؤولية في حال حصل ذلك، تزامناً مع اقتراب الذكرى السنوية الأولى لاغتيال قائد "فيلق القدس" التابع لـ "الحرس الثوري" الإيراني الجنرال قاسم سليماني في ضربة شنّتها طائرة مسيّرة أميركية قرب مطار بغداد.
وكتب الرئيس المنتهية ولايته على "تويتر"، "ضُربت سفارتنا في بغداد بصواريخ عدّة الأحد" الماضي، وهو هجوم خلّف أضراراً مادية فقط. وأضاف "احزروا من أين جاءت: من إيران".
وتابع "الآن نسمع حديثاً عن هجمات أخرى ضد أميركيين في العراق"، موجّهاً "نصيحة ودية لإيران: إن قُتل أميركي واحد، سأحمّل إيران المسؤولية". وحذّر قائلاً "فكروا في الأمر جيداً".
إثارة التوتر
وكان وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو حمّل طهران المسؤولية عن قصف السفارة في بغداد.
وحذر قائد القوات الأميركية في الشرق الأوسط، الجنرال فرانك ماكينزي، من أن بلاده "مستعدة للرد" في حال شنّت إيران هجوماً في الذكرى الأولى لاغتيال سليماني.
في المقابل، حضّت إيران السلطات الأميركية يوم الاثنين 21 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، رداً على هذين التصريحين، على عدم إثارة "توتر".
وكان ترمب أجاز في 3 يناير (كانون الثاني) 2020 هجوماً بواسطة طائرة مسيّرة لتحييد سليماني أثناء وجوده في بغداد. وكانت هناك خشية حينها من التصعيد، لكن ذلك لم يحصل. غير أن التوتر يتصاعد مع اقتراب الذكرى الأولى للعملية، في وقت دخل الرئيس الأميركي في الأسابيع الأخيرة من ولايته.
وخفّضت واشنطن أخيراً طاقمها الدبلوماسي في العاصمة العراقية، وبرزت مجدداً في الأيام الأخيرة تخمينات حول إمكان غلق السفارة نهائياً.
Our embassy in Baghdad got hit Sunday by several rockets. Three rockets failed to launch. Guess where they were from: IRAN. Now we hear chatter of additional attacks against Americans in Iraq... pic.twitter.com/0OCL6IFp5M
— Donald J. Trump (@realDonaldTrump)
December 23, 2020
العفو عن الحلفاء
على صعيد آخر، عفا ترمب الأربعاء عن مزيد من حلفائه، بمَن فيهم والد صهره، جاريد كوشنر، لينضموا بذلك إلى لائحة طويلة من الشخصيات التي شملها عفو الرئيس الأميركي في الأيام الأخيرة من ولايته.
وقال البيت الأبيض في بيان إنه بالإضافة إلى العفو عن تشارلز كوشنر - والد صهره - أصدر ترمب أيضاً عفواً عن رئيس حملته الانتخابية لعام 2016 بول مانافورت وحليفه القديم روجر ستون.
وكان مانافورت أُدين في إطار التحقيق الذي أُجري بشأن التدخل الروسي في الانتخابات الأميركية لعام 2016. وفي وقت سابق، خفف ترمب العقوبة الجنائية الصادرة ضد روجر ستون الذي أُدين بالكذب على المشرعين تحت القسم.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
المرحلة الثانية
وهذه هي المرحلة الثانية من قرارات العفو التي يصدرها ترمب في غضون يومين، وجاءت بعد وصوله إلى بالم بيتش بولاية فلوريدا في موسم العطلات.
وأصدر ترمب أوامر عفو عن 26 شخصاً في المجمل يوم الأربعاء (23 ديسمبر) وخفّف جزءاً أو كل الأحكام الصادرة على ثلاثة أشخاص آخرين.
وإلى جانب مانافورت وستون، أصدر ترامب عفواً عن مستشاره السابق للأمن القومي مايكل فلين ومستشاره السابق جورج بابادوبولس.
وأنقذ عفو ترمب عن الجمهوري مانافورت من تمضية الجزء الأكبر من عقوبته في السجن ومدتها سبعة أعوام ونصف العام.
كان مانافورت (70 سنة) من بين الأوائل في دائرة ترمب المقربة الذين وَجِّهت لهم اتهامات في إطار التحقيق الذي ترأسه روبرت مولر في المزاعم بحدوث التدخل الروسي في انتخابات الرئاسة الأميركية في عام 2016. كما دانت هيئة محلفين ستون في نوفمبر (تشرين الثاني) 2019 بالكذب تحت القسم أمام المشرعين الذين كانوا يحققون أيضاً في التدخل الروسي في الانتخابات. وخفف ترمب عقوبته في يوليو (تموز) الماضي، قبل يوم واحد من الموعد المقرر لبدء ستون تنفيذ عقوبة السجن لمدة ثلاث سنوات وأربعة أشهر.
وحُكم على كوشنر والد جاريد، بالسجن لمدة سنتين بعد أن أقر بالذنب في عام 2004 في 18 تهمة بالتهرب الضريبي والتلاعب بالشهود وتقديم تبرعات لحملات انتخابية بشكل غير قانوني.
مزيد من الإعفاءات
وذكرت الصحف الأميركية أن ترمب يفكر أيضا في منح عفو وقائي لأبنائه ولجاريد كوشنر ومحاميه الشخصي رودي جولياني، قبل أن يغادر البيت الأبيض في كانون الثاني (يناير).
وأضافت المصادر نفسها أن ترمب يدرس إمكانية إصدار عفو عن نفسه عن الجرائم التي قد يُحاكم عليها بسبب ولايته. وفي 2018، قال إن لديه "الحق المطلق" في اتخاذ هذا الإجراء، والذي سيكون سابقة.
قضية الجنود السابقين تثير ردود فعل
وقد استفاد من هذه قرارات ترمب خصوصا أربعة عملاء سابقين لشركة الأمن الخاصة بلاكووتر أدينوا بقتل 14 مدنيا عراقيا في 2007 في بغداد.
ودان القضاء هؤلاء بفتح نيران مدافع رشاشة وإلقاء قنابل يدوية على تقاطع مزدحم في بغداد أثناء تجوالهم في عربات مدرعة، في مجزرة أثارت غضبا عالميا. وقال البيت الأبيض مساء الأربعاء إن الرجال الأربعة وكلهم جنود سابقون، لهم "تاريخ طويل في خدمة الأمة".
لكن في بغداد أعرب الضابط في الشرطة العراقية الذي حقق في إطلاق النار عن غضبه. وقال فارس السعدي لوكالة فرانس برس "أتذكر كما لو كان البارحة". وأضاف "كنت أعلم أننا لن نرى العدالة".
وقالت السناتورة الديموقراطية السابقة كلير مكاسكيل التي كانت عضوا في لجنة القوات المسلحة في مجلس الشيوخ "كل هذا يثير الاشمئزاز". وأضافت أن "هذا العفو إهانة لا يمكن وصفها لجيشنا".
وشركة بلاكووتر التي لم تعد موجودة، أسسها إيريك برانس أحد أشد المؤيدين لترمب وشقيق وزيرة التربية بيتسي ديفوس.
ورأت مجموعة مكافحة الفساد "مواطنون من أجل المسؤولية والأخلاق" في واشنطن أن "رسالة ترامب واضحة: العدالة لا تنطبق عليك إذا كنت مواليا له".
مواجهة مع الكونغرس بشأن موازنة الدفاع
إلى ذلك، عطّل ترمب الأربعاء موازنة دفاع الولايات المتحدة التي سبق أن أقرها الكونغرس بغالبية ساحقة، مؤكدا بذلك عزمه على ضرب حتى نهاية ولايته كل المعايير السياسية وحتى معسكره الجمهوري.
وكان مجلسا النواب والشيوخ اقرا قبل أسبوعين بغالبية ساحقة موازنة بقيمة 740,5 مليار دولار تسمح في حال أكد النواب الذين أيدوا النصّ في تصويتهم الأول، بتجاوز الفيتو الرئاسي عبر التصويت عليه مجددا بالغالبية الموصوفة.
واتهمت رئيسة مجلس النواب الديموقراطية نانسي بيلوسي الرئيس باستخدام "ساعاته الأخيرة في السلطة لإحداث الفوضى" بهذا "العمل غير المسؤول"، وأعلنت أن النواب سيعودون من إجازة يوم الإثنين "لتجاوز الفيتو".
وقبل أربعة أسابيع من تنصيب خلفه جو بادين رئيسا، سيشكل ذلك سابقة مهمة خلال ولاية ترمب الرئاسية الوحيدة.
وقال ترمب في رسالة رسمية للكونغرس "من المؤسف أنّ نص القانون هذا لا يتضمّن إجراءات أساسية للأمن القومي" و"لا يتوافق مع جهود حكومتي لجعل أميركا في الصدارة على صعيد الأمن القومي والسياسة الخارجية"، معتبرا أنه يشكل "هدية الى الصين وروسيا".
ويلحظ نص الموازنة الذي أعيد الاربعاء إلى الكونغرس زيادة رواتب موظفي قطاع الدفاع بنسبة 3%.
لكنّ ترمب كان هدد باللجوء إلى الفيتو لأن النص لا يشمل خصوصا إلغاء قانون معروف باسم "المادة 230" يحمي الوضع القانوني لشبكات التواصل الاجتماعي التي يتهمها الرئيس بالتحيز ضده.
قال ترمب في رسالته إلى النواب إن "المادة 230 تسهل انتشار المعلومات الأجنبية المضللة على الإنترنت ما يشكل تهديداً خطيراً لأمننا القومي ونزاهة انتخاباتنا".
ويأخذ ترمب أيضا على قانون تمويل البنتاغون أنه ينص على إعادة تسمية قواعد عسكرية تكرم جنرالات المعسكر الكونفدرالي الذي كان يدافع عن العبودية خلال الحرب الأهلية الأميركية. وقال "من هذه القواعد انتصرنا في حربين عالميتين" منتقدا نية في "نسيان التاريخ".
ويرفض ترمب أيضا تدابير "تناقض جهوده لإعادة قواتنا إلى الديار (...) من أفغانستان وألمانيا وكوريا الجنوبية".
وتابع ترمب "لكل هذه الأسباب لا يمكنني دعم هذا النص الذي يضع مصالح الطبقة السياسية في واشنطن فوق مصالح الشعب الأميركي".