لا تبدو أجواء الاحتفال بعيد الميلاد في العراق مشابهة للسنوات السابقة، التي كانت تشهد مظاهر احتفال كبيرة في غالبية المدن، حيث إنها تأتي بالتزامن مع الأزمة الاقتصادية الخانقة، التي تمر بها البلاد، فضلاً عن فرض الحكومة منعاً للتجمعات الاحتفالية كإجراء احترازي للحد من تفشي فيروس كورونا.
في المقابل، أقام مسيحيو العراق قداس عيد الميلاد في الكنائس، حيث اقتصرت أجواء الاحتفال هذا العام على الكنائس نظراً للتعليمات الجديدة من وزارة الصحة العراقية في ما يتعلق بالتجمعات.
وعلى الرغم من فرض قيود على التجمعات في الأماكن العامة، إلا أن مظاهر الاحتفال كانت حاضرة في عديد من أحياء بغداد وبقية المدن التي ينتشر فيها المسيحيون، فضلاً عن نصب عديد من أشجار عيد الميلاد والنشرات الضوئية في الشوارع والساحات العامة.
الزينة وسط بغداد
وامتدت الأشجار من جسر الجادرية إلى منطقة الكرادة وساحة التحرير وسط بغداد، التي شهدت نصب شجرة كبيرة لعيد الميلاد، إضافة إلى نصب أشجار في عديد من المناطق الأخرى في العاصمة.
اقرأ المزيد
يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)
ونصبت أمانة العاصمة بغداد، أكبر شجرة عيد ميلاد في ساحة التحرير وسط العاصمة، في حين وجه أمين بغداد علاء معن، في وقت سابق بنصب أشجار الميلاد في شوارع العاصمة احتفاء بالأعياد.
وذكر بيان للأمانة أن "الدوائر البلدية باشرت بنصب أشجار الميلاد ونشرات الزينة، وتحرص على تهيئة جميع الفرص للأسر البغدادية للاحتفال بهذه المناسبة مع الالتزام بتوجيهات خلية الأزمة في ما يتعلق بالجانب الصحي ومنع تجمعات المواطنين".
ولم تخلُ أجواء الاحتفال بالعيد من التركيز على القضايا الوطنية الحساسة والأزمات التي تمر بها البلاد، حيث ألقى بطريرك الكلدان الكاثوليك الكاردينال لويس ساكو، كلمة للعراقيين بمناسبة ولادة عيسى عليه السلام، وصفت بالمؤثرة، إذ خاطب فيها "القتلة والسارقين"، محذراً إياهم من مصير خطير.
وقال ساكو من كنيسة "مار يوسف" في العاصمة بغداد، "لا تقتل لا تسرق لأن الحرام لا يدوم وقليل الحلال هو بركة وهذه رسالة لكل الفاسدين الذين سرقوا العراق".
وأشار ساكو إلى أن "الوضع الراهن يتطلب تضامناً أخوياً بين شرائح المجتمع العراقي في ظل تدهور الخدمات والاقتصاد".
وأضاف "الذين يقتلون وينهبون سيسألون من الله عن أسباب ما فعلوه... ماذا سيقولون لحظة الوقوف أمامه"؟.
وأكد أن "البابا فرنسيس اختار العراق لزيارته كونه بلداً محورياً في المنطقة"، معبراً عن أسفه بالقول إن "المنطقة اليوم تشهد دماءً بأكملها".
كنيسة القديس مار يوسف
من جهة ثانية، اختار الرئيس العراقي برهم صالح كنيسة القديس مار يوسف مكاناً للاحتفال بعيد الميلاد، قائلاً في كلمة ألقاها خلال القداس "إننا بأمس الحاجة إلى استلهام القيم الإنسانية والنبيلة، التي جاء بها السيد المسيح، والتي رسخها بمفاهيم الحب والتعاون من أجل البشرية لتسود روح السلام والتعايش".
في المقابل، احتفل رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، الخميس (24-12-2020)، بعيد الميلاد في كنيسة "سيدة النجاة" وسط بغداد، التي شهدت مجزرة عام 2010، قام بها تنظيم داعش، عندما اقتحم مسلحون ينتمون إلى التنظيم الكنيسة أثناء مراسيم القداس، وانتهت بتفجير المقتحمين أنفسهم ما أدى إلى مقتل وجرح المئات.
واختارت ممثلة بعثة الأمم المتحدة جنين هينس بلاسخارت مرافَقة الكاظمي إلى كنيسة "سيدة النجاة" للاحتفال.
وأكد الكاظمي خلال القداس سعي حكومته الدؤوب للعمل على إعادة المهجّرين، بمن فيهم الذين هجّروا من أبناء المكون المسيحي إلى ديارهم.
وقال الكاظمي وفقاً لبيان المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء، إن "الأخوّة الإسلامية المسيحية كانت دائماً مثالاً بارزاً وحياً للتآخي الوطني، وإن العراقيين ليسوا إلا أسرة واحدة وشعباً واحداً يشهد على ذلك تأريخهم وآثار حضاراتهم، ما يدحض أوهام الطائفية والتفرقة الدينية البعيدة تماماً من الحقائق".