البرلمان العراقي يتحرك للتحقيق بمقابر جماعية بمناطق سيطرة مليشيات

آخر تحديث 2021-01-16 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

قوات عراقية فرضت طوقاً حول مقبرة الإسحاقي الجماعية (تويتر)

دعت لجنة حقوق الإنسان في البرلمان العراقي، اليوم السبت، إلى فتح تحقيق عاجل في عمليات إعدام ميدانية تعرض لها مدنيون في بلدة الإسحاقي، جنوب مدينة تكريت. 

وكان قد عثر سكان محليون، نهاية الأسبوع الماضي، على مقبرة الإسحاقي الجماعية في بلدة الإسحاقي الخاضعة لسيطرة مليشيات موالية لإيران، والواقعة ضمن محافظة صلاح الدين شمالي العراق. 

والأربعاء الماضي، أعلن بيان لعشائر بلدة الإسحاقي العثور على مقبرة جماعية تضم رفات العشرات من المدنيين، قبل الكشف عن مقابر أخرى مجاورة للمقبرة الأولى المكتشفة.

وقامت على الفور قوات الأمن العراقية بإغلاق المنطقة ومنع الأهالي من التوافد عليها، ممن خُطف أبناؤهم خلال السنوات الماضية على يد المليشيات المسلحة التي كانت توجد في البلدة منذ الربع الأخير من عام 2014 إبان معارك طرد مسلحي تنظيم "داعش" الإرهابي من المحافظة. 

واليوم السبت، قال بيان للجنة حقوق الإنسان في البرلمان إن ما تعرض له المدنيون الأبرياء في  بلدة الإسحاقي من عمليات إعدام ميدانية لمئات الضحايا انتهاك صريح لمبادئ حقوق الإنسان، التي كفلها الدستور العراقي في ضمان حقوق الإنسان وتوفير الأمن للمواطن العراقي في جميع أنحاء البلد.

وأوضحت أنّ "أرواح المواطنين الأبرياء لا يجب أن تذهب سدى، ولا بد أن يُعاقب الجناة والمسؤولون عن هذه الجريمة البشعة التي ارتكبت ضد أبناء بلدنا"، مطالبة "الأجهزة الأمنية والسلطات المعنية بفتح تحقيق عاجل لكشف ملابسات الحادثة وتقديم الجناة إلى القضاء العادل". 

في السياق ذاته، كشف مرصد "أفاد" المعني بقضايا وملفات حقوقية في العراق، في بيان له، عن وجود مقابر أخرى مجاورة للمقبرة المكتشفة في مناطق مقاطعة 2 والكشكشة وسيد غريب والفرحاتية والجكسرية، مؤكداً أن الضحايا مدنيون وتم الاستدلال على معلومات من موقع المقبرة بأنها وباقي المناطق كلها تقع في مناطق سيطرة المليشيات.

ودعا "أفاد" بعثة الأمم المتحدة في العراق إلى ما أسماه التخلي عن سياسة التمييز في التعامل مع القضايا الإنسانية والحقوقية في العراق، ومتابعة ملف المقابر الجماعية التي تكتشف في مناطق نفوذ المليشيات. 

وتابع المرصد "وبحسب شهادات أهالي المنطقة، فإن مليشيات خطفتهم عام 2015 خلال المعارك مع تنظيم "داعش" في المحافظة من مناطق الإسحاقي ومكيشيفة والدور وسيد غريب وبلدات أخرى، وقامت بإعدامهم".  

في المقابل، أصدرت لجنة الأمن والدفاع في البرلمان العراقي بياناً أكدت فيه عزمها جمع تواقيع في البرلمان لتشكيل لجنة متابعة بشأن جريمة مقبرة الإسحاقي الجماعية، مضيفة "أن الخطوة جاءت لوجود محاولات لتسويف الجريمة وعدم فتح تحقيق فيها".

في الأثناء، نقلت وسائل إعلام عن مصادر محلية في محافظة صلاح الدين قولها إن قوات مسلحة فرضت طوقاً حول المقبرة، ومنعت ذوي المفقودين من الوصول إليها للتعرف إلى أبنائهم الذين فقدوا خلال السنوات الماضية. 

كما أكد سعد المجمعي، وهو أحد الزعماء القبليين المحليين في الإسحاقي، أن الكثير من الأهالي يرومون الذهاب إلى المقبرة للبحث عن أبنائهم الذين فقدوهم خلال سنوات الحرب على تنظيم "داعش" الإرهابي، مشيراً، في حديث لـ"العربي الجديد"، إلى أن المنطقة شهدت وصول أشخاص من مناطق أخرى على أمل التعرف إلى هوية أقاربهم المغيبين في المقبرة.  

وانتقد عدم اهتمام السلطات العراقية بمقبرة الإسحاقي، لأنها لم ترسل فرقاً متخصصة لمساعدة ذوي المفقودين في البحث، لافتاً إلى أن البعض يخشى من الحديث عن الجهات المتهمة بالمسؤولية عن المقبرة، خشية انتقام فصائل مسلحة تسيطر على جنوب صلاح الدين.  

واعتبر عضو البرلمان العراقي محمد الكربولي أن رفات الضحايا دليل على أنه تم الغدر بالمختطفين وقتلهم، مضيفاً أن رفات الشهداء شاهد على الجريمة.. والأجساد المكبلة في مقبرة الإسحاقي دليل آخر على الغدر بالمغيبين.. والحكومة مصرة على عدم كشف الحقيقة وتضييع حقوق أهالي المغيبين. 

والأربعاء الماضي، أعلن مجلس عشائر ووجهاء صلاح الدين العثور على مقبرة جماعية جديدة في بلدة الإسحاقي جنوبي صلاح الدين، تضم رفات العشرات من الضحايا المدنيين. 

ووفقاً لبيان مشترك صدر عن العشائر، فإن المقبرة تقع في منطقة جالي التابعة لبلدة الإسحاقي، وتضم العشرات من جثث المغيبين المدنيين الذين فُقدوا بعد دخول القوات العراقية والمليشيات إلى المحافظة، خلال عمليات طرد تنظيم "داعش" الإرهابي عام 2015.  

وعلى مواقع التواصل الاجتماعي، لا تزال تتفاعل جريمة مقبرة الإسحاقي في العراق، إذ تصدر وسم مقبرة الإسحاقي على منصة "تويتر" الاهتمام لليوم الثاني على التوالي. 

وقال الناشط المدني البارز في تظاهرات ذي قار حسين باسكتبول: "يوم بعد يوم ينكشف الوجه الدموي للمليشيات في العراق، مستحيل مقبرة الإسحاقي تكون الأخيرة، سوف تزداد أعداد اكتشاف المقابر الجماعية أكثر ويزداد الظلم أكثر من إيران ومليشياتها الإرهابية".   

وعلق محمد الكبيسي على المقبرة بالقول "من ضمن الأشياء التي عُثر عليها في المقبرة، حذاء رياضي مقاس 36 أي أن صاحبه مدني لا يتجاوز الـ16 عاماً، وهذه جريمة أخرى سكتت الجهات المسؤولة في التحقيق فيها".  

ووجه الباحث والكاتب العراقي شاهو القره داغي انتقادات للقضاء العراقي بسبب صمته عن مقبرة الإسحاقي، قائلاً إنّ "القضاء العراقي يتحرك فوراً عندما يكون هناك توجيه مليشياوي، كما فعلوا مع القرار المضحك ضد ترامب، بينما يختارون الصمت في القضايا الأخرى مثل المقابر الجماعية وآخرها مقبرة الإسحاقي لأن المتورط في هذه الجرائم المليشيات".  

 وحمّل الصحافي العراقي حسين دلي مليشيات تسيطر على مناطق جنوب صلاح الدين المسؤولية بشأن مقبرة الإسحاقي.