دعم دولي للعراق للمضي بالإصلاح الاقتصادي

آخر تحديث 2021-02-15 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بعد نجاح الحكومة العراقية في تخطي الجزء الأكبر من نتائج خفض قيمة الدينار نهاية شهر ديسمبر (كانون الأول) 2020، والتقليل من آثاره على جميع القطاعات الاقتصادية، بدا المجتمع الدولي أكثر حماسة في دعم بغداد للمضي بمزيد من الإجراءات الإصلاحية الهيكلية في اقتصاده، لمنع انهياره إذا ما تراجعت أسعار النفط مجدداً.

ويبدو أن مجموعة الاتصال الاقتصادي العراقي التي تشكلت في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 لدعم الورقة البيضاء التي تمثل ورقة الإصلاحات الاقتصادية الحكومية، تراقب بشكل دقيق ما حققته بغداد على صعيد خفض قيمة الدينار وتقليص موازنات بعض الوزارات والقطاعات غير الإنتاجية وخفض قيمة الاعتماد على الصادرات النفطية في موازنة عام 2021.

وعقدت المجموعة التي تضم كلاً من الولايات المتحدة الأميركية وبريطانيا وفرنسا واليابان وإيطاليا والاتحاد الأوروبي وكندا والسعودية، والبنك الدولي، اجتماعاً مع رئيس الحكومة العراقية، مصطفى الكاظمي، لحث الحكومة والأطراف السياسية العراقية على السعي لتحقيق الإصلاح الاقتصادي، وجعله أولوية لها، مؤكدة دعمها الحكومة في تنفيذ الإصلاحات، ليس بهدف عبور الأزمة، بل لتحقيق فرص دائمة للشعب العراقي.

استمرار الإصلاحات

ويعتقد مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، أن "المجتمع الدولي من خلال فريق الاتصال الدولي يشكل تحالفاً داعماً ومسانداً للعراق في مواجهة أزمته المالية والصحية".

ويذكر صالح أن "العراق قد شكل فريقاً وطنياً عالي المستوى سيتولى إجراءات الإصلاح الاقتصادي وفق مبادئ عمل تم اعتمادها في الورقة البيضاء"، لافتاً إلى أن "التعاون الدولي لدعم العراق سيجلب مزيداً من المؤسسات المالية والاقتصادية الدولية متعددة الأطراف التي تقف إلى جانب البلاد في أزمته المزدوجة".

ويشير صالح إلى أن اقتران الأفكار بالأعمال سيبدأ بإصلاح مؤسسات الدولة ومؤسسات السوق معاً، ما سيوفر للبيئة الدولية الرؤية وخريطة الطريق الداعمة والمؤازرة لضمان النمو والازدهار في الاقتصاد العراقي على المدى البعيد.

حصر السلاح بيد الدولة

ومثل نجاح العراق في تخطي صعوبات قراره بخفض قيمة عملته أمام الدولار عاملاً مساعداً على انخراط فريق الاتصال الاقتصادي العراقي والمؤسسات الدولية في دعم إجراءات الحكومة العراقية للإصلاح الاقتصادي العراقي وجعله أكثر تحرراً من أعباء الإنتاج النفطي.

ووفقاً للبنك المركزي العراقي، فإن سعر الصرف الجديد يمر عبر مراحل عدة، بدأت بشراء الدولار من وزارة المالية مقابل 1450 ديناراً وببيع المصرف المركزي له إلى البنوك مقابل 1460 وبيعه للجمهور مقابل 1470.

ويرى عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي النائب جمال كوجر، أن هذه الدول تعتزم الانفتاح على العراق، مشدداً على حصر السلاح بيد الدولة.

ويضيف كوجر "هم يأتون إلى الدول المستقرة، واستقرار العراق يتطلب حصر السلاح بيد الدولة وحفظ سيادتها".

زيادة الاستثمارات

ويؤكد المتخصص في الشأن الاقتصادي حسن الشيخ أن "دعم دول فريق الاتصال الاقتصادي للعراق سيعمل على زيادة الاستثمارات في البلد وزيادة الدعم المالي والإعلامي، وعلى إحراز ثقة كبريات الشركات العالمية لزيادة استثماراتها"، مشيراً إلى "أنه سيراقب "الخطط الإصلاحية للعراق".

ويضيف الشيخ أن "التأييد الدولي سيعمل على تحسين التصنيف المالي للعراق، وسيعطي قوة للدينار العراقي، إضافة إلى أنه سيعمل على تسهيل منح العراق للقروض الدولية المستقبلية"، لافتاً إلى أن "هذه الدول لها تأثير على مستثمريها لإعادة الثقة في الاقتصاد العراقي، ما يشكل دعماً مهماً".

الكاظمي طمأن الجميع

وطمأن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي، خلال الاجتماع، فريق الاتصال الدولي، بأن سياسة العراق ثابتة في ما يخص سعر الصرف والوضع الأمني وتنظيم الانتخابات في موعدها المحدد، موكداً أن حكومته ماضية في الإصلاحات وتنفيذ الورقة البيضاء.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وتتضمن الورقة البيضاء التي كشفت عنها الحكومة العراقية في أكتوبر (تشرين الأول) 2020 سلسلة من التوصيات لإصلاح الاقتصاد العراقي وجعله متنوعاً لا يعتمد على إيرادات النفط فحسب، وتحدد خطوات خفض النفقات التشغيلية في الموازنة العراقية وخفض قيمة الدينار ووقف دعم قطاعات اقتصادية وزيادة الإيرادات غير النفطية عبر إصلاح قطاعي الجمارك والضرائب وإلغاء مزاد العملة في المصرف المركزي.

ويعد خفض قيمة العملة العراقية من أهم شروط المؤسسات المالية الدولية، ومنها صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، لدعم العراق في عام 2021، فضلاً عن إصلاح نظام البطاقة التموينية ووقف دعم الوقود وخفض نفقات الحكومة العراقية ومعدل الرواتب العام في البلاد.

ويرجح الشيخ دخول مبالغ من الإيرادات غير النفطية، مثل الرسوم الجمركية والضرائب والاتصالات، فضلاً عن توقع 60 مليار دولار واردات من الصادرات النفطية.

ويضيف الشيخ أن المجتمع الدولي يرغب في أن يسير العراق نحو مزيد من الإجراءات الإصلاحية، وألا يتأثر بأسعار النفط في الأسواق العالمية وضمان تنفيذ الورقة البيضاء، لافتاً إلى أن المجتمع الدولي سيتابع خطط العراق الإصلاحية حتى نهاية هذا العام، وسيرى ما تحقق ليقرر هل يواصل الدعم أو يغير سياسته.

ويشدد على ضرورة إحراز ثقة المجتمع الدولي من أجل أن يحقق العراق مزيداً من الاستثمارات وينتعش اقتصادياً.

المشورة الاقتصادية للعراق

ومنذ سقوط نظام صدام حسين في 2003، عقد صندوق النقد الدولي سلسلة من الاتفاقات مع الحكومات العراقية المتعاقبة التي أخرجت كثيراً من القطاعات من دائرة دعم الدولة وجعلتها أكثر كفاءة، كما حدث مع رفع الدعم عن أسعار المشتقات النفطية، ما ساعد على وقف تهريب جزء كبير منها إلى تركيا وإيران، فضلاً عن خطوات ساعدت في إعادة تنظيم محدود للاقتصاد العراقي، لكنها لم تستمر بسبب التدخلات السياسية.

ويقول رئيس مؤسسة المستقبل للدراسات الاقتصادية منار العبيدي، إن "ما تقدمه حكومات هذه الدول للعراق هو الاستشارة وموارد الدعم المالي ستكون في موارد معينة".

ويضيف العبيدي "سيقدم فريق الاتصال الاقتصادي المشورة للعراق في الجانب المالي والإصلاحات الاقتصادية، ولا يوجد إجبار للعراق على قبول تلك الاستشارات"، ملاحظاً أن "بعض الإصلاحات ستكون متضادة مع توجهات بعض السياسيين، وممكن ألا تطبق جميعها".