ارتفاع حصيلة العنف في الناصرية والمتظاهرون يفاوضون زعيما قبليا لإدارة المحافظة

آخر تحديث 2021-02-28 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

شهدت مدينة الناصرية مركز محافظة ذي قار العراقية، يوماً دامياً ثانياً ارتفعت فيه حصيلة قتلى المتظاهرين على يد الأجهزة الأمنية إلى 10، مع تسجيل إصابة 300 جريح، من دون بوادر في الأفق تؤشر إلى إمكانية تهدئة الأوضاع في المدينة على الرغم من استقالة المحافظ ناظم الوائلي وتعيين رئيس جهاز الأمن الوطني الفريق عبد الغني الأسدي كمحافظ مؤقت لإدارة المدينة إلى حين اختيار محافظ جديد.
ويبدو أن المتظاهرين يرفضون أي حلول تقترحها بغداد والجهات السياسية الفاعلة في المحافظة لشعورهم بأنها مجرد استهلاك للوقت كالعادة ولم تكن جدية في إيجاد حلول جذرية للمحافظة التي تشهد وضعاً مأساوياً في جميع الميادين واحتكاراً للسلطة والوظائف من قبل بعض الجهات السياسية.
وجاء رفض المتظاهرين ترشيح الأسدي الذي كان أحد ضباط الجيش العراقي السابق وفي جهاز مكافحة الإرهاب في سياق عدم قبول ترشيحات الحكومة المركزية، التي تقف خلفها الجهات المتنفذة في ذي قار بهدف الحفاظ على امتيازاتها ونفوذها في المحافظة، الأكثر تراجعاً على مستوى الخدمات قياساً بغالبية المدن العراقية الأخرى.

أكثر من تريليون دينار

والملاحظ أن قمع الاحتجاجات جاء بعد موافقة اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي على تخصيص أكثر من تريليون دينار في موازنة عام 2021 لإعمار المحافظة، الأمر الذي صلّب مواقف الكتل السياسية المتنفذة في المحافظة وجعلها ترفض تقديم أي تنازلات في مسألة اختيار محافظ جديد أو مسؤولين جدد في الدوائر الخدمية من خارج ترشيحاتها، إذ ترى أن هذه الأموال ستكون جزءًا مهماً من دعايتها الانتخابية في حال توزيع المشاريع وفق ما تراه.

الخيون قد يكون البديل

لكن التطور الأبرز الذي شهدته المحافظة خلال الساعات القليلة الماضية هو اجتماع ممثلين عن المتظاهرين بأمير قبيلة العبودة، الشيخ حسين الخيون لإقناعه بتولّي منصب المحافظ خلفاً للمستقيل ناظم الوائلي، إذ يُعدّ الخيون من أبرز شيوخ ذي قار المؤيدين للتظاهرات ولديه توجه رافض للنفوذ الإيراني والميليشيات في المحافظة.
وتعرّض الخيون في 25 فبراير (شباط) الحالي، لمحاولة اغتيال في مدينة الناصرية من قبل مسلحين مجهولين، أسفرت عن إصابة سائقه بجروح.
في المقابل، وفي خطوة لاحتواء الموقف والحدّ من تداعياته، أشار رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي إلى أن الإجراءات الأخيرة التي اتخذتها الحكومة المتمثلة في تكليف محافظ جديد للمحافظة وتشكيل مجلس استشاري مرتبط برئيس الوزراء وفتح تحقيق واسع لمحاسبة المسؤولين عن الأحداث الأخيرة، تمثّل مقدمة للشروع في حملة كبرى لإعمار المحافظة.
ونشر المكتب الإعلامي لرئيس الوزراء العراقي بياناً جاء فيه أن الكاظمي "أهاب بأهالي محافظة ذي قار وعشائرها، المساهمة في التهدئة لمنح الفرصة الكافية للإدارة الجديدة للقيام بمهماتها في خدمة أهالي المدينة". وأضاف البيان أن "الحكومة ستقدم كل الدعم لمحافظ ذي قار عبد الغني الأسدي والمجلس الاستشاري للنهوض بواقع المحافظة وتقديم الخدمات لمواطنيها".

  عنف مفرط

في السياق، قال الصحافي حسين العاملي إن "أهالي الناصرية يرفضون الفريق عبد الغني الأسدي محافظاً لذي قار لأنه كان قائداً عسكرياً، إضافة إلى أنه كان ضمن خلية الأزمة". وأضاف أن "تظاهرات المحتجين وعلى مدى خمسة أيام، تمحورت حول إقالة محافظ ذي قار ناظم الوائلي، إلا أنها جوبهت بالعنف المفرط، ما أدى إلى مقتل سبعة أشخاص وإصابة 250 آخرين من القوات الأمنية والمتظاهرين، ليأتي قرار الكاظمي بإقالة المحافظ الذي جاء متأخراً بعد الدماء التي سُفكت".
واعتبر العاملي أن "رفض المتظاهرين لتعيين الأسدي جاء لأنه كان عضواً قبل ثلاثة أشهر في خلية الأزمة التي شُكّلت للتحقيق باقتحام ساحة الحبوبي من قبل الميليشيات المسلحة الذي قُتل خلاله ثمانية متظاهرين وجُرح 80 آخرون ولم تقدم أي شيء للمحافظة فضلاً عن أنه قائد عسكري، والمدينة ليست ثكنة عسكرية ليتم تعيين عسكري".
وأشار العاملي إلى أنه "على الرغم من بدء التظاهرات منذ عام ونصف العام، إلا أن مطالب المحتجين لم يتحقق منها سوى إقالة رئيس الوزراء السابق عادل عبد المهدي وتشريع قانون الانتخابات"، مضيفاً أن "الناصرية تعاني من الفقر والجوع والبطالة وارتفاع نسب الجريمة وتفشي المخدرات والسرقة وتتصدر نسب الانتحار في العراق".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)


مقتل 6 وإصابة 314 شخصاً

من جانبها، أشارت مفوضية حقوق الإنسان إلى أن عدد ضحايا الاحتجاجات في الناصرية حتى يوم الجمعة (26 فبراير) بلغ ستة قتلى و314 جريحاً، محذرةً من تصاعد وتيرة التظاهرات لتشمل محافظات أخرى، وداعيةً رئيس الوزراء إلى إدارة المحافظة بالوكالة بصورة مؤقتة.
وقال عضو المفوضية أنس الطائي إنه "بحسب تقديرات فرق الرصد التابعة لمكتب محافظة ذي قار، فإن الحصيلة الإجمالية لضحايا العنف في مدينة الناصرية خلال خمسة أيام وحتى يوم الجمعة بلغ خمسة قتلى و314 جريحاً"، مبيّناً أن عدد القتلى ارتفع إلى ستة أشخاص قبل عصر يوم السبت.
وعلى الرغم من استقرار الأوضاع في بقية محافظات العراق، إلا أن محافظة ذي قار ما زالت ملتهبة بحسب الطائي الذي أكد فشل الحكومة الاتحادية في إخماد نار التظاهرات وعدم تحقيق لجانها التي أُرسلت إلى المحافظة أي نتائج تقنع المحتجين.

الكاظمي محافظ ذي قار

واعتبر الطائي أن "التغييرات الأمنية التي جرت في المحافظة لم تكن بالمستوى المطلوب ولم تستطِع الحكومة أن تكسب ثقة الشارع أو تسلّم قتلة المتظاهرين إلى القضاء أو تقضي على البطالة أو تقدّم الخدمات للمحافظة، ما أدى إلى خروج الأمور عن السيطرة"، مشدداً على ضرورة أن يتولّى الكاظمي إدارة المحافظة بالوكالة إلى حين تلبية المطالب واستتباب الأمن كونه يتحدر من تلك المحافظة.

الإحصاءات غير دقيقة

من جهة أخرى، أشار "المرصد العراقي لحقوق الإنسان" (منظمة غير حكومية) إلى حصيلة مغايرة لما أعلنته "مفوضية حقوق الإنسان"، إذ أكد أن عدد القتلى في ذي قار بلغ 10 أشخاص. وأضاف في بيان أن "على الكاظمي الإسراع بالإيعاز لإيقاف أعمال العنف في ذي قار"، محملاً محافظها والقيادات الأمنية فيها مسؤولية قتل المتظاهرين، فيما اعتبر أن الحكومة الاتحادية تستمر بتجاهل ما يتعرّضون له.