لماذا لاتوجد اتفاقية لحقوق العراق بمياه دجلة والفرات؟

آخر تحديث 2021-02-28 00:00:00 - المصدر: يس عراق

كتب سعد السام – خبير زراعي:

قبل فترة كتبت سؤال وهو: –

لماذا منذ تأسيس الدولة العراقية عام 1921 ولغاية اليوم لا توجد اية اتفاقية حول حقوق العراق بمياه دجلة والفرات علما ان النهرين هما عبر التأريخ باسم العراق لا بل سمي العراق بكل لغات العالم ميسو بتاميا او بلاد ما بين النهرين؟

السؤال أعلاه هو الذي مر بخاطري عندما عملت مستشارا لمعهد ستوكهولم للمياه والمشروع كان حول مشاكل المياه الحدودية بين العراق ودول الجوار. من خلال عملي ومن خلال الاطلاع على المعلومات المتوفرة أدركت انه لا توجد اية اتفاقية حول المياه بين العراق وكل من إيران وتركيا.

في الحقيقة احترت في امري كوني لم اكن أتوقع ذلك وقررت ان اعود للتأريخ عسى ان أجد جوابا. ومن خلال قراءة الخاتمة لكتاب خلاصة تأريخ العراق للمؤرخ أنستاس ماري الكرملي أدركت الحقيقة.

يقول انستاس في الخاتمة: –

تناوب على العراق أمم مختلفة وأقوام شتَّى في عصور عديدة، وليس بلادًا مثل هذه الديار تتابعت عليها الأجيال واختلفت عليها الأيادي إلا ما قَل وندر. وقد مر بنا ذكر أعظم هذه الشعوب، وفي الآخر وقعت في أيدي المغول على ما سبقت الإشارة إليه، ومنهم انتقلت إلى جماعة منهم يعُرفون باسم» جلائر «، وكان أحدهم، وهو» حسن بزرك «، قد أنشأ دولة في بغداد في سنة ٧٣٦ھ١٣٣٥/م عند وفاة أبي سعيد، وهذه الدويلة لم تعرف فإن آل» قرة قويونلي «(أي الخروف الأسود) أتوا في سنة ١٤١١ فأبادوها من بغداد.

ومن أخبار ذلك العهد أن الأمير الشيخ حسن المذكور لما دالت عليه الدولة فغلبه حسن الجوباني في معركة وقعت له معه في ديار إيران عاد أدراجه إلى بغداد، وكان فيها ابنه السلطان أويس بمنزلة حاكم فيها، َّ فاستقل بها مدة ١٧ سنة، وشيد مباني فخمة في النجف، وتوفي في بغداد في سنة ٧٥٧ھ ١٣٥٦ م، ودُفن في النجف بجوار مدفن الأمير.

منذ ذلك الزمان تتابعت على العراق حكومات منها موالية لتركيا ومنها موالية لإيران عندما كان الاتراك يحتلون العراق كانوا يعمرون جامع ابي حنيفة والكيلاني وعندما كان العراق يحتل من قبل إيران كانوا يهدمون الجامعين ولا تنسوا اعداد القتلى من الطرفين والاجبار على التحول من أحد المذاهب للأخر. الغريب في الموضوع ان الشاه عباس اجبر اهل السنة في إيران التحول للمذهب الشيعي كي يتمكن من طرد الاتراك من العراق.

قد يكون كلام انستاس على خطأ ولهذا السبب لنعود في الذاكرة الى ايام صدام حسين التي يتذكرها الجميع ونتذكر حربه مع إيران كونه من اهل السنة وكان لديه إحساس بطمع إيران بالعراق. الدليل الاخر هو احتلال داعش للمدن السنية وتدميرها بالكامل وبعد ذلك تم تحريرها من قبل إيران كون الفكرة بالكامل إيرانية من اجل السيطرة على العراق. أو بكلام اخر الحربين هما يحملان نفس الفكرة أعلاه أي الاستيلاء على خير ارض الله.

العراق والشعب العراقي ابتلوا بجارتين يحاول كل منها الاستيلاء عليه ألا وهما تركيا وإيران اللتان تسببا للعراق بمشاكل لا تعد ولا تحصى خلال أكثر من ألف سنة ونتيجتها الكره بين ما يسمى بأهل السنة وأل البيت وفي الحقيقة السبب الرئيسي للاختلاف هو أطماع الجارتين في خير بلاد الله.

هل تعلمون بماذا يذكرني العراق؟

يذكرني بتماثيل السومريين والبابليين التي اقتلعت عيونها كون العيون من الأحجار الكريمة التي تمت سرقتها من قبل من اكتشفها ان كان من الأهالي ام من المستشرقين.

ما اريد ان أقوله هو ان من واجب أي عراقي متعلم وشريف ويحب العراق توضيح الصورة للناس البسطاء الذين يؤمنون بالفكر الطائفي ويقول لهم ان الفرق بين اهل السنة وال البيت هو أطماع تركيا وإيران بخيرات العراق. والفترة الوحيدة التي عاش بها العراقيين بنعيم وتطوروا وتعلموا بسرعة فائقة هي فترة الاحتلال البريطاني للعراق وفي ذلك الزمان أصبح منهم خيرة العلماء والمهندسين والأطباء والشعراء واذكر منهم عمي الدكتور عبد الجبار عبد الله.

ولعلم الجميع منكم ان كنتم سنة ام شيعة تذكروا التأريخ وخلوا ببالكم هو ان العراق عين المنطقة التي تحاول ان تقتلعها دول الجوار كون العراق من أغلي الأحجار الكريمة. وفي حال لم تدكوا ذلك فأن مصير العراق الخراب.

في الحقيقة سبب عدم إدراك ذلك هو الظلم والقهر الذي عاشه وعاناه العراقيين. الذين أصيبوا بالإحباط خلال مئات السنين التي عاشوها وهم لا يعرفون من هو المحتل القادم؟

ولنعود للسؤال والذي جوابه هو ان دول الجوار تعتبر العراق ملكا لها وأن سكانه هم من الرعاع أو الهمج الذين لا يصح للجارتين العظيمتين ان توقعا معهم اتفاقا على المياه التي يعتقدونها انها ملك لهم.

شارك هذا الموضوع: