ترحيب العراقيين يتصدر تويتر: أهلاً وسهلاً البابا فرنسيس

آخر تحديث 2021-03-05 00:00:00 - المصدر: بغداد اليوم

بغداد اليوم _ بغداد 

يتفاعل الآلاف من العراقيين على مواقع التواصل الاجتماعي، اليوم الجمعة، مع زيارة بابا الفاتيكان فرنسيس إلى البلاد، وفيما وصل البابا وباشر بجدول الزيارة في العاصمة بغداد، تصدر وسم (أهلاً وسهلاً البابا فرنسيس) موقع تويتر ترحيبا بالزيارة.

وعبر الآلاف عن فرحهم بأهمية زيارة البابا إلى العراق والتي تؤكد على تاريخ البلاد العريق وروح التعايش المتأصله في المجتمع الذي يحتضن العشرات من الاديان والمذاهب.

واستذكر العراقيون ايضا آلاف الشهداء الذين سقطوا منذ سنوات وحتى اليوم في سبيل احلال السلام والأمن داخل البلاد، بعد معارك ضارية ضد الارهاب ومجاميع داعش.

وتلقت قطاعات واسعة من العراقيين الأنباء عن زيارة البابا بترحاب كبير، وازداد الارتياح حينما أعلن الفاتيكان قبل أشهر أن الزيارة لن تؤجل بسبب ظروف فيروس كورونا، وأن البابا قادم إلى العراق في مارس.

وأكد مراقبون ونشطاء إن الزيارة تمثل دعما لكل النسيج العراقي من جهة، وأيضا دعما لحق المسيحيين في البقاء في العراق من جهة أخرى.

وكان البابا قد حرص على ذكر العراق أكثر من مرة في الخطب والصلوات، كان آخرها حينما ذكر الإيزيديين العراقيين الذين ذكرهم في رسالة الميلاد، في ديسمبر الماضي.

وفي رسالة إلى العراقيين عشية توجهه للبلاد، قال البابا فرنسيس: "آتيكم حاجاً تائباً لكي ألتمس من الرب المغفرة والمصالحة بعد سنين الحرب والإرهاب".

وفي الزيارة البابوية الأولى إلى بلاد ما بين النهرين، شدد فرنسيس على فكرة "الحج"، كونه يقصد أرضاً تعدها الأديان السماوية "مقدّسة"، وشهدت عبور عدد من الأنبياء، أبرزهم النبي إبراهيم.

ويزور البابا الآن، كنيسة سيدة النجاة، وهي الكنيسة التابعة للسريان الكاثوليك التي شهدت حدثاً أليماً مساء الأحد 31 تشرين الأول 2010، أدّى إلى مقتل أكثر من ستين شخصاً، عند تفجير مسلحين من تنظيم القاعدة أنفسهم، بعد احتجاز المصلين رهائن في إحدى أكثر المجازر دموية بحق المسيحيين في العراق.

واخذت زيارة البابا المرتقبة إلى مدينة النجف، التي تحتضن مرقد الإمام علي بن أبي طالب، والحوزة العلمية التي خرّجت كبار علماء الشيعة ومنهم آية الله علي السيستاني الذي يلتقيه البابا السبت، اخذت جانبا كبيرا من تفاعل العراقيين على منصات التواصل، معتبرينها رسالة سلام كبيرة تعبر عن التعايش بين الأديان ومبعث عن التسامح وعدم الانجرار وراء الافكار المتطرفة.

وستكون محطّة البابا فرنسيس في النجف أول زيارة لشخصية مسيحية بهذا الحجم إلى محج شيعي مقدّس، يستقطب عشرات آلاف الزوار كل عام.

وبالرغم أنّ البابا سيزور مقرّ السيستاني القريب من الضريح لوقت لا يزيد عن الساعة، إلا أنّ بعض المغردين دعوه لزيارة المرقد أيضاً لكي يتفرج على قببه وجدرانه المذهبة، التي تجعل منه أحد أهم وجهات السياحة الدينية في العالم.

وستكون جولة البابا حافلة يوم غد السبت، فبعد زيارة النجف صباحاً، وبعد الصلاة الجماعية في أور، سيعود إلى بغداد للقداس مساء، في كنيسة القديس يوسف للكلدان في حيّ الكرادةـ التي شيدت في خمسينيات القرن الماضي، ودفن في باحتها عدد من الأساقفة الكلدان، لكنها حديثة نسبة إلى تاريخ الكنائس العراقية الضارب في القدم، والذي يرجعه المؤرخون إلى قرون المسيحية الأولى.

وما يميّز القداس المرتقب في كنيسة مار يوسف، أنّه سيصلّى وفق الطقس الكلداني الكاثوليكي، وهو طقس يؤدّى في الكنائس الكلدانية فقط، وباللغة الآرامية وهي اللغة التي تحدّث بها المسيح قبل أكثر من ألفي عام، ولا يزال عدد من مسيحيي العراق ينطقون بها.

ويعدّ الكلدان الكاثوليك الطائفة المسيحية الأكبر في العراق، يليهم الأشوريون، والأرمن، واللاتين، والأرثوذوكس، والبروتستانت، ويعترف الدستور العراقي بـ14 طائفة مسيحية.

وانخفضت أعداد المسيحيين بشكل حاد بعد الغزو الأمريكي عام 2003، ولاحقاً بفعل هجمات داعش بين عامي 2014 و2017. وبحسب تقديرات منظمة "عون الكنيسة المحتاجة" الخيرية، فإنّ عدد المسيحيين في العراق اليوم لا يزيد عن 400 ألف شخص.

ودعا البابا فرنسيس، اليوم الجمعة، المجتمع الدولي إلى دعم جهود السلام في العراق، وفيما شدد على ضرورة وضع حد لانتشار الأسلحة في كل مكان، أكد على ضرورة الاستماع لصوت البسطاء والفقراء، حسب قوله.

ووجه البابا في كلمة له القاها بقصر السلام في بغداد، "الشكر لرئيس الجمهورية برهم صالح على دعوته لي لزيارة العراق"، مضيفا: "إني ممتن لإتاحة الفرصة لي لان أقوم بهذه الزيارة، التي طال انتظارها الى هذه الأرض، مهد الحضارة، والمرتبطة ارتباطا وثيقا، من خلال النبي إبراهيم والعديد من الأنبياء".

وأضاف البابا، أنه "على مدى العقود الماضية، عانى العراق من كوارث الحروب وآفة الإرهاب، ومن صراعات جلبت الموت والدمار، ولا يسعني الا ان اذكر الايزيديين، الضحايا الأبرياء للهجمة عديمة الإنسانية، فقد تعرضوا للاضطهاد والقتل بسبب انتمائهم الديني، وتعرضت هويتهم وبقاؤهم نفسه للخطر".

ودعا البابا فرنسيس، المجتمع الدولي إلى أن "يقوم بدور حاسم في تعزيز السلام في العراق وكل الشرق الأوسط"، مبينا أن "التحديات المتزايدة تدعو الاسرة البشرية بأكملها في التعاون على نطاق عالمي لمواجهة عدم المساواة في مجال الاقتصاد، والتوترات الإقليمية التي تهدد استقرار هذه البلدان".

وأكمل البابا، أن "العراق مدعو إلى أن يبين أن الاختلافات يمكن أن تتحول إلى تعايش ووئام، ويجب تشجيع الحوار، وندعو إلى الاعتراف بكل المجتمعات والاتجاهات".

ودعا البابا فرنسيس السياسيين إلى "التصدي لآفة الفساد واستغلال السلطة"، مشددا على ضرورة "بذل الجهود لخلق فرص اقتصادية وتربوية وإجادة أعمال البناء من أجل نتيجة أفضل".

وأضاف، أن "جائحة كورونا تسببت في تدهور الظروف الاجتماعية والاقتصادية وهي تتطلب جهوداً مشتركة"، مشيرا الى أهمية وجود "توزيع منصف للقاحات، كما علينا الخروج من محننا بطريقة توحد ولا تفرق".

وأكمل: "صلينا لسنوات من أجل سلامة العراق، كفى عنفاً وتطرفاً وعدم تسامح، ولنضع حداً لانتشار الأسلحة في كل مكان ولنوقف المصالح الخاصة ولنعط مجالاً للتسامح"، مشددا على ضرورة أن "نتصدى للتوترات الإقليمية التي تعرض البلدان للخطر".

وتابع البابا فرنسيس: "أشجع الخطوات الإصلاحية المتخذة في العراق"، مبينا أن "تلبية الاحتياجات الأساسية للكثير من الإخوان تجلب السلام الدائم، والديانة يجب أن تكون بخدمة السلام والإخوّة، كما أنه يجب العمل من أجل تعزيز السلام في الشرق الأوسط وفي كل العالم".