كتب / عبد الهادي مهودر …
عٌرف عن أهل هذه الأرض حبهم للجدل بخيره المفضي الى تحري الحقيقة وشره الباعث على الخصومة ، وبالجدل من أجل الجدل حول كل شيء، وخلال الزيارة التاريخية للبابا فرنسيس كانت انظار العالم متجهة صوب بلاد الرافدين بينما كان ابناؤها يكثرون الجدل في كل صغيرة وكبيرة ، ومن أمثلة الجدل العراقي هو السؤال (وماذا سنستفيد من زيارة البابا ؟ ) وهو سؤال من صنف ( هي شنهي كورونا ؟) الذي جاءنا جوابه مدوياً بعد ان طوّر الفايروس نفسه في غضون سنة واحدة فقط ، وبينما تزيّنت المدن استعداداً لاستقبال البابا بطلاء وتبليط مايمكن طلاءه وتبليطه على وجه السرعة إستنكرنا حملات التجميل لأنها من أجل عيون البابا، على الرغم من الترحيب به واستحقاق الضيف الكبير لهذه الحفاوة ، ومع معرفتنا ان النجاح والفشل في ترتيبات الزيارة واقع تحت سمع وبصر وسائل الاعلام العالمية التي بثت على الهواء كل صغيرة وكبيرة ايضا وأمام أنظار العالم أجمع.
وما إن اقلعت طائرة البابا من مدينة روما حتى بدأنا بالجدل المبكر حول خط سير طائرة البابا في الأجواء العراقية واسباب تقليل سرعتها واستدارتها ودورانها فوق محافظة الأنبار ، وكان ذلك لضبط ساعة الهبوط في مطار بغداد في الوقت المحدد لها ، ولم ينته هذا الجدل إلا بروح المزحة العراقية التي أرجعت اسباب التأخير الى الإصرار على الضيافة ، حيث علّق صديق من الأنبار في أحد مجاميع الواتساب مازحاً (والله مايجيكم البابا إلا يتغدى)، ولا أحدثكم عن بقية فصول الجدل الكثيرة التي تعرفونها في محطات زيارة البابا الشهيرة.
صحيح إن زيارة البابا حفّزت الجهد الخدمي وحولت الدوائر البلدية الى خلايا نحل ومفاعلات تخصيب وكشفت ان ماينجز في سنة كاملة يمكن إنجازه في أيام معدودات ، ولذلك تمنى العراقيون أن يتأخر البابا وأطلقوا شعار ( لاتسرع يابا ) أملاً في المزيد من الخدمات ، لكن الصحيح ايضا هو ضرورة الالتفات للجدوى المتحققة من استقبال الوفود الكبيرة والسواح التي بإمكانها أن تحيي الأرض بعد موتها كما حصل في المدن والشوارع التي زارها البابا ، ولو نسعى لتحويل تراب مدينة أور وغيرها الى مراكز سياحية لما بقي شاب بلا عمل ولا شارع غير مبلط ولارصيف غير مصبوغ،ولاسترحنا من بعض الجدل، مع ان على هذه الأرض ما يستحق الجدل.