كتب / خيام الزعبي
من سورية إلى ليبيا والعراق تشعل تركيا أزمات وتدعم جماعات على حساب أخرى وذلك عبر توفير التدريب والسلاح لها كفرصة للنفاذ وتحقيق أطماعها في تلك الدول حتى وإن كان هذا يعني انتشار الإرهاب والدمار والخراب في المنطقة. فالتساؤل الذي يبرز هنا هو: ماذا حققت تركيا من الحرب على الشعب السوري بعد أكثر من 10 اعوام؟ وهل لدى أنقرة القدرة على ايقاف عدوانها على الشعب السوري ؟
ليس من شك في أن أردوغان مستمر بطموحاته السياسية والنفطية، إذ أعلن صراحة عن أنشطة بلاده المستقبلية في المنطقة، ضاربا عرض الحائط بكل المبادرات الإقليمية و الدولية لوقف الحرب هناك، ولا يخفى على أحد ضلوع تركيا في عدد من الصراعات العسكرية الدولية، ضد الدول المجاورة لها، مثل اليونان وأرمينيا وقبرص وكذلك ضد دول أخرى مثل اليمن والصومال إضافة الى مصر، كل هذه التصرفات تشير الى أن السياسة الخارجية التركية تزعزع بصورة متزايدة الاستقرار، ليس فقط بالنسبة لدول عدة، بل بالنسبة للمنطقة ككل.
عندما نتابع الأحداث في سورية وبرؤية تحليلية فأننا نكاد نجزم إن تركية على حافة الهاوية وذلك لتدخلها في أكثر من بلد لتحافظ على هيمنتها ونفوذها بالمنطقة في حلبة صراع مع سورية وحلفائها، هذه السياسة المتبعة من قبل تركيا جعلتها تخسر الكثير من قواها إقتصادياً، لذلك نحن على أعتاب متابعة مشهد جديد في المنطقة خصوصاً بعد حملة تحرير واسعة في الشمال السوري.
بذلك حرقت أنقرة سفنها مع سورية تماماً، ولقد سبق وأن أكدّت أكثر من مرة، بأن الدبلوماسية التركية أطلقت النار على أقدامها، لذا لا بد لتركيا بدلاً من اللعب بكرة النار التي قد تحرق أصابعها قبل غيرها، أن تبتعد عن لغة التهديد والوعيد وشن الهجمات، وأن تجنح إلى لغة العقل والمنطق والسلام التي تدعوا إليها الحكومة السورية باستمرار.
ولا يخفى على احد الفشل الذي حل بحزب العدالة والتنمية الحاكم في تركيا الذي وصل لنهاية دوره وجعلته في مهب الريح، بعد الهزائم المتلاحقة نتيجة الفشل السياسي الداخلي، والأزمة الاقتصادية، والسياسات المتهورة خارجياً، كما أن التدخل التركي في سورية محفوف ومليء بالمخاطر الإقليمية ويجب أن تضع أنقرة في حساباتها أنها تخوض حرباً مع جبهة المقاومة كما هي إسرائيل الآن.
اليوم سورية تتعافى، ما في ذلك شكّ، فهناك إنجازات إستراتيجية وعسكرية ملفتة، حيث نجح الجيش السوري في بسط سيطرته شبه الكاملة على مختلف المناطق والمدن السورية وتحريرها من قبضة مجاميع “ داعش” الإجرامية، في وقت سادت فيه حالة من الإرتباك والقلق لدى الأطراف الداعمة لتلك المليشيات وفي مقدمتها تركيا والعديد من الدول الغربية.
مجملاً…. من الآن الى أن يصحو الرئيس التركي ويدرك أن سلوكه سيجلب الويلات على تركيا، سيتسبب في كوارث كثيرة في المنطقة. لذلك فالعدوان وأدواته الى زوال على ايدي الجيش السوري مالم تلتقط تركيا اللحظة وتعي انها ترتكب الأخطاء الذي سيكون سبب زوالها من الخريطة والتاريخ. وإنطلاقاً من كل ذلك، يجب على تركيا إعادة النظرة في الرهانات السياسية والعسكرية الخاطئة قبل فوات الأوان خاصة بعدما بدأ الجيش السوري يزداد تقدماً إلى الأمام ببسالة وقوة منقطعة النظير في سبيل أن تبقى راية سورية عالية خفاقة.
وباختصار شديد، إن تركيا على أبواب سيناريوهات مرعبة ومخيفة لما يمكن أن تؤول إليه الأوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق يجب على تركيا أن تتأهب لمرحلة جديدة، فتركيا تتجه بسرعة كبيرة إلى فخ المستنقع السوري والليبي و… إذا استمرات حكومة أردوغان بالدور السلبي هناك، فالسؤال الذي يفرض نفسه هنا، هل بدأت تركيا بدفع الثمن كونها طرفاً أساسياً بالحروب والأزمات في المنطقة؟