ويسألونك عن الانفال.. ماذا يحدث بعد 33 عاما؟

آخر تحديث 2021-04-14 00:00:00 - المصدر: الاتحاد الوطني الكردستاني

تشكل حملات الانفال السيئة الصيت علامة فارقة في تاريخ العلاقات بين الحاكم والمحكوم، ففي سابقة تاريخية لا مثيل لها، اقدم النظام المقبور على عملية سميت بالانفال تيمنا بسورة قرانية، ضد من يفترض انهم شعبه، وعلى 8 مراحل، دفن اكثر من 180 الف كوردي بالجرارات في صحاري العراق، لا لسبب سوى هويتهم الكوردية الناصعة.

واليوم في ذكرى تلك العمليات المشؤومة، بعد 33 عاما، ماتزال مقابر جماعية متناثرة في السماوة تحديدا تضم رفات اطفال ونساء وشيوخ كورد، فيما نحو رفات 172 الف كوردي مؤنفل في دائرة الطب العدلي ببغداد. اضافة الى جوانب اخرى في ملف شائك ارث ثقيل لاهالي الضحايا والجهات التي تسعى لانصافهم.

استذكار المؤنفلين منذ 33 عاما

يستذكر جماهير كوردستان كل الاعوام، ضحايا حملات الشؤم البعثية ضد الكورد، بمزيد من الآسى والدموع كما جرت هذه المراسيم هذا العام في حلبجة وكرميان وجمجمال، وستجري بمناطق اخرى، عوائل الضحايا مصير المؤنفلين وفي قلوبهم الم عميق، حاملين صور الاعزاء الذي دفنوا بالجرارات دون رادع ديني او اخلاقي او انساني.. متى يصلون الى وطنهم؟ سؤال يردد كل عام، بجهود خجولة لا ترتقي الى مستوى الحدث، الابادة الجماعية، التطهير العرقي بسبب الهوية.

الطريق الى السماوة

يؤكد فؤاد عثمان المتحدث الرسمي باسم وزارة شؤون الشهداء والمؤنفلين، ان 3 آلاف من رفات المؤنفلين فقط تم اعادتهم الى اقليم كوردستان وذلك قبل اكثر من عام، لافتا الى وجود مقابر اخرى في منطقة " تل الشيخة" في بادية السماوة، من المقرر ان تتولى مؤسسة المقابر الجماعية التابعة لدائرة مؤسسة شهداء العراق استخراج رفات الكورد فيها.

ويضيف ان رفات 172 الف مؤنفل في دائرة الطب العدلي في بغداد، لم يتم نقلها الى مناطقهم لحد الان، لاسباب عدم وجود نصب للمؤنفلين وايضا الانتهاء من تحاليل الحمض النووي.

تباطؤ باعادة رفات الكورد المؤنفلين

ارتكب النظام المباد جريمة الانفال بحق الكورد خلال عامي 1987 ـ 1988،  وتم اسقاط نظام المقبور صدام عام 2003، ليقدم لاحقا الى المحكمة لينال جزاءه العادل، ومنذ التاريخ الاخير، مازال ملف المؤنفلين مفتوحا، عوائل الضحايا يبحثون عن اشلاء المفقودين، حسرات، مباحثات رسمية بين حكومتي الاقليم والاتحادية، مشاكل اخرى قانونية واجتماعية مازالت تفرض نفسها دون حسم الملف لا محليا ولا دوليا كجريمة حرب وابادة جماعية لا مثيل لها مطلقا.

تقول النائبة آرزو محمود عن كتلة الاتحاد الوطني الكوردستاني ان حكومتي الاتحادية واقليم كوردستان عليهما المزيد من العمل الجاد لاعادة رفات المؤنفلين الكورد الى ارض الاباء والاجداد.

ويقول الخبير جمال الاسدي: ان اول فريق تم تشكيله بدايات عام 2004 للتنقيب عن المقابر الجماعية، منوها الى انه احد المحاضرين بهذا الفريق الذي تشكل من 11 شخص 2 من اربيل وواحد من السليمانية والباقين من بغداد والبصرة، لافتا الى ان الفريق كان تابعا الى وزارة حقوق الانسان، وان الفريق عمل بمحدودية جدا كون الدولة كانت غير مهتمة بتثبيت المظلومية.

وتضيف آرزو: ان هناك "تباطؤ" بعملية اعادة رفات الكورد المؤنفلين من صحاري جنوب العراق، موضحة، ان مقبرة جماعية اكتشفت العام المنصرم ولم تتم اعادة رفاتها لاسباب فحص الحمض النووي DNA، لافتة الى ان هناك تقاعس من قبل حكومتي الاتحادية والاقليم بملف المؤنفلين واعادتهم الى ارض الاباء والاجداد.

وتؤكد محمود: ان تعويض عوائل الشهداء والمؤنفلين ايضا يحتاج الى اتمام فحص الحمض النووي لمعرفة هويات المؤنفلين، مشيرة الى عدم وجود نصب للمؤنفلين يستطيع ضم جميع رفات اكثر من 170 الف مؤنفل، لافتة الى ان الارادة مهمة جدا لاعادة الرفات بدلا من بيانات رسمية تصدر بالمناسبة، لا يرتقي الى طموحات ومطالب الضحايا.

علي الكيمياوي: يعدم اي شاب يبلغ من العمر فوق 13 عاما

يقول الخبير القانوني واحد اعضاء فريق اعداد الملف لجرائم النظام السابق فيما يخص موضوع جرائم الانفال، جمال الأسدي، ان كارثة وجريمة الانفال يندى لها الجبين، داعيا الى ان يتم ادراج هذه الجرائم في المناهج الدراسية وان تجمع الوثائق الخاصة في متحف خاص، ويشير متأسفا ان النظام الجديد لم يستطع ان ينظم محاكمة لازلام النظام السابق او لكل المشاركين في هذه الجريمة ولا استطاع بتعويض المؤنفلين والمتضررين من هذه العملية سواء بسكنهم او عوائلهم او ظروفهم النفسية والمعنوية، ويؤكد ان هذه المعاناة وان صدر بها قانون تعويض المؤنفلين الا انها لا ترتقي الى مستوى الظلم والتهجير والأذى الذي لحق بهم، مستطردا ان كانت الجرائم ضد المؤنفلين او ما حدث في مجزة حلبجة او شهداء الانتفاضة الشعبانية جنوبي العراق.

ويلفت الى انه ومهما قدمت الدولة لذوي المؤنفلين من تعويضات فهي لا تصل الى نسبة 1% من معاناتهم وما مروا به من ظروف، مردفا بالقول: "كنت مشاركا في اعداد الملف لجرائم النظام السابق فيما يخص موضوع جرائم الانفال، مدير مكتب التوثيق لمحاكمة تجريم النظام السابق cba، وان الوثائق التي كانت تصدر من القيادة العسكرية للنظام المباد وطريقتهم في اصدارها وطريقة القصف والاجرام والاعدام يصيب الاجساد القشعريرة، وكل الوئاثق التي كانت في اروقة قصر المقبور صدام ودائرة الاستخبارات ابان النظام البعثي".

ويتابع، انه وبعد اعداد الوئاثق وتنظيمها في اضابير ترسل الى تحقيقات المحكمة الجنائية المركزية لمحاكمة النظام السابق، معربا عن اسفه ان الفريق قدم 5% فقط من الوثائق منها، مؤكدا ان الوثائق كانت تشير الى ان المقبور صدام كان يوقع بيده على اوامر الاعدامات وقطع الرؤوس ضد الكورد، مؤكدا ضرورة اثبات حق المؤنفل كجريمة مرتكبة بحقه وان حقهم اكبر من الحقوق المادية للتاريخ وضرورة تحويل منازلهم واماكنهم وقراهم الى متاحف، وان مجزرة حلبجة كانت جريمة واضحة وتم التحقيق فيها بشكل جيد الا ان هنالك العديد من الجرائم الاخرى ومن ضمنها الانفال التي قصرت الحكومات في التحقيق فيها، وخير مثال على كلامي، على حد تعبيره، ان المجرم علي حسن المجيد كان يكتب لقائد الفرقة (ان يعدم اي شاب يبلغ من العمر فوق 13 عاما في قرية كاملة بدربنديخان).

 

التعويض المؤنفلين

يؤكد عبد الناصر أحمد عضو برلمان كوردستان ان اغلب اهالي ضحايا الانفال  يعيشون بواقع صعب، لافتا الى ان مناطقهم بحاجة الى ايصال خدمات اليها بشكل اكبر.

ويوضح، ان على الحكومة الاتحادية تقديم الاعتذار والدعم المادي والمعنوي لاهالي ضحايا الانفال، معربا عن اسفه  ان الحكومة الاتحادية وبعد مرور اكثر من 33 عاما على هذه الكارثة لم تعوضهم.

ويؤكد المكتب السياسي للاتحاد الوطني الكوردستاني في الذكرى الـ 33 على حملات الانفال المشؤومة بالاتي:

اولا: انه مع تعريف محكمة الجنايات العليا في العراق، الحملات كجرائم ابادة جماعية وجرائم حرب وانها ضد الانسانية، الا ان جميع الاجراءات الاخرى التي ترتبط بالملف مثل" اعتقال المطلوبين وتعويض المتضريين" غير منجزة.

ثانيا: عوائل المؤنفلين والناجين من حملات الانفال، يستحقون معيشة افضل، توفير ارضي سكنية، الخدمات، ضمن حقوق اولية لهم ومن اولوية واجبات حكومتي الاتحادية واقليم كوردستان. ضمن هذا الاطار، احدث قرار لحكومة اقليم كوردستان " توزيع عدد من الاراضي السكنية على عوائل المؤنفلين في كرميان، بجهود فريق الاتحاد الوطني الكوردستان" املين اتخاذ خطوات اخرى.

ثالثا: ان وبحجم جريمة الانفال، لم يتم التعريف بالحملات كجرائم ابادة دوليا، لذلك على حكومة وبرلمان كوردستان والاطراف السياسية، تفعيل جهودها ضمن هذا الاتجاه.

رابعا: ان الابادة الجماعية للايزيديين من قبل ارهابيي داعش، يثبت ان تلك العقلية التي اعطت الشرعية لحملات الانفال، مازالت باقية، ولم تجهض بيئة وارضية حدوث الابادة الجماعية.

ويؤكد ان جرح فقدان عشران آلاف من اعزائنا في حملات الانفال، لن يندمل في وجداننا ابدا، وتبقى حية في تاريخنا، وان الانفال والقصف الكيمياوي والضحايا والمآسي التي حلت بشعبنا، يجب ان تصبح مبعثا لاصلاح حقيقي ومكافحة الفساد وتقديم انموذجا مختلفا ومتقدما واكثر حرصا في الادارة، لكي يتفيأ في ظلها الكوردستانيون.

PUKmedia خاص