عامر بدر.. أهوار العراق في اللوحة

آخر تحديث 2021-04-15 00:00:00 - المصدر: العربي الجديد

بمزيح من الحنين إلى الماضي والرغبة في توثيقه بصرياً، يتناول الفنان التشكيلي العراقي عامر بدر مشاهد من ذاكرته الأولى في ريف بلاده، متتبعاً تراثاً من الحرف والمهن وأعمال الزراعة والطقوس الدينية والعادات وحركة المجاميع في المكان.

في معرضه الشخصي الرابع "حكايات جنوبية" الذي افتتح نهاية الشهر الماضي في "غاليري بولخري" بمدينة دنهاخ الهولندية، ويتواصل حتى الثامن والعشرين من الشهر الجاري، يقدّم ستّ عشرة لوحة تستعيد وقائع من شريط طفولته في أثناء الحرب العراقية الإيرانية (1980 – 1988) في الجنوب العراقي.

(من المعرض)

"أتذكر الهروب إلى المجهول"، بهذه العبارة يصف المعرض الذي يراكم أعمالاً تعكس جملة تحولات اجتماعية واقتصادية عاشها سكّان الجنوب، مشيراً في تقديمه إلى تحكّم الإقطاعيين بأراضي المنطقة وإنتاجها منذ مطلع القرن الماضي، وصولاً إلى الحرب، حيث جُفِّفَت مياه الأهوار، ما سبّب تدمير الزراعة التي كان يعتمد عليها الناس، ما دفعهم إلى الهجرة إلى المدن الكبرى.

يستخدم بدر الألوان الزيتية في تخليد اللحظة التي عاشها الجنوبيون قبل أن يقتلعوا من مكانهم، حيث كانوا يعيشون تعدّداً اجتماعياً بين مكونات مختلفة، لكنها تشترك في موروث من الأساطير ومشاعر موحّدة تجاه واقعهم وأزماتهم وأحلامهم وانكساراتهم.

(من المعرض)

تظهر في إحدى اللوحات مجموعة من الجواميس التي ترعى في الحقول وإلى جوارها يجلس فلاح يمسك بعصاه، بينما تقوم النسوة في الخلف بأعمال الزراعة، في استذكار للجاموس الذي شكّل مصدر رزق أساسياً تراجع مع الزمن بفعل الظروف القاسية التي حلّت بالعراق.

ويجسّد في لوحة أخرى مشهد التهجير حيث دُفع المئات إلى مغادرة أراضيهم والاغتراب عنها، ما أفقدهم إحساسهم بالأمان، مهتماً بإبراز الحركة والبعد الدرامي للموضوع عبر التركيز على التدرجات اللونية وتوزيع الظل والنور على جميع الكتل.

لا تغيب النساء عن معظم أعماله في محاكاة للواقع التي كانت فيه المرأة حاضرة في البيت والحقل وجميع مناحي الحياة، كما في لوحة "فاطمة" التي تُزهر تلك المرأة العجوز الوقورة التي استحضر من خلالها جدته حيث كانت تأتي من مدينة العمارة إلى بغداد بزيها الجنوبي والعصابة التي على رأسها، ومثّلت بالنسبة إليه نبع الحكايات التي قدّمها في المعرض.

يُذكر أن عامر بدر حاز درجة البكالوريوس من كلية الفنون الجميلة في بغداد حيث درس على يد العديد من الفنانين البارزين، مثل هناء مال الله، وشارك في العديد من المعارض الجماعية والفردية في العراق وسورية وبريطانيا، وهو مقيم حالياً في هولندا.