أطنان الأنقاض تتراكم في الموصل ومبادرة دولية لتدويرها

آخر تحديث 2021-05-06 00:00:00 - المصدر: اندبندنت عربية

بعد نحو أربع سنوات على طرد عناصر "داعش" من الموصل العراقية، لا تزال مشكلة الأنقاض التي خلفتها العمليات العسكرية في المدينة تمثل عائقاً كبيراً أمام إعادة الأعمار، وتطوير الخدمات المقدمة للمواطنين، خصوصاً في المنطقة القديمة، التي نالت الحصة الكبرى من الدمار.

وبحسب إحصاءات رسمية عراقية، فإن العمليات العسكرية في الموصل نتج منها نحو 7 ملايين طن من الأنقاض بعد تدمير أحياء بالكامل في المدينة القديمة فيها، المطلة على نهر دجلة، خلال المعارك التي شهدتها عام 2017 بين القوات العراقية ومسلحي "داعش".

وعلى الرغم من رفع آلاف الأطنان من الأنقاض من الشوارع والأحياء ضمن حملات دشنتها منظمات دولية بمساعدة السكان وفي بعض الأحيان بدعم من الأجهزة البلدية، فإن كثيراً من الأنقاض لم تُرفع، بسبب وجود القنابل غير المنفلقة والمتفجرات العالقة في هذه الأحياء، التي تمنع أي خطوة لإعمار هذه المناطق وإرجاع السكان النازحين.

مبادرة دولية

وضمن الجهود الدولية لإيجاد حل لمشكلة الأنقاض في الموصل، طرحت الأمم المتحدة والمنظمة الدولية للهجرة مبادرة بالتنسيق مع بلدية المدينة وبدعم من اليابان لإنشاء أول مركز لإعادة تدوير الأنقاض، يهدف إلى تخليص المدينة بشكل مدروس منها بشكل علمي، لتجنيب السكان مخاطرها.

وقال الوكيل الفني لوزارة الصحة والبيئة العراقية جاسم حمادي، "المبادرة توضح أنه بالإمكان إنتاج مواد مفيدة لجهود إعادة الإعمار من خلال معالجة الأنقاض، وخلق فرص عمل للعائدين في أوقات الشدة وتنظيف البيئة الحضرية". لافتاً إلى أن المبادرة "قادرة على تلبية الحاجات الإنسانية، وتحقيق أهداف التنمية المستدامة بصورة مشتركة".

نتائج إيجابية

من جهته، يقول مدير فرع الكوارث والنزاعات ببرنامج الأمم المتحدة للبيئة جاري لويس، "نتائج الفحوص المختبرية للمواد الإنشائية تؤكد أن الأنقاض المعاد تدويرها تمتثل للمعايير العراقية لتصميم الطرق". موضحاً، في بيان عن ممثلية الأمم المتحدة بالعراق، أن "هذه النتائج تمهّد المجال لإدراج مبادئ الاقتصاد الدائري في التعامل مع نفايات البناء والهدم الروتينية بشكل عام، بالتالي تعزيز نهج إعادة البناء بشكل أفضل للتعافي من الأزمات".

وقدمت اليابان حزمة مساعدات جديدة للعراق بقيمة 50 مليون دولار، لتنفيذ المبادرة في محافظة نينوى أولاً، ومن ثم مدينة كركوك.

وقال السفير الياباني في العراق كوتارو سوزوكي، إن إعادة تدوير الأنقاض "سيحسّن البيئة الحضرية وينتج مواد لبناء الطرق، وكذلك يخلق فرص عمل للشباب"، مبيناً أن بلاده تريد "مساعدة أهالي الموصل في جهودهم لإحياء مدنهم وإعادة بناء حياتهم مرة أخرى".

ويعد ملف الأنقاض في الموصل من أهم المشكلات التي تعانيها المدينة منذ إعلان تحريرها بشكل كامل في يوليو (تموز) 2017، حيث عرقل إعادة الأعمار وجمّد الحياة في المنطقة القديمة، بسبب وجود قنابل غير منفلقة وأعتدة ضمن الأنقاض لم يُتعامل معها حتى الآن من قِبل الجهات المختصة.

كيف نستفيد من الأنقاض؟

يمكن الاستفادة من الأنقاض المنتشرة في الموصل في عدد من مجالات البناء والأعمار وتعبيد الطرق، بحسب ما يرى ناشطون في المدينة.

يقول رئيس منظمة عين الموصل أنس الطائي، "نتجت الأنقاض عن أبنية قديمة وحديثة، وهو ما يمنحنا إمكان الاستفادة منها في بناء البيوت التراثية". موضحاً، "يوجد موقعان للطمر الصحي أو مكان لتجمع الإنقاذ، وهما في مدخل الموصل التي تعتبر من الأماكن الجبلية السياحية، وهناك آلاف الأطنان من الحجارة ضمن الأنقاض تعود إلى فترات متعاقبة سواء قديمة أو جديدة، يمكن استغلالها في بناء وتعبيد الطرق".

ويضيف الطائي، "بالإمكان أيضاً الاستفادة من حديد التسليح ضمن الأنقاض ومخلفات الحديد الناتجة من السيارات المحروقة التي يمكن إعادة تدويرها من جديد، بهدف خدمة عملية التنمية والأعمار في المحافظة".

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

الفساد يعرقل رفعها

ويبدو أن بعض نواب محافظة نينوى غير متفائلين بتحقيق المبادرة أهدافها في رفع ملايين الأطنان من الأنقاض خلال وقت قصير. يشير النائب عن محافظة الموصل أحمد الجربا إلى وجود ملايين من الركام في الموصل لم يرفع الكثير منها، خصوصاً في المدينة القديمة حتى الآن، معرباً عن شكوكه بتنفيذ مشاريع تدوير الأنقاض في الوقت الحالي داخل الموصل بدعم من المنظمات الدولية.

يقول الجربا، "تدوير النفايات يحتاج إلى تقنيات متطورة، ربما لن تصل إلى الموصل خلال وقت قريب". مشيراً إلى أن ملايين الأطنان في المدينة القديمة "لم تُرفع حتى الآن، رغم العروض التي قدمت من بعض المقاولين، لرفعها والاستفادة من بعض مواد تلك الأنقاض".

ويعزو النائب عن محافظة نينوى عرقلة جهود رفع الأنقاض خلال الفترة الماضية إلى "الفساد المستشري في المحافظة"، لافتاً إلى أن التخلص من هذه الأنقاض "يحتاج إلى نحو خمس سنوات في أقل تقدير يجري خلالها وصول التقنيات الحديثة القادرة على تدويرها".

وربما يمثل استمرار تنفيذ قرار الحكومة العراقية بمنع التحويل المالي بشكل مباشر إلى داخل الموصل، إحدى العقبات التي تعرقل عمل الشركات سواء في ملف رفع الأنقاض أو في التنمية والأعمار في المحافظة، إذ تحتاج الشركات العاملة في المدينة إلى وقت طويل للحصول على مستحقاتها.

ومنذ عام 2015 اتخذت الحكومة العراقية قراراً بمنع التحويل المالي إلى داخل المدن التي سيطر عليها "داعش"، منها الموصل، سواء كان من خارج أو داخل العراق، مما أثر سلباً في الحركة الاقتصادية في المدينة، وأدى إلى ضعف حركة المصارف والحركة الاقتصادية، واقتصر دورها فقط في تسليم الرواتب واستبدال العملة.