مع قرب اجراء الانتخابات التشريعية المبكرة في العراق يوم 10 تشرين الاول المقبل، وما قد تفضي له الانتخابات من تغيير في الخارطة السياسية وسط تشكل وتشكيل تحالفات سياسية جديدة في البلاد، فإن الدول الغربية تتطلع الى لعب دور في العراق سواء على الصعيد الاقتصادي او السياسي، بل ان مراقبين لا يستبعدون ان يكون هناك تدخل من هذه الدول في رسم شكل الحكومة المقبلة لتضمن لنفسها موطئ قدم يخدم مصالحها وعلاقاتها مع العراق.
الخبير الامني هيثم الخزعلي يرى ان الولايات المتحدة والدول الاوروبية تهتم بالعراق لما فيه من ثروات وفرص استثمار كبيرة.
ويقول الخزعلي في حديث لـ PUKmedia، ان "هناك رغبة للولايات المتحدة بتقليل وجودها في منطقة الشرق الاوسط والتوجه نحو التهديد الاهم وهو مواجهة التهديد الروسي والصيني في كل من اوكرانيا وبحر الصين الجنوبي، وبالتالي بدأت بتقليل عدد قواتها في المنطقة وسحب منظومات الدفاع الاخيرة في هذا السياق، وهي تحاول ان تجعل الناتو يحل بديلا عنها في هذه المناطق، وشاهدنا تحركات ووجود للقوات البريطانية والفرنسية وحتى تركيا تحاول ملء هذا الفراغ بالتوسع في عدة دول موجودة في المنطقة".
ويضيف الخزعلي ان "من الطبيعي ان تهتم هذه الدول بالعراق لما فيه من ثروات وموارد وفرص استثمارية كبيرة، وفرنسا قبل سنة قام رئيسها ايمانويل ماكرون بزيارة بغداد وتحدث عن عدة اتفاقيات مع العراق، وتحدث عن برنامج اوزاك النووي الذي كان يطوره العراق بواسطة خبراء فرنسيين ، كما تحدث عن مصادر الطاقة النووية وهي الطاقة الحديثة والنظيفة في العالم".
واشار الخزعلي الى ان "هناك تنافس بين الفرنسيين وبعض الدول الاوروبية والاتراك في ليبيا او شرق المتوسط او حتى في العراق ومناطقه الشمالية، وهناك تنافس على مطارات الموصل وشنكال، وكلا الطرفان يطمحان في الاستثمار في هذه المنطقة"، معربا عن اعتقاده بأن "هذه الدول ستسعى الى ايجاد فرص استثمارية لشركاتها وتحاول تكوين علاقات مع بعض السياسيين وربما دعم بعض الجهات السياسية لتحصل لها على موطئ قدم بالعملية السياسية العراقية ينعكس بآثاره الاقتصادية والسياسية على وجودها في العراق".
من جانبه اكد المحلل السياسي علي البيدر ان هناك رغبات من عدة دول ببناء علاقات مع العراق، ورغبات دول اخرى لها علاقات مع العراق بتعزيز هذه العلاقات.
ويقول البيدر في حديث لـ PUKmedia، ان الدول السبع الصناعية في بيانها الختامي في اجتماعاتها الاخيرة ابدت الاهتمام بالعراق ودعمه، مشددا على ان اهتمام دول العالم وخصوصا مجموعة الدول السبع لم يأت من فراغ فالعراق يمتلك الكثير من الامكانيات وموقعه الجغرافي يؤثر في ارداتاته الامنية والسياسية على المنطقة برمتها.
وأضاف بأن مجرد تداول اسم العراق وطرحه في هكذا محافل يعتبر خطوة نحو الامام بسبب تطلع الدول ورغبتها في اقامة علاقات ايجابية مع هذا البلد وتقيم بالاساس هذه العلاقات وترغب بتعزيزها.
لكن البيدر يرى ان توجه هذه الدول الى الاستثمار في العراق "يحتاج الى الامان والعراق لم يستطع حتى الآن توفير بيئة استثمارية آمنة لكبرى الشركات العالمية وحتى على مستوى شركات القطاع الخاص في العراق هناك تخوف من الدخول في عملية استثمار جديدة وتعتبر مجازفة
في ظل وجود الجماعات المسلحة والسلاح المنفلت لا يمكن اقامة هذه البيئة".
ويشدد البيدر على الحاجة الى دور عالمي لتأمين هذه البيئة عبر تلك المجموعة ان كانت جادة في اقامة مشاريع استثمارية كبرى".
الخبير الاستراتيجي احمد الشريفي ان الدول الغربية تتعامل مع العراق بوصفة عقدة استراتيجية لها، ويرون ضرورة ان يكون العراق دولة مؤسسات.
ويقول الشريفي في حديث لـ PUKmedia، ان الدول السبع طرحت في اجتماعاتها الاخيرة جملة من القضايا التي تتعلق بمنطقة الشرق الاوسط فيما يتعلق بأمن الطاقة ودور الاتحاد الاوروبي الواعد في المنطقة وبالتحديد في العراق، مضيفا هم يتعاملون مع العراق بوصفة العقدة الاستراتيجية لها بالنسبة للاقطاب الثلاثة (بريطانيا، فرنسا، والمانيا).
وأضاف انه "انطلاقا من هذا الامر وتقويضا للنفوذ الايراني وجدوا ان تعزيز القدرات للجهد الامني والعسكري هو بمثابة احداث نوع من التفوق لمؤسسات الدولة على الاجنحة المسلحة للاحزاب ومليشياتها"، مشددا على ان هذه الدول ترى ضرورة ان يكون "العراق ضمن المواصفات التي تقبل دوليا وأن يكون دولة ذات مؤسسات ودولة قانون، لذا يلجأون الى تعزيز قدراته الامنية حتى يصار الى تضييق الخناق على الفصائل".
ويرى الشريفي ان العراق في قادم الايام سيكون تحت نظر الارادة الدولية والاتحاد الاوروبي، وسيكون هناك توجه فرنسي للاستثمار في مجال الطاقة والمانيا لدعم العراق وقواته المسلحة بشكل عام والبيشمركة بشكل خاص، مشيرة الى ان الاهم انه في المرحلة المقبلة وفي تشكيل الحكومة الاتحادية ستكون بريطانيا حاضرة وبقوة في هذه العملية.
PUKmedia / فائق يزيدي